|
اقتصاد عربي دولي ولعل لدى أصحاب هذا الرأي ما يؤيد قولهم بعوامل القوة وخاصة بعد أن قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قبل أيام إن الاقتصاد الألماني الذي تحركه الصادرات دخل فيما يبدو بحالة ركود بسيط في الأشهر الأخيرة من عام 2011 نتيجة ضعف التجارة العالمية وتدهور سريع للثقة بسبب أزمة الدين في منطقــة اليورو.
والمنظمة التي ذكرت في توقعاتها الاقتصادية،نصف السنوية،أن يواجه الاقتصاد الأوروبي فترة ضعف تعكس تراجع الثقة على المستوى العالمي ومعدل نمو أبطأ للتجارة العالمية وهو يصيب غالبا ألمانيا أكثر من غيرها نتيجة تراجع الصادرات والاستثمارات، ذهبت بعيدا في تقدير معدلات النمو خلال السنوات القادمة رغم ما ذكرته عن حالات التراجع القاسية التي نتجت عن نقص الصادرات بسبب ضعف الطلب العالمي على المنتجات والقلق الذي يسود أسواق الإنتاج من نشوب صراعات دموية من شأنها قلب الطاولة وبعض العروش المهددة أصلا بالانهيار. ومع ذلك فقد توقعت المنظمة نمو أكبر اقتصاد أوروبي 3% العام الجاري يليه نمو متواضع بنسبة 0.6٪ في العام التالي مع تراجع الصادرات، وهبوط معدلات الاستثمار بسبب تردد الشركات الاستثمارية من الدخول في استثمارات لا تتحقق فيها شروط الأمان. وفي الوقت الذي توقعت فيه المنظمة أن يبلغ معدل النمو 1.9٪ عام 2013، فقد بدت أكثر تشاؤما من توقعات حكومة أنجيلا ميركل التي قلصت توقعات النمو في العام المقبل إلى 1٪ في الشهر الماضي من 1.8٪ في توقعات سابقة بسبب خفض التوقعات الخاصة بالصادرات. البحث عن خطط طوارئ وكانت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (تأسست عام 1961) خفّضت في تقريرها نصف السنوي حول الآفاق الاقتصادية، تقديراتها السابقة المعلنة في أيار الماضي وأكدت ضرورة أن تبقي دولها الأعضاء (34 عضوا) على سياسة نقدية ميسرة إلى حد كبير، في ضوء التوقعات الاقتصادية الضعيفة، ما يعني أسعار فائدة متدنية جدا لحدود الصفر في معظم الأحوال،ومزيداً من الدعم من خلال إجراءات غير اعتيادية. وحضّت السلطات النقدية في معظم الدول على إعداد خطط طوارئ تساعد على المواجهة وتعزز من قدرة الاقتصاد على الصمود وخفض الرأس عند قدوم العاصفة كما يقولون. التداعيات الملفت في تحذيرات المنظمة تخوفها من أن تلك التداعيات لن تقف عند دولة بعينها فأمواج التأثر ستطول الجميع مهما حاولوا إخفاء رؤوسهم عما تحمله لبلدانهم، لكنها في الوقت نفسه قبلت أن تلعب دور الناصح الواعظ حيث حضت الحكومة الإيطالية الجديدة على تكثيف جهودها لخفض العجز إذ ينتظر أن يدخل الاقتصاد في ركود وينكمش بما يصل إلى 0.5٪ العام المقبل. وعزز تقرير المنظمة المخاوف المتزايدة من أن يكون ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا قد دخل بالفعل في الركود ما يهدد بعدم تحقيق أهداف الموازنة. وخفضت المنظمة توقعها للنمو البريطاني عام 2012 ونبهت إلى أن بريطانيا ستنزلق إلى ركود متوسط في أوائل العام المقبل مشيرة إلى أن الحكومة قد تحتاج للتخفيف في شكل مؤقت من إجراءاتها التقشفية المتشددة إذا ازدادت الأوضاع سوءاً. وأكدت أن فرنسا ستحتاج إلى مزيد من إجراءات التقشف لتتمكن من تحقيق المستوى المستهدف للعجز العام المقبل ما لا يترك مجالاً لإجراءات حفز لا تهدد بخفض تصنيفها الائتماني. وأشارت إلى أن معدل نمو الاقتصاد الفرنسي سيتراجع إلى 0.3٪ العام المقبل. الديون السيادية من جديد إلى ذلك أقر وزراء مالية منطقة اليورو الثلاثاء الماضي تفاصيل تعزيز صندوق الإنقاذ للمساهمة في منع أزمة الدين من الامتداد إلى أسواق السندات تحت ضغط من الولايات المتحدة ووكالات التصنيف لاحتواء الأزمة القائمة منذ عامين. من جانبها دعت الولايات المتحدة القلقة حيال تداعيات أزمة الديون على اقتصادها، الاتحاد الأوروبي إلى التحرك «بقوة وعزم» من اجل حل هذه الأزمة، مبدية «استعدادها للقيام بما يتوجب عليها لمساعدة القارة العجوز في السيطرة على الوضع». وضغط الرئيس الأميركي باراك أوباما على مسؤولي الاتحاد الأوروبي للتحرك بسرعة وحسم لحل أزمة الديون السيادية التي تضر بالاقتصاد الأميركي.مؤكدا صعوبة إيجاد فرص عمل إذا تقلص الاقتصاد في أوروبا وإذا كانت أوروبا تمر بصعوبات،مؤكدا حرص بلاده للقيام «بما يتوجب عليها لمساعدة الاتحاد الأوروبي لحل هذه المشكلة». والملفت هنا أن هذه التحذيرات جاءت بمثابة خطوة جادة تستبق فيها الوكالات اجتماعات وزراء مالية دول اليورو وعددها 17 دولة التي يفترض أن تضع تفاصيل إقراض صندوق الاستقرار المالي الأوروبي حتى يمكنه مساعدة ايطاليا أو اسبانيا إذا احتاجتا مساعدة، كما يحتمل أن تقر صرف الشريحة التالية من القروض الطارئة لليونان وايرلندا. فهل تنجح الحلول الإسعافية في وقف هجوم أمواج الكساد على دول تمر اليوم بأصعب حالات التحدي الاقتصادي، وهل ستفيدها النصائح الأميركية التي تعجز إدارتها عن مجرد الوصول لاتفاق بين مكوناتها السياسية لتواجه أزماتها المتلاحقة، أم انه من العدالة الإنسانية أن تشرب هذه الدول من الكأس المر الذي تسقيه للعديد من الدول المسالمة والشعوب المتطلعة للحياة؟ |
|