|
رؤية وفيه رأى الأخطل الصغير جنان الخلد الموعودة،أما الكاتب البريطاني «باتريك سيل» فقد رأى دمشق شامة على خد الصحراء السورية، كوّنها بردى الذي أقام واحة في الشام ما وفّر القاعدة لمدينة خالدة . وبما أن دوام الحال من المحال، والتغير والتغيير من سنة الحياة فقد اتسعت المدينة مع اتساع رقعة الأوزون، وحلت عوضاً عن الرياض الوارفة والبساتين الفيحاء كتل من الإسمنت، وأصبحت المدينة تربض تحت رياح سوداء ثقيلة، وجفت عروق الأنهار السبعة، وتصلبت شرايين بردى ليصبح مرتعاً للحشرات، ومستودعاً للقمامة،وبؤراً للجراثيم ومرمى للنفايات، وبعد صرخات من هنا واستغاثات من هناك، أقيمت حملة لغسل التعب عن كاهل النهر انطلقت منذ خمسة أعوام وجاءت بزخم كبير واستجابة مميزة من الجهات الأهلية والحكومية لتثبط بعد ذلك الهمم ويسكت النهر فلا نسمع إلا أنينه وحنينه إلى الأيام الخوالي،وأنباء عن تشكيل لجان وفرق عمل تضع تصورات أولية عن الوضع البيئي له،وصولات وجولات والنتيجة يعود بردى كما وصفه المرحوم «ممدوح عدوان»..متمهلاً يمشي وخوف الناس في عينيه كالمبضع..وطحالب على ضفتيه تمصّّ صرخته فلا يسمع ..متوجعاً ينسال ويشقق راحتيه على الضفاف ولايمس الماء..كانت له ذكرى وذاكرة لكنها ذكرى بلا أسماء فلقد تراكم غيظه لما تداوله جنون بنيه والأعداء..متمهلاً يمشي وقد أضحى بلا طاقة طعنوه مرات فلم يُضرع. فهل سيفتح قريباً شريان دمشق فتنام الأشجار غافية على سريره ونعود نجلس مرتاحين على كتفه ونبل قلوبنا من برداه مترنمين بأغنية فيروز «بردى هل الخلد الذي وعدوا به إلاك بين شودان وشوادي؟!» |
|