|
جون افريك آخر أفلامه ( معجزة سانت آنا ) , حتى قبيل الانتهاء من عمليات تصويره , و كالت له الاتهامات بنسبة تارة الى نزعة التعديلية , و تارة أخرى الى مزوري التاريخ , مجموعة المحاربين الايطاليين القدماء ضد النظام الفاشي و حلفائه النازيين خلال الحرب العالمية الثانية . و لم يعتد المخرج لي , المعروف باعتزازه و ثقته بنفسه و أفكاره تلقي دروساً في الأخلاق , و أن يكون ذلك حول فيلم يدافع فيه , كما في جميع أفلامه عن قضية يعتبرها ( مطابقة سياسياً للواقع ) , حيث يثير في الفيلم قضية طوى عليها النسيان حول مشاركة جنود سود اميركيين في الحرب ضد قوات دول المحور من أجل تحرير اوروبا . و في تعليق له خلال تقديمه لفيلمه في روما , قبيل عمليات التصوير شرح قائلاً ( إن الجنود الاميركيين الذين قاتلوا من أجل الديقراطية ليسوا فقط بيضاً , المثل الأعلى ليس جون واين .. لقد استبعدت هوليوود , و بشكل منهجي , السود , و ما زالت تفعل ) . و لكن هنا , ليست هوليوود جهة الاعتراض . بل هي شريحة من الجمهور , و السبب , أنه و في بداية الفيلم , يعرض المخرج لمشاهد من المجزرة سانتا آنا في ايطاليا , التي راح ضحيتها / 560 / مدنياً في إحدى القرى , قتلوا بدم بارد على يد النازية . الأمر الذي فهمه المحاربون القدماء في ايطاليا , و كأن جريمة الحرب تلك قد حدثت بتحريض غير مباشر من قبلهم , أي أنها اقترفت كرد فعل في تواجدهم في القرى, كما اثار ذلك أحد الحوارات . و الحقيقة أن تلك المجزرة من وجهة نظرهم - اقترفها مجرمو حرب تابعون للقوات النازية و الفاشية , و الذين لا يعيرون أهمية لتبرير أفعالهم بدواعي الحرب و من هنا شن الهجوم الشرس على المخرج سبايك لي . و قبيل ذلك بعدة أسابيع ثارت فضيحة اخرى في برلين حول فيلم آخر تدور أحداثه خلال نفس تلك الفترة , يقوم فيه الممثل توم كروز بتجسيد دور البطل الألماني الشهير المناوىء للزعيم هتلر و هو فون ستوفنبرغ , و بالتالي وضعه في قفص الاتهام . إذ لم يحتمل احد ابناء البطل المذكور قيام نجم هوليوودي معروف بانتمائه الى أحد الكنائس ( الكنيسة العلمية ) و هي المتهمة بأنها ( طائفة ) بتجسيد دور أبيه على الشاشة , خشية من تلويث الصورة العظيمة لوالده و كذلك للمقاومة الألمانية ضد النازية من خلال فيلم ( يشوه بشكل رهيب التاريخ ) . و يتجلى من خلال هذا السياق , في تلك الحالتين , أن الفن السابع و حينما يتصدى للواقع بدلاً من الحلم , و يلامس المواضيع الحساسة لن يكون في منأى عن الهجوم و الممانعة . و لا يكفي أن يقال ( تلك هي سينما ! ) لإبطال تأثير الانتقادات ( و لو بشكل مؤقت ) . إن سحر شاشات السينما , في هذا العصر الذي تسيطر عليه الجماليات و الأخلاقيات المرئية ليست كافية لحماية المخرجين و الممثلين ,حتى يثبتوا بالتمثيل , في أضعف الايمان , ما توضحه هذه الافلام ( المشتبه بها ) بشكل حقيقي . و في حين تنتشر الأفلام الطويلة الخيالية المستمدة أحداثها من الواقع حسب الصيغ المستخدمة , حيث تتلاشى رويداً رويداً الحدود بين الوثيقة و الخيال , فإننا نتوقع ازدياد الجدل على هذا النوع من الافلام . و حتى و لو استطاعت هذه الأفلام تحقيق جماهيرية , فهذا ليس بالضمان . و لا سيما إن قاد ذلك العديد من المنتجين شديدي التأثير الى الإحجام عن المغامرة بها و دعم أي مشروع تعتبره هذه المجموعة أو تلك ( غير سديد ) . و لحسن حظنا , أننا لم نتوصل بعد الى تلك الحالة .. |
|