|
مراسلون
إن حالات التلاعب والغش تكاد لا تنطبق على سلعة بعينها دون سواها بل تكاد تطال كل ما له علاقة بحاجات ومستلزمات العيد. ولا تقتصر فوضى الأسعار على سوق دون آخر فالذين قصدوا أسواق الألبسة لاحظوا التفاوت في الأسعار لذات السلعة ومن ذات المواصفة والجودة, ففي الأسواق الراقية والمشهورة في دمشق الأسعار تفوق قيمتها الحقيقية في حين أن ذات السلعة تعرض بسعر أقل في أسواق أخرى من دمشق ويكفي أن نذكر أن إحدى الفتيات اشترت للعيد بعض الألبسة وهي عبارة عن تنورة وبلوز وحذاء وحقيبة وبسعر 5500 ليرة سورية من سوق الحمرا بدمشق في حين أنها وجدت نفس البضاعة في سوق آخر بدمشق بسعر لا يتعدى 2500 ليرة. إن الاتكاء على سياسة تحرير الأسعار والخضوع لمبدأ العرض والطلب جعل الكثير من التجار يتجاوزون ويتفردون في طرح المنتج الذي يرغبونه وبالسعر الذي يريدونه?! كما سبق وقلنا إن فلتان الأسعار والفوضى السائدة للأسواق تختلف من سوق لآخر, فمثلما هناك الأسواق الراقية, وكما يحب البعض أن يسميها أسواق المنتجات عالية الجودة وكذلك الأسواق الشعبية فإن هناك أيضا سوق الألبسة المستعملة (البالة) والتي ازدهرت أحواله في الأعوام الماضية نتيجة ارتفاع الأسعار وعدم حضور التكافؤ بين الرواتب والأجور ومتطلبات الحياة المعيشية فهذا السوق أي سوق البالة اصابته العدوى وارتفعت أسعاره بشكل جنوني بحيث صارت بعض القطع تباع بأسعار قد تفوق الأسواق الراقية في دمشق والسبب كما يدعي أصحاب المحلات أن عملية إدخال هذه الألبسة تكلف كثيرا لأنه غير مسموح إدخالها وكذلك ثمن البضاعة يتم دفعها بالعملة الصعبة. بكل بساطة يمكن القول إن الكثير من مظاهر تجاوز الأسعار تحكم الأسواق عشية الأعياد..والسؤال الذي يطرحه الكثيرون: أين الموضوعية في عملية التسعير للمواد وما المبررات في امكان العثور على سلعة بعينها بأكثر من سعر مع أنها من منتج واحد ومصدر واحد?! الاعتقاد السائد اليوم أن عملية تحرير الأسعار ودون حضور الشروط الاقتصادية السليمة والتي تتوازى مع هذا التوجه اسهم الى حد كبير في فلتان الأسعار. لقد كان الهدف الأساسي من عملية تحرير الأسعار تكريس المنافسة السلعية وتحريك الأسواق لكن الأمر الذي يجب الاعتراف به أن تلك الأهداف منوطة بولادة اقتصاد السوق الذي لا يعترف في كثير من حالاته بسياسة الحماية للسلع المنتجة محليا, وحين قامت الحكومة بتحرير الأسعار منذ ثلاث سنوات لم يكن اقتصاد السوق قد شق طريقه بعد حتى أن هذا الخيار الذي أقرته الحكومة العام الفائت لا يعني الانتقال بين ليلة وضحاها الى سياسة تحرير الأسعار. إن خروج الرقابة التموينية بشكل سريع ودون اللجوء الى التدرج أحدث الكثير من الانفلات والفوضى في الأسعار نظرا لكون شروط المنافسة ليست قائمة بمعناها المتكافىء ولعل واقع الأداء في أسواقنا من شأنه تقديم البراهين على ذلك. إن الفوضى في الأسعار تمثل حقيقة لا يمكن تجاهلها والقفز عنها لذلك إن الأمر الذي يتعين المطالبة به يتمثل في ضرورة العودة من جديد لانعاش الدور الرقابي الذي غاب عن أسواقنا ومثل هذا الدور لا يمكن التخلي عنه ما دامت الشروط الفعلية والحقيقية لتحرير الأسعار ما زالت غير متوفرة, وما دام أصحاب الدخل المحدود هم الذين يسددون دائما الفواتير المرتفعة?! |
|