|
دراسات فهي التي تلقت مساعدات أكثر من جميع البلدان الأخرى, فضلاً عن أن المجموعة الدولية أكثر فاعلية فيها من أي مكان آخر, ومع ذلك ظلت الأخيرة المدرجة على قائمة المطالبين بالعضوية, بعد مضي عشر سنوات على انتهاء الحرب, ليس ثمة أي رابط تعاقدي بين البوسنة والهرسك وبروكسل, تعد سلوفينيا إحدى الدول ال 25 الأعضاء, بينما اعترف بكرواتيا بوصفها مرشحاً, ووقعت مقدونيا ما سمي باللغة الخاصة في بروكسل اتفاق استقرار وجمعية (ASA), ويمكن أن تصل إلى الترشيح في بداية هذا العام, وسيتم التفاوض على اتفاق (ASA) مع صربيا والجبل الأسود, لكن لم يحصل شيء من هذا القبيل للبوسنة والهرسك. من الصحيح أن مقدونيا تتمتع دوماً بشبه حماية حيث تكون الكلمة الفصل لممثل الأمم المتحدة والمندوب الخاص للاتحاد الأوروبي (بادي اشراون) الذي يتمتع بسلطات يتطلع إليها نائب الملك في الهند زمن الامبراطورية البريطانية, وهو مكلف بالسهر على إبقاء التوازن بين الطوائف الثلاث, وبإمكانه أيضاً إقصاء عضو في الرئاسة الجماعية ومنع تسمية مطار سراييفو باسم (علي عزت بيغوفيتش) أول رئيس مسلم للبوسنة والهرسك المستقلة حتى لا يثير حساسية الكروات والصرب, لحفظ الأمن, يمكنه الاعتماد على 6500 جندي من Eufor, وهي قوة أوروبية. تعتبر البوسنة والهرسك صورة مصغرة عن يوغسلافيا, إذ تتكون من ثلاثة شعوب مجموعة في كيانين: فيدرالية الكروات والمسلمين وجمهورية الصرب, كما في يوغسلافيا سابقاً, فإن خطة مؤسساتية معقدة يفترض أنها تضمن التعايش بين مختلف المكونات التي تتجاوز أكثر من أن تتعاون. اتفاقيات دايتون, الموقعة في باريس عام ,1995 وضعت نهاية لحرب استمرت ثلاث سنوات, ذهب ضحيتها أكثر من 200000 قتيل, وفصلت بين الجماعات الثلاث فارضة عليها العمل معاً, تدريجياً, تم دمج الجيوش الثلاثة وكذلك خدمات الجمارك, وقد وافق الصرب مؤخراً على مبدأ الشرطة الموحدة, وكان ذلك شرطاً لتوقيع عقد اتفاق للاستقرار والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي, ويستغرق عامين حتى يتم تبني القوانين المتعلقة وخمسة أعوام أخرى ليصار إلى تطبيقها. يبقى نظام التعليم مقسماً إلى ثلاثة أقسام وكل جماعة تطالب بتدريسه في مدارسها في الفيدرالية, فرض الغربيون مدارس موحدة, والطلاب المسلمون والكروات لا يترددون إلى ذات الصفوف, كما بالنسبة للمواد التي يفترض أولياً أن (لا تكون إيديولوجية). تعتبر الرئاسة ثلاثية وأما الحكومة فهي ضعيفة, الدولة المركزية متواضعة, لكن جهاز الدولة ضخم إذا ما أدرجنا ال 218 وزارة في الفيدرالية وال 11 كانتوناً وجمهورية صربيا, إن نصف إجمالي الناتج المحلي الذي يمثل 60% فقط مما كان عليه قبل الحرب قد ابتلعته الإدارة, ويبلغ النمو الاقتصادي ما يقارب ال 5% سنوياً لكنه غير كاف لتلبية الحاجات, ويعوق الفساد التنمية, وتصل نسبة البطالة رسمياً إلى 40%, بينما يساهم الاقتصاد (الرمادي) في نصف إجمالي الناتج المحلي, فإن 47% من السكان تعيش دون عتبة الفقر والذي تم تحديده بدخل يعادل 90 يورو شهرياً, تبقى البوسنة والهرسك دولة مصطنعة إلى حد ما, يساندها ممثلو الجماعة الدولية باستمرار عملهم الوصائي, وهم يعفون سكان البلاد من تولي شؤونهم, ويجمدون الانقسامات العرقية, ويعززون حكم الأقليات الوطنية, لكن في حال انسحابهم, سيتوجه الصرب نحو بلغراد والكروات نحو زغرب تاركين البوسنيين المسلمين وحدهم, فهل من مخرج مرن لهذا المأزق? من المعلوم أن (لورد اشراون) الذي أنهى ولايته سيغادر سراييفو في نهاية الشهر الحالي, ويجب على خلفه أن يترك قبعة الأمم المتحدة ليمثل الاتحاد الأوروبي, وبصلاحيات محدودة أكثر, وستكون مهمته الأساسية إعداد دستور جديد وإعطاء صلاحيات حقيقية للدولة المركزية وحتى إلى إلغاء الكيانات ومحو التلوين العرقي الطائفي, ويعول الأكثر تفاؤلاً على الانتخابات التشريعية التي ستجري في تشرين الأول عام 2006 لنشوء طبقة سياسية حديثة مطابقة للطموحات الأوروبية للشعب, إن وضع اليد على جميع الاقتراعات السابقة للأحزاب الوطنية للمجموعات الثلاث التي يجمعها عداء مشترك يدعو إلى التشاؤم. |
|