|
دراسات إن هذا التعريف ينطوي على مخاطر عالمية عدة وأخطر ما فيها مسألة تحديد النوايا فالولايات المتحدة انتدبت نفسها مفتشاً عن النوايا وكاشفة عن الصدور والبواطن وعليه: سمحت واشنطن لنفسها بالتدخل في أي شأن داخلي للدول (إذا رأت فيها خطراً من منظورها) وبالقدر الذي تراه مناسباً لمصالحها الحيوية السياسية والاقتصادية. ولعلها احتلت العراق بناء على ما سبق اعتماده استراتيجياً فوسائل الإعلام الأميركية عملت على (تهويل الخطر) العراقي على الشعب الأميركي وعلى أمنها القومي مستغلة بذلك الظرف الصعب للجمهور الأميركي الذي زرعت فيه أحداث الحادي عشر.. هاجس الإرهاب! ومن بعض ما روجه الإعلام (إن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل يهدد الأميركيين بهجوم على شاكلة 11 أيلول). إن أهم ما يميز السياسة الخارجية الأميركية هي (التفرد والعزلة) وهي ميزة تاريخية في السياسة الأميركية منذ نشوئها ففي عام 1998 تقدمت فرنسا وسبع دول أوروبية لرئاسة حلف شمال الأطلسي يتضمن الطلب تعيين شخص أوروبي على رأس القيادة الجنوبية للحلف وجاء رد الإدارة الأميركية بالرفض القاطع ولم يعاود الأوروبيون هذا الطلب مرة أخرى في حين رفضت الولايات المتحدة في العام نفسه التوقيع على اتفاقية (كيوتو) للتقليل من انبعاث غاز الكربون الذي تخلفه المصانع الأميركية علماً أن الولايات المتحدة تصدر 20% من غاز الكربون السام في العام ولم تستطع الدول الصناعية كاملة بما فيها فرنسا التأثير بقرار الرفض الأميركي. وفي العام نفسه رفضت الولايات المتحدة المصادقة على مشروع الأمم المتحدة بإنشاء (محكمة الجزاء الدولية) المختصة بمحاكمة مجرمي الحرب وجاء الرد على لسان (جيسي هلمز) عضو الكونغرس بأن (فكرة المحكمة هي وحش علينا أن نفترسه قبل أن يكبر). فالولايات المتحدة اعتادت على أن تتعامل مع أي قرار دولي يحد من مصالحها الحيوية بكل سخرية واستهزاء. أما في جلسات مجلس الأمن التاريخية عام 2003 فقد برزت الولايات المتحدة قوة متفردة تتجاهل المجتمع الدولي ومجلس الأمن بإصرارها على إعلان الحرب ضد العراق وجاء تصريح كونداليزا رايس مستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي آنذاك بمثابة وضع النقاط على الحروف ,وإرساء شكل جديد للسياسة الدولية يقوم على تطبيق المصلحة الفردية على حساب كل المنظومة الدولية ,حيث علقت على موقف الفرنسيين وروسيا وألمانيا قائلة:( سامحوا روسيا..تجاهلوا ألمانيا.. وعاقبوا فرنسا). وأخيراً وليس آخراً تستدعيني جملة لأبرز الاستراتيجيين الأميركيين ( زبغينو برجنسكي) يقول فيها ( يمكن أن تنتصب قلعة فوق تلة بمفردها فقط , وتلقي بظلها المرعب على كل ما هو تحتها . إذا اتصفت أمريكا بهذه الصفة فسوف تصبح محط الكراهية العالمية). |
|