|
اضاءات وكان منهم المصور الإيطالي غيدو لاريجينا الذي خلق اضطراباً كبيراً في مفاهيم التدريس بين اتجاه تقليدي صارم مثلّه الفنان ناظم جعفري، واتجاه ينشد الحرية في التعبير تجسد في الفنان فاتح المدرس. ولد غيدو لاريجينا في نابولي عام 1909 وفي عام 1923 التحق بمعهد الفنون في مدينته وبدأ التردد على مراسم المصورين الكبار، وشارك عام 1927 في معرض فنون الربيع. وفي عام 1933 تم افتتاح معرضه الفردي الأول وبدأ العام التالي التدريس في معهد الفنون في نابولي حتى عام 1946 حين انتقل إلى روما وشارك بعد سنتين تجربة قصيرة من التكعيبيين الجدد. وفي العام التالي بدأ المرحلة الأكثر تميزاً في حياته الفنية القائمة على بحث تجريدي شخصي يستكشف فيه بالتوازي الدقة الهندسية للتراكيب والحيوية التعبيرية للأشكال الحرة. وفي عام 1963 حضر إلى بيروت مع معرض شخصي في متحف سرسق، وشارك في العام التالي بمعرض جماعي متنقل في ثلاث مدن (طهران وبغداد ودمشق). ثم بقي في دمشق لمدة ثلاث سنوات مدرساً في كلية الفنون الجميلة حتى عام 1967 حين عاد إلى إيطاليا وتابع مسيرته التعليمية في أكاديمية الفنون الجميلة في كاتانيا. في مذكراته الصادرة عن مؤسسة (وثيقة وطن) يقول الدكتور عفيف البهنسي: «الأمر كان مختلفاً مع لاريجينا فقد شعرت بأنه يسيء، حيث كان يأتي بأفشل الأعمال ويبدي إعجابه الشديد بها، وهنا يضيع المقياس بالنسبة للطلاب الجيدين. وكان هذا التأثير غير إيجابي». ويتفق هذا الرأي مع رأي الفنان الدكتور عز الدين شموط، وهو مصور متمكن تأسست موهبته في مرسم خطاط بلاد الشام بدوي ثم لدى الفنان ناظم الجعفري، وكان من أوائل خريجي الدفعات الأولى من كلية الفنون الجميلة عام 1966، وقد حدثني عن اعتراض لاريجينا على أسلوبه الأكاديمي، فما كان منه إلا أن أحضر قطعة (تنك) مهترئة لقيها في خرابة على الطريق، وقدمها كعمل فني في مشروعه الدراسي فنال عليها تقدير المعلم الإيطالي. بالمقابل تقول الفنانة أسماء الفيومي: «كنا في الكلية نرسم رسماً واقعياً مئة بالمئة، كان عندنا أساتذة قديرون، ولكن رغم ذلك كنا نرسم دائماً وفق الموديل، وقد أراد لاريجينا أن يحرك فينا جوانب الإبداع، فمن الناحية الأكاديمية كنا نعرف الرسم جيداً، وأراد أن يعلمنا ما هو اللون، وبما أنه تجريدي فصل الخط عن اللون، فقلب المفاهيم. لاريجينا جعلني أفكر، أردت أن أتعلم وأعرف ما وراء هذه الأكمة المسماة التجريد، هل هناك من شيء جديد لا أعرفه، وعندما اجتزت هذه الأكمة وهذا الحائط الذي بنيته من الواقعية الفظيعة، ووصلت إلى الضفة الثانية، اكتشفت عوالم جميلة جداً، لاريجينا فتح لنا أبواباً جديدة وعلمنا أشياء ما كنا نعرفها». ومن جانب ثالث يتحدث الفنان الراحل رضا حسحس عن قدوم فاتح المدرس من روما إلى المعهد ليبدأ التدريس، وكيف أنه فتح النوافذ على مصاريعها فاختفت الطبيعة الصامتة خلف شاشة الضوء الصباحي الساطع. وكانت تلك الصدمة الأولى التي واجهت تعاليماً فنية بائدة. وبدأنا نشعر بحضور شخصية فنية مبدعة في وعينا. وللحديث تتمة. www.facebook.com/saad.alkassem |
|