تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غذاؤنا لملء خزانات الوقود!

اقتصاديات
الأحد 18/5/2008
د عبد القادر حصرية

شهدت اسواق النفط ارتفاعا قياسيا في اسعار الذهب الاسود حيث تجاوز سعر برميل النفط حاجز 125 دولاراً امريكياً لاول مرة في تاريخه . بعض الاقتصاديين يتوقعون ان يصل سعر برميل النفط الى 200 دولار امريكي .

يترافق ارتفاع اسعار النفط مع ارتفاع في اسعار المواد و الخامات المعدنية عالميا , لكن المقلق ان ارتفاع سعر النفط ادى الى ارتفاع في اسعار المحاصيل الزراعية و أهمها القمح و الأرز. سعر الرز وحده ارتفع بنحو 57% خلال الشهرين الماضيين , فيما قفز سعر القمح بنسبة 120 بالمئة خلال العام الماضي ملتهماً الزيادة الطفيفة التي شهدتها الدخول المتدنية للأسر في الدول الأكثر فقراً في العالم. يرى الخبراء الاقتصاديون بأن جانباً كبيراً من هذا الارتفاع يرجع الى تزايد الاعتماد على الوقود الحيوي كمصدر للطاقة البديلة, ولا سيما ان هذا الوقود يعتمد على مواد غذائية أساسية مثل الذرة والسكر لانتاج الطاقة.‏

يشير الوقود الحيوي الى أنواع الزيوت القابلة للاحتراق والمستخرجة من النباتات المزروعة أو الطبيعية بما فيها زيت الذرة أو بذرة القطن, او المحضرة من معالجة المواد والعصائر الطبيعية خاصة الكحول المحضر من تخمير العصائر السكرية الطبيعية مثل قصب السكر. ويتخذ الوقود الحيوي هيئتين الأولى هي الايثانول المستخرج من السكر او الحبوب ويمكن اضافته الى البنزين والثانية هي الديزل الحيوي المستخرج من الحبوب الزيتية أو زيت النخيل ويضاف الى الديزل. وللدلالة على حجم الاقبال على الوقود الحيوي, يكفي ان نعلم بأن البرازيل تشهد بناء معمل تقطير جديد للايثانول كل شهر ويستخدم نصف انتاج السكر لانتاجه. ترى بعض الحكومات في هذه التقنيات الجديدة سبيلاً الى تقليل الاعتماد على النفط المستورد وكبح انبعاث غازات ظاهرة الاحتباس الحراري وتعزيز الزراعة المحلية. وقد أشعل الطلب على تلك التقنيات فتيل توترات في أسواق السلع الغذائية التقليدية. من جانبها ركزت اوروبا مجهوداتها على الديزل الحيوي الذي ينتج في الغالب من اللفت وكذلك من زيت عباد الشمس وزيت النخيل. وأنتج الاتحاد الاوروبي المؤلف من 25 بلدا 3.2 ملايين طن من الديزل الحيوي في 2005 بزيادة 65 في المئة عن 2004 مما يجعله اكبر منتج للديزل الحيوي في العالم. من المنتظر ايضا أن تشهد آسيا استخدام المزيد من زيت النخيل لانتاج الديزل الحيوي مع قيام منتجين رئيسيين للنخيل مثل ماليزيا باعداد زراعات جديدة. يلاقي انتاج الوقود الحيوي ا لكثير من المقاومة عالميا. وقد تحركت الأمم المتحدة وطالبت بوقف الاستثمار في الوقود الحيوي وبسرعة تجميد الاستثمار في انتاج الوقود الحيوي وتعتبر ان الاندفاع الاعمى فيه عمل » غير مسؤول« . بالتأكيد لا بد لما يجري عالميا ان تكون له آثار على الاقتصاد الزراعي في سورية وربما يكون هناك حاجة لاعادة النظر في سياساتنا الزراعية للأخذ بعين الاعتبار ما يجري على الصعيد العالمي, في الوقت الذي يساور فيه القلق الكثيرين بشأن ملء خزانات وقودهم, يكافح كثيرون آخرون في انحاء العالم من أجل ملء بطونهم!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية