|
اقتصاديات فإنَّ الكثير من المؤشرات تكاد تجزم أنَّ الأوضاع مستقرة من هذا الجانب , وربما لا داعي للمخاوف , ولا حتى للقلق , إذا ما بقيت الأمور تسير على هذه الوتائر الاحترازية , التي من شأنها تطويق الخلل بالشكل الذي يضمن عدم الوقوع في المحذور . فالحكومة التي أذِنت لمؤسسة الحبوب أن تستهلك من المخزون الاستراتيجي كلما دعت الحاجة , ألزمت مؤسسة الحبوب أيضاً , أن تعمل بالتوازي على تأمين الأقماح اللازمة , لتغطية ذلك , وبالسرعة الكليَّة , ما يعني أنَّ هناك حرصاً شديداً على إبقاء المخزون الاستراتيجي كاملاً , حتى وإن جرى استهلاكُ بعضه , بين الحين والآخر . صحيح أنَّ الحكومة لاتُعلن حجم المخزون الاستراتيجي تماماً ( وهذا أمر ضروري في أنْ لايُعلن فعلاً ) ولكن من قبيل الاستنتاج يمكننا القول : إنَّ حجم هذا المخزون , ليس أقل من ستة ملايين طن , باعتبار أنَّ عدة تصريحات من وزراء ومسؤولين معنيين في هذا الأمر , قد أكدوا غير مرّة بأنَّ احتياطي سورية من القمح يكفيها حتى العام / 2010 / وكانت مثل هذه التصريحات قبل الحصاد , وبعد التنبؤ بسوء الموسم , مايُشير إلى أنَّ الاحتياط الاستراتيجي يكفي سورية لمدة سنتين متتاليتين في تلك الأثناء , وإن كان الاستهلاك السنوي لسورية بحدود ثلاثة ملايين طن , فهذا يعني أنها تحتاط لستة ملايين طن , وهذا من المُفترض أنْ يكون على الأقل , إذ تبقى الحكومة تحتفظ لنفسها بالرقم الحقيقي , الذي قد يكون أكبر من ذلك . على كل حال فإنَّ مؤسسة الحبوب لم يُسمح لها بالاستهلاك من المخزون الاستراتيجي إلا في بدايات شهر تشرين الثاني الجاري , وهذا يعني أنَّ احتياطنا الاستراتيجي من القمح يكفينا تلقائياً لسنتين قادمتين , أي حتى بدايات العام / 2011 / وهذا يعني سلفاً أننا على قاعدةٍ جيدة من الاستقرار بهذا الشأن والاطمئنان , وثمة مؤشرات تُبيحُ لنا مثل هذا الاعتقاد , فمثلاً لم نلحظ في الإجراءات الحكومية الذاهبة بهذا الاتجاه , أي اضطراب يُثير التخوّف أو القلق , ولا أي شكلٍ من أشكال الطوارئ , ففي الوقت الذي طلبت فيه شركة المطاحن شراء كمية مائة ألف طن من الدقيق , وداخلياً , وبالأسعار العالمية , بقي هذا الطلب يسير بطيئاً وحسب القنوات الطبيعية دون أي استعجال , من الشركة إلى الوزارة , إلى اللجنة الاقتصادية , التي أحالت الموضوع ببرود اعتيادي إلى السيد رئيس مجلس الوزراء , الذي وافق وبهدوء على توصية اللجنة الاقتصادية بقيام المطاحن بشراء مائة ألف طن من الدقيق , وتكليفها بإجراءات الإعلان الداخلي , والتعاقد حسب الأصول لتأمين الكميات المطلوبة , فلو كانت الأمور في دائرة القلق أو الخوف , لما كانت هناك أي قدرة على هذا الصبر تجاه مثل تلك الإجراءات الروتينية البطيئة . وفوق هذا كله , أبدت مؤسسة الحبوب وفي هذه الأثناء مايُشبهُ الغنج تجاه عرضٍ جديد من إحدى الشركات الروسيَّة التي أبدت استعدادها لتوريد مليون طن من الدقيق إلى سورية , مع استعدادها لمناقشة مختلف المواضيع الفنية لهذا العرض , ولكن إزاء موقف مؤسسة الحبوب التي لم تُبدِ حماساً لذاك العرض , أُحيلَ العرضُ نفسه الآن إلى الشركة العامة للمطاحن , من أجل دراسته , وإبداء الرأي بشأنه , لاسيما وأنَّ هذه الشركة حالياً تسيرُ باتجاه الإعلان من أجل التعاقد على شراء المائة ألف طن , من السوق الداخلية . بقي أن نشير إلى أنَّ سوء الأحوال الجوية , لم يكن مُقنعاً في واقع الأمر , بأن يُخفض من إنتاجنا إلى هذا الحد , من خمسة ملايين إلى مليوني طن , وقد تساءل الكثيرون : أين مفعول الأراضي المروية ..? وشكك البعض بأمورٍ لن نقول بشأنها إلا بأنها تحتاج إلى تدقيق حكومي عميق , فرغم الجفاف من المفترض أن يكون الانتاج أكثر مما حصل بكثير . |
|