|
تحقيقات
بلغ عدد الأشجار حوالي 9 ملايين شجرة... وبلغت تقديرات إنتاجها للموسم الحالي 134.267 طناً من الثمار ولاستخلاص الزيت من الثمار توسعت معاصر الزيتون وشملت مختلف مناطق المحافظة وبلغ عددها 245 معصرة بين حديثة وقديمة.. موزعة على الشكل التالي: طرطوس 82 وصافيتا87 والشيخ بدر 16 والدريكيش 25 وبانياس 35... ولكن وللأسف تحولت هذه الشجرة المباركة إلى مشتبه به رئيسي في قضية تلوث المياه الجوفية في محافظة تكثر فيها الينابيع التي تعتبر المصدر الرئيسي لمياه الشرب في المحافظة.. وسنوياً كانت تتكرر حوادث إغلاق المعاصر وخروج بعض الآبار عن الخدمة.. بعد تلوثها.. اللقلوقة أو (ماء الجفت) كان السبب الرئيسي في التلوث وهو مادة سائلة تنتج عن عصر الزيتون, يعتقد الجميع أنها ضارة جداً.. حتى إنها وفي جريانها قرب المعصرة كما كان سائداً كانت تقتل الأخضر واليابس.. ولذلك نعتها الجميع باللقلوقة وهي مفردة تحمل الكثير من المعاني السيئة لذلك لم يستغرب أحد أن يكون لها دور رئيسي في تلوث مياه الينابيع في مواسم الزيتون الوفيرة.. كهذه السنة. القرار /190/ الحل والمشكلة لحل هذه المشكلة شكلت لجنة وزارية من عدة وزارات اجتمعت وتوصلت إلى توصيات صدرت بالقرار رقم /190/ت بتاريخ 5/9/2007 مذيل بتوقيع وزير الزراعة الدكتور عادل سفر.. واللافت في هذا القرار أن هذه المادة السيئة يمكن استخدامها وبنسب محددة كمخصب للتربة.. ويحدد آلية تجميعها وتوزيعها على الأراضي الزراعية.. بشكل مناسب على كامل سطح التربة لتحاشي السيلان وانجراف التربة وفي أوقات محددة, كما يمنع القرار توزيع هذه المياه بحالات متعددة كحالات الأراضي التي تبعد أقل من 1000 متر عن مصادر مياه الشرب أو التي تبعد أقل من 500 متر عن مراكز السكن أو الأراضي المشبعة بالمياه أو أراضي المسيلات ومجاري الأنهار.. كما تم تكليف الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية بتدريب المرشدين من عناصر مديرية الإرشاد الزراعي والهيئة العامة لشؤون البيئة استخدام مياه الجفت الذين سيقومون بدورهم في تدريب وإرشاد أصحاب المعاصر التي ألزمت بتجميع هذه المياه في خزانات وأحواض كتيمة. وبناء على كل ذلك, شكلت لجنة بتاريخ 28/4/2008 تضم في عضويتها ممثلين عن كافة الجهات المعنية في طرطوس, البيئة, الري , اتحاد الفلاحين, مديرية الزراعة/ مهمتها العمل على تنفيذ الاجراءات الميدانية المطلوبة لتنفيذ القرار 190ت من حيث تحديد الأراضي التي يمكن رش ماء الجفت فيها وفق النسب المفترضة, بالإضافة إلى التشديد في إلزام أصحاب المعاصر في تنفيذ الإجراءات المطلوبة تحت طائلة اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين... وبناء أيضاً على القرار 190 شكلت لجنة أخرى مهمتها تحديد تكلفة نقل المتر المكعب الواحد من ماء الجفت وتوزيعه على الأراضي الزراعية.. جمعية المعاصر منذ صدور القرار وجمعية المعاصر تعترض ولكن لم يرد أحد حيث وضعت معروضاً تضمن العديد من الأسئلة-هل من المعقول أن يشتري صاحب المعصرة الذي يعمل لفترة محددة من السنة, خزانين ضخمين, وينشئ حوضاً بيتونياً كتيماً لمياه الجفت? وكيف سيتم النقل الذي يستدعي شراء صهريج يقدر بالملايين? أما عن شروط اختيار الأراضي, فإن الأمر يبدو مستحيلاً في المنطقة الساحلية التي تملأ أراضيها الزراعية الينابيع والمياه الجوفية, بالإضافة إلى وعورتها, خاصة في موسم المطر, حيث لا تستطيع الجرارات السير, مع العلم أن أراضي الزيتون تتوسط الأماكن في القرى- أي هذه الشروط تتناسب مع المحافظات الداخلية التي طبقتها. رئيس جمعية المعاصر في طرطوس محمد شعبان أشار إلى أن عشر معاصر كانت السبب في التلوث العام قبل الماضي والجمعية اقترحت المساعدة... وعن كيفية تطبيق القرار والإجراءات المتخذة قال: انتزعوا التواقيع انتزاعاً, إن حل مشكلة التلوث لن نقوم بها بمفردنا, فمديرية الزراعة من المفترض أن تؤمن لنا الأراضي التي سيتم رشها, ولكنها لم تفد بأي شيء, وأملنا في مساعدة البلدية بصهاريج تساعد في النقل, وأيضاً لم نر شيئاً, وطرح علينا المحافظ تقديم 1% من قيمة الإنتاج مقابل النقل والرش, ولكن لم يف أحد بوعده. ويضيف أن تكلفة المعصرة الواحدة 20 مليوناً وهي تعمل لمدة شهر فقط, وجميع المعاصر لها تراخيص نظامية... فالقرار عقوبة جماعية بحسب رأيه. ومديرية الزراعة بعد صدور القرار رقم /190/ت من وزارة الزراعة, قامت مديرية زراعة طرطوس عام 2007 ممثلة باللجان المشتركة من مختلف الجهات المعنية, بوضع خطة عمل موسعة استمرت حتى عام 2008 ركزت على القيام بحملة توعية لأصحاب المعاصر والمزارعين, وذلك لتوضيح الأثر السلبي الناجم عن إسالة ماء عصر الزيتون على البيئة وتلويث المياه الجوفية, وتبين الأثر الإيجابي لاستخدام ماء الجفت كمادة سمادية وفق الدراسات والأبحاث العلمية التي قامت بها هيئة البحوث العلمية الزراعية في إدلب وفق معادلات معينة. وتحميل المعاصر مسؤولية تنفيذ الإجراءات المطلوبة منها لتأمين خزانات كتيمة لتجميع ماء الجفت الناتج لمدة أسبوع على الأقل وجرارات ومسدسات رش لنقل ماء الجفت إلى أماكن الاستخدام لتلافي تلوث البيئة والحفاظ على مياه الشرب.. وسعت المديرية لنقل مفهوم إيجابية استخدام مياه الجفت في رفع خصوبة الأراضي الزراعية إلى جميع الفلاحين ونشر ثقافة استخدام مياه المعاصر وتفعيل جهود الجهات الحكومية والشعبية في مكافحة هذه المشكلة الوطنية, وأخيراً تطبيق استخدام مياه الجفت على الفنيين والعاملين في المديرية بحيث وضعت قوائم لأسمائهم حسب المناطق بالإضافة إلى المزارعين الراغبين في استخدام المياه في أراضيهم. تلوث غير مفاجئ وإغلاق معاصر مع إقلاع المعاصر وبداية العصر حدث تلوث في مياه نبعي الشماميس وتيشور في صافيتا والدريكيش حيث وقع المحافظ على كتاب مدير البيئة المتضمن أسماء المعاصر المخالفة وأصدر قراراً بإغلاقها فوراً وعددها 26 معصرة.. وقرار الإغلاق يستمر حتى يتم التأكد من تطبيق الإجراءات المنصوص عنها في القرار 190. كما وجه المحافظ مديرية الزراعة لتحديد المعاصر المخالفة بحيث يتم تقديم تقرير يومي عن كل منطقة من قبل لجان المناطق المشكلة بالأمر الإداري رقم 11642 تاريخ 4/10/2007 بحيث يتم إغلاق كل معصرة مخالفة فوراً إضافة إلى التعميم إلى كل من الخدمات الفنية ومجالس الوحدات الإدارية والبلدان والبلديات لمتابعة عمل المعاصر ضمن نطاق كل وحدة وإجراء كشف يومي عليها والتأكد من تطبيقها لتعميم وزارة الزراعة رقم /190/ت تاريخ 5/9/2007 والإبلاغ عن المخالفين تحت طائلة المسؤولية. الزراعة تدافع عن مياه الجفت لكن دفاع مدير الزراعة عن مياه الجفت باعتبارها المشتبه به الأول في قضية تلوث مياه الينابيع بحاجة للتوقف عنده فهو يؤكد أن العنصرين السامين اللذين وجدا في مياه النبعين ليسا من مكونات مياه الجفت مرجعاً أسباب التلوث إلى مياه الصرف الصحي وقدم تحليلاً من مركز البحوث العلمية الزراعية يؤكد كلامه.. وأهم ماورد فيه التحليل الكيميائي لمياه الجفت تبين أن أكثر المواد تأثيراً على الصحة هي المركبات الفينولية وارتفاع bod (الطلب على الأكسجين العضوي) والتحليل الكيميائي لمياه عصر الزيتون (الجفت) الصادر عن الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية يبين مؤشرات كثيرة ولم يلاحظ فيها وجود لمادتي النتريت والفوسفات. إن تلوث مياه الآبار والمصادر المائية(نبع الشماميس وتيشور) بالنتريت والفوسفات والعكارة الحاصلة بتاريخ أخذ العينات ناتج عن استخدام مواد الغسيل من تأثير مياه الصرف الصحي المنتشرة في تلك المناطق مثل الفوسفات الناتجة عن استخدام مواد الغسيل المنزلية لما تحويه من نسبة كبيرة في تركيبها وإن استخدام الأسمدة الفوسفاتية في بساتين الزيتون البعلية يقل كثيراً بل ينعدم في بعض المناطق وإن وجد فسيكون بشكل آثار بل سيرتبط مع محتوى التربة من الكلس وفي الأفق الزراعي (0-75) سم وبالتالي غير منحل في المياه. من وجود النتريت في المياه كما ورد في تحليل مؤسسة مياه الشرب أيضاً نرجح التلوث بمياه الصرف الصحي وذلك أيضاً نتيجة للتحولات اللاهوائية للمركبات الآزوتية من البكتريا في الآفاق السفلية للتربة والتي تتغلغل خلالها مياه الصرف الصحي. إن وجود العكارة (عكارة حمراء) مرده إلى أن كميات غزيرة من مياه الأمطار قد هطلت قبل الكشف على البئر بأربعة أيام (أكثر من 60مم) قدأدت إلى تعكير مياه النبع ولم تلاحظ تاريخ الكشف على محطة الضخ في نبع الشماميس 19/10/2008. لهذا نرى من الضروري وجود مؤشر واضح يعبر عن تلوث المياه بمياه الجفت. أخيراً وبعيداً عن هذا الدفاع المربك إلا أننا أمام قضية (تلوث) والإجراء الطبيعي هو الإغلاق حتى ولو تسبب ذلك بإرباكات للمزارعين الذين يقومون حالياً بجني محصولهم.. وحتى لو لم تكن المعاصر هي السبب الرئيس.. لكن هناك بعض الأسئلة المفترض بنا البحث عن إجابة عليها وهي: هل يمكن تطبيق القرار 190ت في طرطوس? أو هل طبق فعلاً?! فمسيلات الأنهار تؤكد أن هناك من يقوم بكب هذه المادة فيها.. والسؤال الأهم.. كيف نقنع المزارعين أن مادة سيئة السمعة يمكن أن تكون مفيدة جداً? ألا يلزم ذلك القليل من الوقت أقله لإقناعهم بذلك.. ألم يكن من الأجدى تضمين ذلك متن القرار بعيداً عن الإلزامية والتهديد أقله لأصحاب المعاصر?! |
|