تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تفشي العنصرية في إسرائيل

دراسات
الأحد 23 تشرين الثاني 2008 م
علي سواحة

اتساع دائرتي التطرف والعنصرية هو التوصيف الوحيد الذي يمكن إطلاقه على المجتمع الصهيوني, ومؤشر ذلك أن أطرافاً إسرائيلية جديدة تتهيأ للدخول في دائرة العنف الجديدة, ولاسيما ضد الفلسطينيين أو أي إسرائيلي قد يجد نفسه مضطراً للاستجابة لمتطلبات سلام عادل مع العرب أو مع الفلسطينيين بشكل خاص على حساب الأمن الإسرائيلي المزعوم.

وقد كشف جهاز الشين بيت الإسرائيلي الاستخباراتي عن أن جماعات يمينية دينية متطرفة في (إسرائيل) تقوم بتنظيم خلايا لها وشبكات سرية للغاية في أوساط المستوطنين الإسرائيليين ولاسيما في المستوطنات التي تتعرض لإطلاق صواريخ فلسطينية أو في المستوطنات المهددة بالإزالة في حال التوصل لأي اتفاق سلام مع أي طرف عربي كان.‏

وهذه الجماعات تركز عملها باستهداف أطراف عدة من الإسرائيليين كالداعمين لجهود السلام والمؤيدين لخطط فك الارتباط الإسرائيلي عن الأراضي الفلسطينية كما ورد في اتفاقية أوسلو أو مشروع برنامج خارطة الطريق, إضافة إلى استهداف الفلسطينيين الموجودين في الأراضي الفلسطينية أو مايطلق عليهم اسم (عرب إسرائيل) والأخطر من هذا استهداف تلك الجماعات اليهودية المتطرفة لأي إسرائيلي يعترض على سلوكها.‏

هذا التنامي في صفوف الإرهاب والتطرف داخل إسرائيل جعل رئيس جهاز الشين بيت الإسرائيلي يوفال ديشكين يقوم بتقديم إفادته أمام مجلس الوزراء الإسرائيلي مطلع الشهر الحالي, حيث حذر من أي تنازلات على حد زعمه يقدمها أي كان من رئيس الحكومة الحالية أو القادمة في أي مفاوضات تجري سواء مع السوريين أم مع الفلسطينيين لأن ذلك على حد قوله سيكون حافزاً وسبباً وجيهاً لتلك الجماعات المتطرفة بممارسة أنشطتها العلنية والسرية وبالتالي سيكون ذلك مناسباً لخلق موقف إسرائيلي داخلي يغلب عليه استخدام العنف المسلح لإيقاف تلك المفاوضات مع أي طرف عربي كان وبموجب وجهة نظر ديشكين اتخذت الحكومة الإسرائيلية الحالية خطوة لإيقاف الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر الذي كانت تحصل عليه الحواجز ونقاط المراقبة التي ظل يقيمها المستوطنون الإسرائيليون تطوعاً داخل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية, لكن رغم ذلك لم تنجح هذه الخطوة كما تقول الوقائع على الأرض في لجم أو تقييد حركة تلك الجماعات اليمينية المتطرفة بل دفعتها وبإصرار للمضي في أنشطتها, حيث بدأ المستوطنون باللجوء إلى تنفيذ عمليات انتقامية ضمن مايطلقون عليه بمبدأ دفع الثمن المترتب / الذي أصبح المثال الصارخ والمعتمد لدى ردود أفعال المستوطنين إزاء تحركات الحكومة الإسرائيلية التي يرون أنها تضر بمصالحهم ولعل جهاز الشين بيت الإسرائيلي قد كشف في مواطن أخرى عن مدى خطورة تلك الجماعات مع تزايد تلك الاختناقات داخل الوسط الإسرائيلي ومع عدم التوصل لمعرفة إذا ما كان هناك قيادة موحدة لتلك الجماعات, كما أن الخطورة تلك تكمن في أن هناك بعض المنظمات والجمعيات اليهودية تدعم تلك الجماعات المتطرفة وعلى سبيل المثال/ مجلس الييشا/ الخاص بالمستوطنات وهو المدافع والمبرر دائماً لأي سلوك يهودي معادية للعرب والفلسطينيين وكذلك مايعرف بجماعة / الملتقى القانوني لأرض إسرائيل/ الذي يقوم أيضاً بتقديم خدمات الدعم من حماية قانونية لعناصر تلك الجماعات اليهودية المتطرفة ومثل تلك الخدمات كما يقول جهاز الشين بيت زاد من عدد أعضاء تلك الجماعات لبضعة آلاف في العام الحالي عما كانت عليه في الأعوام القليلة الماضية حيث كان لايصل عددهم إلى الثمانمئة في العام 2003.‏

إن تصاعد التطرف اليهودي داخل (إسرائيل) لقي أيضاً دعماً واضحاً من أحزاب إسرائيلية يمينية مثل حزب الليكود وشاس وإسرائيل بيتناوحركة التوراة اليهودية المتحدة وترى هذه الأحزاب ضرورة وقف أي جهد لبناء سلام مع العرب والفلسطينيين لأن الاستمرار في ذاك الجهد هو الذي ينمي ظاهرة التطرف داخل المجتمع الإسرائيلي, لكن حزبي العمل وكاديما يريان أن التعامل مع تلك الجماعات المتطرفة يجب أن يتم بالتشدد وعدم التسامح.‏

إن تزايد حجم ظاهرة التطرف اليميني في (إسرائيل) لابدأن يعكس في حد ذاته مؤشرات جديدة على طبيعة هذا الكيان ومراحل تطوره, بمعنى أن هذا المجتمع ليس على قلب واحد مهما حاول أن يظهر ذلك, ولاسيما أن اليهود الغربيين فيه يستأثرون بالسلطة والثروة إضافة إلى ممارستهم سياسة التمييز ضد اليهود الشرقيين /السفارديم/ وهذا ليس بجديد في (إسرائيل).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية