|
دمشق فأصبح ذلك عبئاً على الأسرة والمجتمع من خلال تقيد الأفراد والمجتمع ككل بثقافة التقليد..والسؤال في إطار هذه المشكلة والخروج عن أنماط المعيشة التي كنا نتبعها سابقاً كيف يمكن لنا أن نعود إلى تلك الثقافة الاستهلاكية التي تنقذنا من هذه النمطية..؟! الدكتور محمد كوسا الاستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق يرى أننا في السابق كنا نعتمد على عاداتنا وتقاليدنا الاستهلاكية النابعة من حياتنا الاجتماعية وظروف الحياة ومتطلباتها بشكل حقيقي حيث أنها تعبر عن ذاتنا، ومع تطور الاقتصاد في كل مناحي الحياة ودخول العولمة كلاعب رئيسي في معيشتنا وممارسة حياتنا اليومية هذه العولمة التي أتت إلينا عن طريق حوامل الاتصال «الأقمار الصناعية، الشبكة العنكبوتية،...إلخ». أفرزت ثقافة مجتمعية جديدة مكونة من أنماط معيشة شبه موحدة وبالتأثر فإن مجتمعنا قد تأثر أيضاً بهذه العولمة حيث أصبحنا نقوم بالتقليد والنقل لما نراه ونشاهده ونطلع عليه عبر وسائل الاتصال.. وفي تفصيل هذه الأنماط المعيشية نتطرق إلى موضوع أنماط الاستهلاك التي ترتبط بمعيشتنا وثقافتنا الجديدة المعولمة مع أن تأثرنا كمجتمع سوري لم يكن بدرجة كبيرة كما في المجتمعات الأخرى نتيجة ظروف ومحددات مختلفة، والأنماط الاستهلاكية الجديدة تتعلق باستهلاك الغذاء والطاقة والمياه وحتى استهلاك الثقافة والفن والموضة وإذا كان لابد أن نتطرق إلى شيء ما من هذه الأنماط الاستهلاكية يمس حياتنا بشكل مباشر فهي العادات المتعلقة بالغذاء والملبس حيث أنها تمس ضروريات حياتنا وبالتالي عندما غيّرنا في أنماط استهلاكنا هذه رتب علينا ذلك تكاليف جديدة.. مثال على ذلك في الغذاء سابقاً كنا نصنع غذائنا بيدنا ونقوم بتحضير المونة في الصيف تحسباً للشتاء اما اليوم فهذه الأغذية باتت معلبة وجاهزة حيث أضافت الشركات تكاليف هذا التعليب والحفظ على جيوبنا. وفي مثال آخر وبسبب ظروف العمل الجديد وطرق القيام به أخذ هذا منا وقتاً أطول ولم يعد لدينا متسع من الوقت لتحضير وجباتنا بأيدينا فاستسهلنا الطعام الجاهز وأصبحنا ندفع تكاليف أكبر ثمناً لهذه الخدمة هذا في المختصر.. وبالعودة إلى اللباس فإن الكثير من ربات المنزل أمهاتنا.. كن يقمن بخياطة الثياب حيث كانت تستفيد من إعادة تدوير بعض الثياب القديمة لديها.. أما اليوم فثقافة الاستهلاك تبدلت وباتت هناك شركات تقوم بتصنيع الكم الهائل من الثياب. وجواباً على تساؤل حول كيفية أن يعد المجتمع ثقافة استهلاكية جديدة تلائم الظروف الحالية يقول كوسا.. بالعودة إلى الجذور والتفكير بعقلانية بمستقبلنا نخططه لكي يناسبنا أكثر فالتفكير والتمحيص بما يأتي إلينا يجعلنا نعرف ما يجب أن نختاره من منتجات وتحقق لنا حاجة ذاتية حقيقية وليست حاجات مصطنعة غايتنا فيها التقليد، وعلى الأسرة أن تقوم بشرح الضروري والهام من الاحتياجات الحقيقية للأبناء. إن سورية اليوم تحاول أن تخرج من الأزمة وخصوصاً بعد هذا الضغط الاقتصادي الذي تعرضت له خلال عامين من الأزمة فمن واجب المواطن وحباً في بلده أن يقوم بمساعدة نفسه أولا عندها يساعد بلده وعليه يجب أن يلتزم بشروط الحيطة والحذر في أنماط استهلاكه وخصوصاً في ظل شح المنتجات والعرض منها. وحول الآثار التي سوف يرتبها تغيير النمط الاستهلاكي الحالي للمواطن.. يوضح كوسا أن هناك آثار إيجابية لهذا التغيير منها عدم توجيه جزء من الدخل لمنتجات وحاجات غير ضرورية له حالياً في هذه الأزمة ربما كان يعتبرها ضرورية. وكذلك فإن التقيد بعاداتنا الاجتماعية القديمة في الغذاء والملبس تعود بالنفع والصحة عليه. وإن تغيير النمط الاستهلاكي للمواطن يعطيه فرصة أفضل ورؤية جديدة في ضبط سيرورة الحياة الأسرية. وبشكل عام فإن الأنماط الاستهلاكية متكاملة فعلى المواطن أن لا يقتصر تغيير النمط الاستهلاكي لديه على الملبس والمأكل فقط بل عليه أن يغير نمط استهلاك الطاقة والمياه والنقل والتنقل. وعلى الصعيد الاقتصادي الكلي فإن تغيير نمط الاستهلاك يؤدي إلى تخفيض المستوردات وبالتالي تخفيض المخصص لها من القطع الأجنبي أيضاً يتم الاستغناء عن خدمات كان يقوم بها الغير من شركات غير وطنية عبر إنتاج هذه المنتجات، ويقوم أيضاً بتوفير جزء من الدخل يتم توجيهه لاحقاً إلى مواقع وحاجات أسرية ملحة. وبالرجوع إلى الأرقام نجد أن الأسرة كانت تخصص شهرياً حوالي 30% من دخلها المخصص للغذاء للوجبات الجاهزة والمطاعم.. وفي حال تم تغيير هذا النمط الاستهلاكي سيتم توفير هذا المبلغ وتوجيهه لتغطية زيادة الأسعار الحالية. إن الاعتماد على تدوير الألبسة وعدم الحرج من ذلك يوفر على العائلة ما يقارب 20% من دخل الأسرة الكلي. كما أن تغير نمط الاستهلاك في المياه باتجاه التخفيض والترشيد سيؤدي إلى توفير ما يقارب 4% من قيمة الدخل توفير الطاقة والالتزام بترشيد الطاقة والاقتصار على الضروريات مثل الإنارة والتلفزيون سيحقق وفراً في الدخل ما يقارب 4% من دخل الأسرة الكلي. كل هذا يعتبر مهمة وطنية يجب على كل مواطن القيام بها وخاصة في هذه الظروف بالدرجة الأولى لمصلحته بما سينعكس على المجتم والاقتصاد ككل.. |
|