|
شؤون سياسية الذي لم يكن لديه يوماً أي جنوح نحو السلام الحقيقي الذي تتطلبه احتياجات شعوب المنطقة والعالم، فما يسمى باليسار كحزب العمل أو أحزاب الوسط المعتدلة منيت بهزيمة قاسية في الانتخابات الأخيرة، ولكن هذه الهزيمة ليست لأن حزب العمل أكثر اعتدالاً أو جنوحاً نحو السلام بل لأنه لم يظهر القدرة الميدانية على تحقيق الانتصار في حربين خلال عامين في لبنان وغزة، ففي كلتا المغامرتين فشل حزب العمل وكاديما الذي ولد من رحم حزب العمل في تحقيق أهداف الحربين الإجراميتين قياساً بحجم الضحايا من المدنيين الأبرياء، فكاديما برع في قتل الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ في غزة وهذا من وجهة نظر قاطني الكيان انتصار محقق في المعايير الصهيونية العنصرية رغم أنه فشل في تحقيق الأهداف وحمل باراك وزير الحرب وبوصفه ممثلاً لحزب العمل في هزيمة الأهداف، بينما كوفئت تسيبي ليفني كوزيرة للخارجية وبصفتها ممثلة لحزب كاديما على انتصارها بقتل المزيد من الفلسطينيين في غزة، وفي جميع الأحوال معسكر الحمائم اليسار والوسط كان دائماً في تاريخ الكيان الأقل في تبني المقولات والشعارات المتطرفة والأكثر حديثاً عن السلام والأمن والعيش المشترك مع الفلسطينيين ولكنه برع دائماً في شن الحروب تحت شعارات مزيفة عن السلام والأمن، بينما اليمين المتطرف والفاشي نتنياهو- ليبرمان إلى جانب العديد من الأحزاب الدينية المتطرفة تميز بإطلاق شعارات واضحة في عنصريتها وعدائها للسلام واستعادة الأراضي المحتلة والقدس وحق العودة ودقه لطبول الحرب، ولكنه لم يخض حرباً شاملة سوى مرة واحدة في عام 1982 على لبنان وبقي واضحاً وصريحاً في عدائه لكل ما هو عربي. الثلاثي تسيبي ليفني ونتنياهو وباراك ظهروا جميعهم أي اليسار الوسط ليفني واليمين المتطرف نتنياهو واليسار باراك الأكثر تطرفا في حربهم المشتركة على غزة، والصراع السياسي واللفظي بينهم اقتصر على اتهام اليمين للوسط واليسار أنه لم يسحق حماس في حرب غزة، والذي كان مطلوباً في جملة أهداف الحرب، ليفني حققت الفوز نظراً لقدرتها على الظهور بمظهر المرأة الحديدية العنيفة والمتعجرفة والمتطرفة في عنصريتها واستطاعت أن تدغدغ أحلام الكيان بأنها ستعمل كل ما بوسعها من أجل إسرائيل ككيان يهودي خالص وطرد الأقلية العربية التي مازالت داخل حدود 1948 والتي تنغص على الصهاينة حلمهم بيهودية كيانهم، وحماسها لإنشاء دويلة فلسطينية إلى جانب إسرائيل اليهودية يهدف إلى طرد الفلسطينيين في الداخل إلى هذه الدويلة وربما ربط قسم من الضفة الغربية بالأردن وغزة بمصر أملاً في الانتهاء مما سمته بالمشكلة الفلسطينية، وهذاالتوجه بالذات جعلها تتصدر قائمة الفائزين في الانتخابات الإسرائيلية وتراجع حزب العمل الذي لم يكن بارعاً في طرح ما يروق أمزجة عنصريي الكيان اليهودي، ويتهم حزب العمل تحديداً في خسارة إسرائيل صورتها المزركشة ديمقراطياً على الصعيد العالمي خلال حرب غزة وقبلها حرب لبنان 2006 وظهرت ككيان دموي وحشي ومتخلف كما هي عليه في واقع الأمر، تسيبي ليفني وعدت الصهاينة بتغيير الصورة المتكونة عن كيانها بانتهاج سياسة أكثر ذكاءً وخبثاً وديماغوجية أملاً في إعادة تصوير نفسها بأنها الضحية. واللافت أن صعود أفيغدور ليبرمان وهو الفاشي بامتياز والهارب من وطنه الأصلي روسيا بعد ارتكابه الفساد وتهريب أموال روسيا المنهوبة إلى إسرائيل وقيامه بتبييضها بدعم من المافيا اليهودية الروسية المشهورة، فهذا الرجل أصبح القوة الثالثة والذي على موقفه سيتوقف من سيفوز بتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة ليفني أم نتنياهو ولنتأمل نحن العرب أي كيان نحاربه قائم على القاتل فيه أكثر للعرب والفلسطينيين يكسب أصواتاً أكثر، فهل هناك ما يماثل أو يشبه هذا الكيان وبمثل هذه المواصفات في التاريخ العالمي؟ بالطبع لا يوجد. |
|