|
لوس أنجلوس تايمز فقد أنهى أربع حروب في أسبوعه الأول من الرئاسة، إذ كانت عدة كلمات وجرة قلم كافية حتى يضع الرئيس حداً للحرب على -الإرهاب- والحرب على العالم الإسلامي والحرب على المناخ، وأخيراً الحرب على المرأة، وبهذا يكون أوباما بقراره الرئاسي الأول قد فكك البنية التي كانت تدعم حرب بوش على -الإرهاب- حيث قام في هذا الإطار بإغلاق سجن غوانتانامو السيء السمعة، وأوقف اللجان العسكرية التي كانت تشرف على محاكمة المعتقلين، وأكثر من ذلك، أسدل الستار على السجون السرية التي أوجدتها السي-آي-إيه وسمح للصليب الأحمر بدخول المعتقلات، وأصر على القواعد المنصوص عنها في أعراف الجيش بخصوص الاستجوابات التي تجري تحت إشراف ومراقبة السي - أي - إيه أو أي جهات أخرى، وهذا يعني التخلي عن الأساليب الهمجية الوحشية القاسية واستبعاد التعذيب والإيهام بالغرق والضرب وتعريض السجناء للإهانات الجنسية، أو الحرمان من النوم والرعاية الصحية والطعام والشراب، ولمنع أي سوء فهم أو لبس، كان القرار الرئاسي واضحاً في التشديد على (عدم الاعتماد على التفسيرات القانونية المتعلقة بالاستجواب، والتي أصدرتها وزارة العدل ما بين الحادي عشر من أيلول عام 20٠1 و2٠ كانون الثاني 2٠0٩). كذلك الحرب على العالم الإسلامي، انتهت هي الأخرى، فالبرغم من عدم وجودها على الصعيد الرسمي، لكن هذا ما كانت تبدو عليه الحرب بالضبط على -الإرهاب- في الكثير من مناطق العالم، وهو سوء فهم غذته الحرب على العراق، والخطاب غير المسؤول للكثير من أركان إدارة الرئيس السابق بوش، فبعد هجمات الحادي عشر من أيلول، استطاعت أميركا حشد تأييد دولي واسع امتد حتى إلى العالم الإسلامي، ولقيت مساندة وتأييداً لتدخلها العسكري في أفغانستان للإطاحة بنظام -طالبان- الذي كان يقدم تسهيلات للقاعدة ويتعاون معها. لكن عندما تحول التدخل الأميركي إلى حرب مفتوحة تستهدف مناطق غنية مثل العراق دون وجود روابط بينها وبين هجمات الحادي عشر من أيلول، بدأ بعض المسلمين ينظرون إلى المساعي الأميركية على أنهاحرب ضدهم وتستهدف هويتهم ويؤججها عداء متطرف ضد الإسلام. وقد ساهم عجز الرئيس السابق بوش ومسؤوليه في التفريق بين الأيديولوجيات المختلفة التي تحرك التنظيمات الإسلامية المتشددة، في تغذية الشعور لدى بعض المسلمين أن المقصود من الحرب في النهاية هو الإسلام نفسه، وهذا التصور سعى أوباما إلى تبديده من خلال لقائه التلفزيوني مع إحدى الأقنية العربية الذي أوضح من خلاله أن أميركا ليست في حرب مع الإسلام قائلاً: (إن الإسلام والعالم الإسلامي مملوء بأشخاص رائعين، يسعون فقط ليعيشوا حياتهم، ورؤية أبنائهم يعيشون حياة أفضل). وأضاف أوباما قائلاً: (ثمة تنظيمات متطرفة سواء من المسلمين أم من جميع الديانات الأخرى، ممن يستخدمون الدين لتبرير العنف... ونحن لا نستطيع أن ننظر إلى دين معين من خلال العنف الذي يرتكبه بعض أفراده... وسنكون واضحين في التفريق بين تنظيمات مثل القاعدة التي تدعو إلى العنف، والأشخاص الذي قد يعارضون إدارتي بطرق مشروعة). وأنهى أوباما أيضاً الحرب غير المعلنة لإدارة بوش على العلم، إذ تعهد في خطاب التنصيب بـ (إعادة العلم إلى وضعه الذي كان يستحقه)، قالباً بذلك سياسة بوش المتجاهلة للحقائق العلمية ولا سيما فيما يتعلق بالاحتباس الحراري والتغير المناخي، وفي هذا الإطار أمر أوباما وزارة النقل لوضع معايير جديدة لسيارات أقل استهلاكاً للوقود، طالباً من وكالة حماية البيئة إعادة النظر في قرار بوش بمنع ولايات مثل كاليفورنيا من تبني معاييرها الخاصة الأكثر تشدداً في حماية البيئة من التشريعات الفيدرالية. وبخصوص الحرب غير المعلنة على النساء، فقد أتى أوباما لوضع حد لها أيضاً، إذ أصدر في 23 كانون الثاني قراره بإلغاء ما يعرف بـ (سياسة مكسيكو) التي تحظر على المستفيدين من المساعدات الأميركية إجراء عمليات الإجهاض للنساء، أو حتى توفير معلومات حول الإجهاض. ولا تعتقدوا أن الحروب المذكورة كانت مجرد استعارات لفظية ليس لها أي معنى في الواقع، ولم تحدث أي أضرار جسيمة، فقد كانت الحرب على -الإرهاب- هدية استفاد منها بن لادن أكثر من غيره، كما أن طريقتنا في الاستجواب وتبرير التعذيب، غذت الإرهاب أكثر مما منعته، والشيء ذاته ينطبق على حرب بوش غير المعلنة على عالم الإسلام. |
|