|
هير الد تريبيون ويعيدنا عنوان هذا الكتاب الى طروحات هيمنت آنذاك على الساحة الدولية وتتلخص بدعوتها الولايات المتحدة لطي صفحة ايديولوجيات سياساتها التي تروج للعنف انطلاقا من ثلاثينيات القرن الماضي ومرورا بالحرب الباردة وصولا الى مطلع القرن الحادي والعشرين ، يومئذ ساد اعتقاد ان ستينيات القرن العشرين لن تكون إلا عقدا ذرائعيا وأن استخدام تطبيقات الانموذج الكينيسي نسبة إلى مبدأ لورد «جون ما ينهارد كينيس» قبل قرابة قرن من الآن والذي ترك بصمات عميقة في سياسات الحكومات الغربية بحيث ينظم اوضاعا اقتصادية ذات تجارب وضعيه تؤدي إلى اتخاذ قرارات مهمة على هذه الصعد لكن ما حدث عكس ذلك وهو مادعاه «فرانسيس فوكوياما مؤخرا الفوضى الهائلة» اذ راحت اقتصاديات الإعلام والمعلوماتية تعطل عجلة الاقتصاد الصناعي لتفجر على سبيل المثال ثورة تحرر المرأة عبر العلاقات العائليه الاميركية كذلك الأمر بالنسبة للثورة التي هزت أوصال الحقوق المدنية لتخلق فوض داخل النسق الاجتماعي في الولايات المتحدة كذلك هدمت حرب فيتنام مصداقية النظم الاميركية المؤسساتية وقد رأت شريحة من المفكرين الاميركيين ان تلك الفوضى ضرورية بشكل عام إلا أن التحولات التي رافقتها كانت مؤلمة حسب ما اجتمعت شريحة أخرى إذ فقد المواطن الأميركي بشكل خاص ثقته بالمبادئ الاجتماعية المتوارثة نظرا لأن المبادئ والشرائع المستحدثة لم تأت بالبدائل المتوقعة ونتيجة لذلك غاب نظام العدالة مع ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع الاميركي ولتسجل الجريمة أعلى معدلات وانهارت ثقةالفرد بمؤسسات الدولة لينعدم احترام الانظمة والقوانين المرعية، ليفرض استقلال المرء هيمنته على روابط اجتماعية متفككة ولتناصر الاحزاب الليبرالية الاميركية التحرر الاخلاقي فواصلت الاحزاب المحافظة مطالبتها بالتحرر الاقتصادي لتتمخض تلك المبادرات والتخبطات عن افتقاد لمشاعر التآلف الاجتماعي المشترك واطلق عليها كريستوفر لاش تسمية «ثقافة حب الذات» فبدلا من التخلص من الايديولوجيا ولدت الفوض البناءة كما دعيت سياسات ايديولوجية هدامه ليؤدى تردى القيم الاجتماعية الى نشوب معارك عنيفة على أكثر من صعيد مع تنافس شرائح ومجموعات من اللوبيات الأميركية لابتكار مبادئ اجتماعية مغايرة لتلك المعروفة قبل حرب فيتنام لتسيس الأمور الشخصية والمصالح الآنية. احتدم الصراع بين الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي لترجح كفة الحزب الجمهوري خلال انتخابات الرئاسة الاميركية الماضية ليغدو مفهوم الليبرالية أكثر ارتباطا بانعدام النظام في الولايات المتحدة. أما السياسة فأصبحت صراعاً على القيم وأساليب الحياة إذ هيمن اسلوب حاقد مارق على الحياة السياسية في عهد الرئيسين الأميركيين بيل كلنتون وجورج بوش لتنصرف فئة من المجتمع إلى اصلاح بنيانها من الداخل ببطئ وباصرار ففي عام 2002 كتب «ريك وارن» مؤلفاً يحمل عنوان «الواجب يدير الحياة» وتقول أولى جمله إنه كتاب لايتوجه لك أيها القارئ ليوحي أن عصر الشخصية الإفرادية التعبيرية شارف على نهايته إذ اندمجت أشكال اجتماعية جديدة مع المبادئ الوافدة ليحافظ الأزواج من الجيل الشاب الراغب في تكوين أسرة على عدد من المبادئ التقليدية. ومن الحقل الثقافي شارفت الفوضى الخلاقة على نهايتها مع نزول مبادئ اجتماعية جديدة إلى الساحة ويعد قدوم باراك أوباما الى البيت الأبيض تحدياً جديداً أمام الاصلاحات الاجتماعية الاميركية فالرئيس الأسمر سليل أسرة مفككة دفعته ظروفه تلك لبناء أسرة محافظة، يميل سلوكه للانضباط والتحكم بالذات وتحقيق التوازن الأخلاقي وقد أشار بيتر بنارت في مجلة تايم الى أن الديمقراطيين في ظل قيادة أوباما بدؤوا يشكلون حزباً يميل إلى المحافظة على النظام في حين وقع الجمهوريون في حالة من الفوضى الهدامة. |
|