|
دراسات واستمرت أيضاً في تجاهل المبادرة. حسن جداً- في الوقت ذاته كانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تحض الكيان الصهيوني على مواصلة محرقته المتأججة في القطاع, وتعلن بوضوح يصل إلى حدود إثارة الاشمئزاز أن الطرفين (الإسرائيلي والفلسطيني يريدان العودة إلى المفاوضات وإن استمرت إسرائيل في عدم إيقاف النار). جاء ذلك استباقاً للقمة العربية المقررة في دمشق نهاية الشهر الجاري- مع توكيد الأمانة العامة للجامعة العربية أن (جميع) دول الجامعة العربية ستحضر القمة.. في إشارة واضحة إلى سعي مخلص يهدف إلى إنجاح القمة الأولى في العاصمة العربية العريقة- دمشق. حسن مرة أخرى, لكن دعونا نتحدث عن المبادرة العربية للسلام التي انطلقت من بيروت وتكرر تمسك العرب بها في قمتين لاحقتين.. ونتساءل: كيف استقبلت تل أبيب المبادرة? وكيف استقبلت واشنطن المبادرة? من كل بنود واشتراطات المبادرة لم تر تل أبيب ولم تر معها واشنطن سوى استعداد العرب جميعاً لعلاقات طبيعية مع الدولة العنصرية المحتلة. لم تريا شروطاً عربية ينبغي توافرها حتى يقيم العرب علاقات طبيعية مع دولة الاحتلال (إسرائيل), أي أنهما لم تريا ضرورة انتهاء الاحتلال وضرورة قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ولم تريا طلب علاج قضية اللاجئين الفلسطينيين والإشارة العربية الواضحة إلى القرار ,194 ولم تريا شرط انسحاب الاحتلال من كل أرض عربية محتلة, ولا شاهدتا مسألة الحدود والأسرى. لذا فإن المحتل الصهيوني قابل المبادرة بداية بالرفض. وإن أردنا دليلاً ملموساً على هذه النتيجة فإن ما جرى في (أنابولس) يكفي- وإن لم يكن كافياً فلنقرأ الصفحات الأخرى التي تلت الاستهلال في أنا بولس, لنقرأ صفحات العدوان اليومي في الضفة الغربية, لنقرأ سطور وكلمات الدم والحرائق في قطاع غزة- لنقرأ معاني زيادة وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية عموماً وفي القدس خاصة, لننظر إلى مجريات تشييد جدار الفصل العنصري, بل ولنترقب ما يجري اليوم وما سيجري غداً ضد شعب فلسطين. كل ما جرى منذ ستة أعوام يؤكد أن الاحتلال يرفض المبادرة, ويصر على مواصلة سياسة تمليها عليه ايديولوجيته القائمة على الاجتثاث والأبارتيد والقتل والغصب والاغتيال وتغيير الواقع الديمغرافي وتهويد القدس واقتلاع الفلسطينيين من وطنهم ومن أراضيهم وتهديم البيوت وحرق الشجر عامة والزيتون خاصة...الخ من سلسلة طويلة ممتدة منذ (وعد بلفور) ولم تتوقف حتى عند وعد جورج دبليو بوش. اليد العربية الممدوة لم تتلق أي يد مقابلة بل ربما كانت المخارز المدببة هي ما يحمل الرد الصهيوني على المبادرة, ومعها النار المشعلة في القطاع, وحمامات الدم هناك والاغتيالات والاعتقالات في الضفة الغربية- مع أن أي صاروخ لم ينطلق من أي مكان في الضفة نحو (مداخل ومحددات ومدن ومستوطنات وقرى ما وراء الخط الأخضر). أما رايس فلقد جاءت لتوكيد أمور عدة في القدمة منها: الدعوة إلى إشعال أوار حرب أهلية فلسطينية- وتزيين العنف الفلسطيني- الفلسطيني وتعزيز الانقسام بين رام الله وغزة- وعدم إنكار محاولات واشنطن وتل أبيب تعميق الهوة بين الفلسطينيين ودفعهم إلى طاولة مفاوضات عبثية مع استمرار المحرقة في فصول دامية وسوداء جديدة ومتصاعدة- لا تستثني الشجر ولا الطفولة ولا الكهولة ولا النساء لا البيوت ولا الشوارع- وتبقي على مليون ونصف مليون إنسان في القطاع نهباً للجوع والمرض والموت والقتل. السؤال هو: ماذا سيكون قرار العرب- القابل للتنفيذ- في القمة? والأهم من هذا: هل وضعوا بدائلهم وخياراتهم الأخرى في حال رفض تل أبيب مبادرتهم? nawafabulhaija@yahoo.com |
|