تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مركز أدهم اسماعيل.. تاريخ وإبداع

ثقافة
الثلاثاء 27-12-2011
عندما يضع التشكيلي في سيرته الشخصية أنه خريج معهد أدهم اسماعيل تتبادر إلى الأذهان صورة الفنان الراحل أدهم اسماعيل الذي سمي المعهد باسمه قبل التفكير بهذه المؤسسة الأكاديمية العريقة والهامة التي قدمت خيرة الفنانين التشكيليين على مستوى سورية فالفنان الذي رحل باكراً استطاع تخليد اسمه ليس عبر أعماله التشكيلية فحسب بل عبر مؤسسة تعنى بتخريج الفنانين.

ينتمي اسماعيل بقوة إلى مدرسة ملتزمة بالمكان والتراث والأصالة بل ويصفه البعض بأنه رائد الأصالة القومية في الحركة التشكيلية السورية بسبب انعكاسات تفاصيل المكان والحياة السورية في لوحاته ولو من خلال الرموز العميقة التي تعتبر من الأساليب الفنية العالية المستوى التي عمل بها الراحل.‏

ولد أدهم اسماعيل في انطاكية عام 1922 وعمل في الرسم مبكراً حيث كانت رسومه في المرحلة الإبتدائية غاية في التقنية ومذهلة لمن حوله وتفتح آفاقه الفنية بصورة مبكرة على المدارس والتقنيات فكان نضجه الفني سابقاً لأوانه اختصر فيه مراحل شتى.‏

ومن بحثه الذاتي وجهوده الشخصية في مجال الفن والتشكيل إلى الدراسة الأكاديمية حيث درس في أكاديمية الفنون في روما وتخرج منها عام 1956 وعين بعد ذلك مدرساً للرسم في درعا واستمر إلى أن انتدب للعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي بالقاهرة عام 1959 أيام الوحدة وشارك في معرض الاسكندرية الثالث بلوحة نساء من حوران على العين التي أعجبت النقاد ولجنة التحكيم ومنح عليها جائزة امتياز.‏

لعب عمله في الريف ومعايشته للبساطة والتراث السوري في عدة أماكن دوراً كبيراً في توجيه لوحاته نحو تلك البيئة والتفاصيل وأعطاه قدرة على اكتشاف المكنونات الفنية في الريف السوري والتي انعكست بقوة في لوحاته فيما بعد.‏

من الواقعية الطبيعية إلى التعبيرية ثم التجريدية والتكعيبية تنوعت محاولات الفنان ليتذوق الفن من مختلف مشاربه ويعبر عن أفكاره بشتى الأساليب حيث مزج اسماعيل بين التجديد والأصالة فلوحاته التي تحمل فكراً حداثياً وبناءً تشكيلياً جديداً هي لوحات تنتمي للتراث العربي والإسلامي فأسلوب الأرابيسك الذي أبدع فيه الفنان وأصبح محور منجزه التشكيلي جعل من لوحاته إرثاً فنياً أثر كثيراً في الأجيال التي لحقته وعملت على الحفاظ على التراث والتجديد.‏

عند نقاش تجربة أدهم اسماعيل في الفن التشكيلي نقف أمام بعدين أولهما البعد الاجتماعي كونه ابن المجتمع السوري بجدارة حيث تنقل بين مختلف المدن وعايش شتى الطبقات والبعد الثاني هو القومي العربي كونه كان قومياً وعاصر المأساة الفلسطينية وسلخ اللواء والعدوان الثلاثي على مصر والثورة الجزائرية لذا فقد كان لهذا البعد القومي السياسي أثر واضح في منجزه.‏

في صباح عيد الميلاد عام 1963 فارق اسماعيل الحياة باكراً تاركاً إرثاً تشكيلياً عظيماً يعتبر جزءاً من الذاكرة الفنية السورية ومخلداً اسمه بلوحاته وفي المركز الذي سمي باسمه تقديراً لجهوده في إغناء حركة التشكيل في سورية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية