تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الكرة في الملعب الأميركي

نوفوستي
ترجمة
الأثنين 17/11/2008
ترجمة: د. ابراهيم زعير

ربما لم يسبق لرئيس أميركي آخر, أن نجح بهذا القدر الكبير من خلق ردة فعل سلبية وكراهية للبيت الأبيض في العالم, كالرئيس جورج بوش الابن,

الذي برع في تشويه سمعة بلاده, لدرجة أن أي تغيرات قد تحدث في السياسة الأميركية, ستكون بمثابة نسمة هواء عليل. ومن الطبيعي أن يكون الرئيس المنتخب باراك أوباما بهذا المعنى الضيق والبسيط أفضل من بوش, لأنه لا يوجد أسوأ من عهده ولو أخذنا ذلك بعين الأعتبار, لقلنا: إن جون ماكين كان ليبدو أفضل من بوش في الرئاسة. بالطبع إن كل هذا مجرد ردة فعل عادية لدى إنسان بسيط, ولكن في السياسة الأمور تبدو مختلفة إلى حد بعيد, إذ لا يكفي أحيانا أن يكون المرء جيداً وفي أحيان أخرى سيئاً.‏

ونسمع أسئلة تتكرر, من هو الأفضل بالنسبة لروسيا والعالم أوباما أم ماكين? وخلف هذا التساؤل السطحي والبسيط نقول: أن الأفضل لروسيا والعالم عموما هو أن تتمكن أميركا في نهاية المطاف من التعلم مما يجري حولها, وأن تصغي لأصوات وآراء الآخرين وتفهم وجهات النظر المختلفة وإلا سيبقى النظر إلى أميركا, كما هي عليه في عهد بوش السيء وستبقى سياستها الخارجية كما تم صياغتها من قبل كونداليزا رايس ونائب الرئيس ديك تشيني, بوصفهما العقل الرئيسي في أيديولوجية المحافظين الجدد, وبالتالي لن تتمكن أميركا من التعامل لا مع روسيا ولا مع غيرها كما كان عليه الحال منذ عهد رونالد ريغان, ولكن هل ستتمكن بمثل هذه العقليةأن تلعب لعبة احتكار مكانة القوى العظمى, والتميز العالمي دون أن ترى مكانة الآخرين كروسيا والصين وأوروبا التي تتقدم بخطى سريعة ليحولوا العالم إلى متعدد للأقطاب? بذلك على الإدارة الجديدة أن تنظر نحو روسيا وغيرها بطريقة مختلفة تماما, فروسيا لم تعد تلك البطة العرجاء مثلما كانت في عهد يلتسين وليست هي روسيا المتعافية تدريجيا , كما كانت عليه في السنوات الأولى من عهد بوتين. فهي الآن دولة مختلفة كليا.. روسيا لا تسعى إلى تبنى ايديولوجية الأمبراطورية, وجل ما تقوم به وبكل بساطة, التأكيد على مصالحها بما يتناسب مع وزنها السياسي والاقتصادي في العالم وتعلن عن حرصها على مصالحها ومصالح حلفائها في المناطق القريبة منها والبعيدة, وفي أي جزء من الأرض.‏

ولم يعد من الممكن الكذب على روسيا, بأن الناتو لن يتوسع نحو الشرق على حساب ضم دول من حلف وارسو سابقا وجمهوريات البلطيق وينبغي أن تفكر مليا بالنتائج السيئة جدا على حليفها الجورجي سكا شيفيلي الذي حاولت عبره جر روسيا والمنطقة إلى الحرب والتوتر.‏

الكرة الآن في الملعب الأميركي, دون شك, وسيكون عليهم الآن أن يقتنعوا بأن لدى موسكو نوايا حسنة, وهي تعرف جيدا ما تريده من أوباما.‏

وتأمل ألا يستمر بلعبة بوش النووية, ونصب منظومة الدرع الصاروخية الموجهه ضد روسيا في بولونيا والتشيك. والحكايا الخرافية عن التهديد الايراني لم يعد يصدقها أحد. منذ أيام أعلن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف أن روسيا سترد على نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا الشرقية بنشر صواريخ (اسكندر) في منطقة كالينينغراد هل يعني أننا سنعود إلى (الكباش النووي)?.‏

موسكو لا ترغب بأن تقوم واشنطن بحياكة أنظمة موالية لها على طول الحدود الروسية ولا تريد استمرار التبادل في الأدوار بين الناتو وهيئة الأمم المتحدة.‏

ولاتريد تعديل القانون الدولي بما يناسب واشنطن والناتو. ولا ترغب بكثير من الأشياء من أوباما, لكنها ليست واثقة تماما حتى الآن مما ينوي فعله, ولاسيما إذا عرفنا من سيصنع السياسة الخارجية في إدارة أوباما.‏

ليس من الضروري أن تحب موسكو وواشنطن بعضهما البعض ولكن بوسعهما إذا رغب أوباما أن يؤسسا لمستوى مستقر من العلاقات الثنائية.في مجال الحد من التسلح, والتوصل إلى اتفاق شامل للتحكم بالأسلحة بدلا من ستارت(1) التي تنتهي مدة العمل بها في كانون الأول من العام القادم.‏

وثمة ثقة بأن تبرم اتفاقية بين البلدين في خريف عام 2009 وهو أمر ملح في ظل بداية انهيار نظام الأمن الدولي في مجال الأسلحة الاستراتيجية.‏

وهذا يقتضي الامتناع عن نشر الدرع الصاروخي في أوروبا وقبول جورجيا وأوكرانيا في عضوية الناتو.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية