تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لنمحوا ديون الفقراء

لوس أنجلوس تايمز- 10/11/2008 - los ANglos Times
ترجمة
الأثنين 17/11/2008
ترجمة: حكمت فاكه

لا يزال العديد من أطفال البلدان الفقيرة يعانون المجاعة وهي بلدان ذات موارد متواضعة, لكن أكثرها, بدل أن يستفيد منه الأهالي, ينتهي به المطاف في أيدي الدائنين الأجانب, ورغم المبادرات العالمية لشطب ديون الدول الفقيرة ,

مازال العديد من هذه الدول واقعا تحت نير الديون وفوائدها المرتفعة .‏

وليس غريبا في هذا الإطار أن تنتبه بعض أطراف المجتمع الدولي إلى التأثير السيىء للديون على اقتصاديات الدول الفقيرة وانعكاساته الكارثية على الوضع الاجتماعي للشعوب, بل هناك من شبه تلك الديون بنظام الفصل العنصري, فالديون المجحفة والمذلة تجعل الدول النامية خاضعة لرحمة البلدان الغنية, فهل من المعقول أن نترك الأطفال في افريقيا وآسيا يموتون بأمراض يمكن علاجها? وهل من المعقول أيضا حرمانهم من التعليم والحد من فرص حصولهم على عمل فقط لتسديد أقساط الديون المرتفعة وغير المشروعة التي أورثتها لهم الأجيال السابقة? الحقيقة أنه عندما يتم التفكير في أزمة الديون العالمية والتي تستنزف موارد الدول وتحرمها من فرص التنمية يقفز إلى الأذهان- ليسوتو- البلد الافريقي المجاور لجنوب افريقيا, فالكثير من سكان ذلك البلد يعيشون ظروفا بالغة الصعوبة والشدة بسبب افتقارهم للمواد الغذائية الأساسية,فضلاً عن انتشار الإيدز في صفوف مواطنيها وغياب الأدوية الملائمة لتخفيف معاناتهم, والواقع أن أزمة- ليسوتو- تظهر بوضوح الآثار السلبية للديون على الأطفال والتداعيات المدمرة على مستقبل البلاد بعدما ارتهنوا بمصيرها لتسديد الديون العالمية.‏

وأكثر من ذلك, فإن ثلث الأطفال في ليسوتو- لايتلقون أي تعليم ولا يذهبون إلى المدرسة, ولاسيما أن إجمالي المبلغ المستحق للدائنين يساوي موازنة التعليم في البلاد.‏

وبدلاً من الاستثمار في العنصر البشري وتحسين ظروفه الصحية وتوفير تعليم ملائم للأطفال, تدفع ليسوتو- البالغ عدد سكانها مليوني نسمة ما قيمته 647 مليون دولار كدين إجمالي من أموالها التي يفترض أن ينتفع بها السكان المعدمون إلى البنوك والمؤسسات المالية الدولية في العالم المتقدم, ولعل الأسوأ من ذلك أن الأمر لا يقتصر فقط على- ليسوتو- بل يتجاوزه إلى العديد من البلدان الأخرى, سواء في إفريقيا أو آسيا, حيث يعاني السكان من الجوع والمرض بينما تذهب موارد بلدانهم إلى الدول الغنية في الشمال حيث الحاجة أقل والرخاء أكثر.‏

واللافت أن الكثير من الدول الفقيرة, ومن بينها- ليسوتو- غير مؤهلة للاستفادة من مبادرة إلغاء الديون, لأن المعايير المتبعة في هذا الإطار لا تأخذ بعين الاعتبار مستويات الفقر المرتفعة أو الحاجة الماسة لتلك الأموال داخلياً, وربما الأسوأ من كل ذلك أن القروض التي تحصل عليها البلدان الفقيرة نادراً ماتستفيد منها الشعوب ولاتساهم في عملية التنمية إلا قليلاً, بل ينتهي بها المطاف في جيوب رجال الأنظمة التسلطية والمحسوبين عليها.‏

ولعل المثال الأوضح على ذلك, ماتشهده جنوب إفريقيا, حيث مازال الشعب يسدد استحقاقاته من الديون المتراكمة منذ نظام الفصل العنصري الذي لم يكتف بممارسة التمييز والعنصرية ضد المواطنين, بل أورث الأجيال اللاحقة تركة ثقيلة من الديون مازالوا يسددونها حتى الآن.‏

لذا يأتي القانون الجديد الذي يسعى الكونغرس الأمريكي لإقراره ليدقق في الديون المستحقة على الدول الفقيرة, وبلدان أخرى أقل فقراً مثل جنوب إفريقيا, لتحديد ماإذا كانت تلك الديون فعلاً مستحقة من الشعوب, أم أنها نظراً لظروف تاريخية معينة, مثل نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا, أصبحت لاغية.‏

إن شطب ديون البلدان النامية ولاسيما في افريقيا وآسيا سيساعد شعوبها على استغلال مواردها الخاصة في التنمية الداخلية, بدل إرسالها إلى الخارج, وعندما تتحقق النتائج المرجوة بإلغاء الديون, وتخفف الشعوب من الأعباء الملقاة على عاتقها, سيسحب النجاح ليس فقط على المنادين بإلغاء الديون وإنما للعالم بكامله.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية