تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تاريخه وآثاره ...القنيطرة موقع من العصر الحجري القديم والأوسط...حضارة إقليمية في فترة العصر الحجري النحاسي

هذا جولاننا
الأثنين 17/11/2008
هناء الدويري

اجتمع أكثر من أربعين باحثا أجنبيا وعربيا في الأيام الماضية وعلى مدار أربعة أيام في القاعة الشامية في المتحف الوطني بدمشق مؤكدين عروبة الجولان من خلال أبحاثهم التي قدمت تحت عنوان (تاريخ الجولان وآثاره) ولم تكتف بذلك وحسب

‏‏

بل أكدت أن الصراع حول الجولان هو صراع على ثقافة وتاريخ وصراع على الوجود وهو رفض للعنصرية الصهيونية والأساطير والأوهام التي تنهض عليها اسرائيل, وتاريخ الجولان عبر العصور يثبت أن الانسان سكن الجولان منذ القدم.‏‏

أما المئتان وعشرة المواقع الأثرية التي اكتشفت في الجولان والتي يقع أغلبها تحت الأسر الصهيوني فهي آثار تمثل عصوراً مختلفة شهدها الجولان بسهوله وجباله وهضابه فنجد مواقع تعود لعصر البرونز والحديد ومواقع العصور الكلاسيكية ومواقع العصور الاسلامية, وعن تلك المواقع وعن سورية عموما والجولان تحديدا قال الدكتور جان ماري لوتنسورير ممثل المحاضرين الأجانب في الندوة, هنا نتعلم أكثر عن جذورنا لأنه هنا تلتقي جميع ثقافات ما قبل التاريخ وتتداخل التأثيرات حيث الزراعة والحضارات العريقة ولدت هنا في هذه المنطقة التي تصل آسيا بإفريقيا وبأوروبا في بلد السحر العريق.‏‏

وما يؤكد ذلك التنقيبات الأثرية الحديثة والتي أثبتت أن الانسان سكن الجولان منذ القدم ونحت من صخور المرتفعات تمثالا صغيرا قبل 250 ألف سنة, تم العثور عليه قبل عقدين من الزمن وهذا يعني أن التعبير بالرموز لدى البدائيين أقدم بأكثر من 210 آلاف سنة مما كان يعتقد وبدأ في الشرق وليس في إفريقيا.‏‏

ولقد كان الجولان مفترقا للطرق وممرا للعبور إلى كل الجهات فمن هذه الطريق مرت جيوش الفراعنة المصريين وملوك آشور وبابل وفارس واليونان وجيوش العرب المسلمين.‏‏

الدكتور اندرو كانديل الباحث في جامعة توينغن قال: قدم تقرير البعثة الالمانية التي بدأت منذ عام 1999 والتي غطت مساحة تقارب ال 250 كم2, وقد وضعت البعثة في الحسبان تنوع المناخ والبيئة أو التضاريس فقد وجدوا الجبال العالية والسهول الواسعة المنبسطة إضافة للوديان, ومن هنا تشكل العامل الزمني لكافة اللقى الأثرية التي تم العثور عليها وتم تقسيمها إلى لقى العصر الحجري القديم ولقى العصر الحجري الوسيط.‏‏

وهذه اللقى تعطينا فكرة كيف عاش الانسان في تلك العصور وكيف توزعت الكثافة السكانية بين المناطق.‏‏

والمكتشفات الأثرية التي تم العثور عليها في القنيطرة تثبت أن القنيطرة موقع من العصر الحجري القديم والأوسط, وهذا ما أكده الباحث الدكتور خالد أبو غنيمة الباحث في جامعة اليرموك بالأردن فقد تم العثور على أدوات صوانية تبلغ حوالي 50 ألف قطعة حجرية معظمها من الصوان كما عثر على عظام حيوانية متنوعة وهذا يعني اعتماد سكان المنطقة على الزراعة والمنتجات الحيوانية وذلك لغناها بالغطاء النباتي والماء.‏‏

الأستاذ نظير عوض من خلال بحثه الذي قدمه وجد أن آخر المسوحات الأثرية للجولان (مسحاً وتنقيباً ودراسة) تم الكشف عن الكثير من المواقع التي أرخت على العصر الحجري النحاسي وتلك الدراسة أكدت علاقة هذه المواقع بالجنوب السوري حيث نلحظ في العصر الحجري النحاسي منجزات حضارية قدمت:‏‏

تغير خارطة توزع القرى.‏‏

تطور صناعة الفخار‏‏

ظهور تقنيات تخزين الحبوب.‏‏

تقدم الانتاج الزراعي.‏‏

ازدياد القرى الزراعية.‏‏

ظهور مهن وحرف مختلفة.‏‏

ظهور المعابد المنظمة.‏‏

ظهور تقانات مختلفة بالزراعة وتربية المواشي.‏‏

ظهور أشكال أولى للعلاقات التجارية.‏‏

ظهور الأختام الاسطوانية.‏‏

ظهور أولى أشكال الكتابة.‏‏

وفي الحديث عن حضارة الجولان في فترة العصر الحجري النحاسي إذا ما كانت حضارة محلية أو إقليمية قدم الدكتور والباحث في جامعة اليرموك في الأردن الدكتور زيدان كفافي بحثا عن المسح الذي قام به مع زملائه في مواقع مختلفة من الأردن وفلسطين والجولان ووجد بيوتاً متصلة على شكل مستطيل في تلك المناطق إضافة للخريطة التي تم العثور عليها في الجولان والتي تظهر تلك البيوت أيضا والأبنية من الحجر والتي ترتفع عن الأرض مترا بطول جدار سبعة أمتار إضافة لمكتشفات معمارية هي عبارة عن منشآت للتخزين حيث كان يعمد سكان تلك المناطق إلى تخزين محاصيلهم فيها وقد وجدت تلك المكتشفات المتشابهة في مواقع مختلفة كعين الزرقا وعين الحريري ووادي أبو حامد في الأردن وجبل معتوق ونفس المكتشفات تم العثور عليها في جبل حوران وعين الفرس في الجولان كل ذلك يوصلنا إلى نتيجة مفادها أن الجولان جزء من منطقة واسعة ليست معزولة وليست محلية بل هي إقليمية شملت تجمعا بشريا يحيط بالأردن وفلسطين والجولان.‏‏

كما نجد تقاطعا كبيرا في المكتشفات الأثرية التي تم العثور عليها في مواقع مختلفة من الجولان والأردن وفلسطين, فعلى سبيل المثال نجد آواني فخارية متشابهة في تلك المناطق كانت تستخدم لممارسة طقوس لسكان تلك المناطق كوضع الزيت فيها ما يعطي فكرة أن نوع الاقتصاد يعتمد على الزيتون في العصر الحجري النحاسي.‏‏

إضافة للأدوات المصنوعة من حجر الصوان والتي تم العثور عليها, أيضا في تلك المناطق نجد تشابها كبيرا فيما بينها وكيف أنها كانت أدوات لصناعة أولية توزعت في وادي الأردن وفلسطين والجولان وهذا يؤكد أن بلاد الشام كانت واسعة تعاقبت عليها عدة حضارات ومجتمعات بشرية كان هنالك تواصل فيما بينها.‏‏

وعن دور المنطقة في توصيل المزايا الحضارية إلى موقع الحضارة القديمة قدمت الدكتورة ريا محسن الحاج يونس من الهيئة العامة للآثار والتراث في العراق متحف الموصل قدمت بحثا عرضت من خلاله الأختام التي كانت تستخدم في السابق إضافة لمواقع انتشارها والحياة الاقتصادية والاجتماعية التي تدلل عليها.‏‏

والصفات المشتركة من حيث المشاهد المنقوشة عليها وما تحمل من أفكار نجدها مشتركة في جميع مراكز الحضارة في الشرق القديم, حيث نراها في بلاد الشام وعيدان الخليج العربي وفي مصر وحتى تركيا وبعض جزر البحر المتوسط, تلك الأختام ظهرت في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد وبداية الثالث وهي أختام صوانية تحمل رسوماً يمكن أن نصنفها كالتالي:أختام حملت صور حيوانات منتجة للألبان واللحوم وعلى الأغلب هي ماعز وثيران, هذه الحيوانات تسير بصفوف وبشكل هادىء ومطمئن مثالي بين نباتات مبالغ برسمها للدلالة على وفرة الغطاء النباتي, إضافة إلى بعض الجرار هذه الرسوم على اعتبارها حيوانات منتجة ما يعني أن الأساس الاقتصادي في تلك الفترة هو الزراعي لمواقع الشرق القديم حيث وجدت تلك الأختام في مواقع مختلفة من العراق وسورية وبلاد الرافدين وبلاد الشام وفي خفاجة في جنوب العراق.‏‏

أختام حملت صور حيوانات منتجة للألبان واللحوم وإلى جوارها حيوانات مفترسة وخاصة الأسود التي تظهر بكثرة, هذه الأختام تعكس الفكر الذي كان يجول في خاطر المجتمع وهو الخوف على اقتصادياته من الحيوانات المفترسة والتي تظهر بشكل متناسق ومتناظر, وفي نفس الفترة ظهرت تلك الرسوم مضافا إليها رسم للانسان والذي يعتبر البطل والحامي لتلك الحيوانات المنتجة لا تصرعها الحيوانات المفترسة كما شملت الرسوم بعض الحيوانات المقرنة.‏‏

النوع الثالث من الأختام الأختام التي حملت رسوم أزهار وورود وأشكال هندسية نجدها في خفاجة وبلاد الرافدين وتل مارديخ وفي مناطق متعددة من فلسطين وتركيا ووصلت إلى مصر.‏‏

والتساؤل هو كيف ظهرت كل تلك القطع في مناطق مختلفة وبنفس الفترة?.‏‏

هذه الأختام والنقوش كانت تستخدم طبعات أختام على الجرار أثناء التبادل التجاري بين المدن والبلدان ما يعني أن الدور الفعال للتجارة هو الذي ساهم في نقلها من بلد إلى بلد (النشاط التجاري).‏‏

وبالتأكيد عندما نجدها في فلسطين فهي حتما مرت عبر الجولان فهو الطريق الأقرب.‏‏

هكذا نجد أن الجولان لم يكن منفصلا عما حوله وفيه العديد من النشاطات التي تدلل على الوجود البشري فيه منذ القدم وكيف أنه بوابة تصل كل المناطق ببعضها وغنى الجولان بالمواقع الأثرية يدلل على ذلك.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية