|
الافتتاحية أما الاتفاقات الأميركية العراقية فيخشى أن تكون بوابة عبور تستحضر الأميركي للتدخل بشؤون المنطقة ولاسيما عندما يتخذ الطرف الأميركي صفة المحتل. أي اتفاق بين دولتين أو أكثر يشترط فيه ألا يؤذي الجوار وألا يشكل غطاء لهذا الأذى.. وفي حالة أي احتمال لإمكانية حدوث ذلك يعتبر هو بحد ذاته تحدياً للجوار, دائماً ومستمراً ما دام الاحتلال. وفي وضعنا العربي ورغم كل المعاناة لا ننصح أن يتم التجاوز على العروبة.. على الروابط العربية.. على التضامن العربي.. واستصغار شأن ذلك كله. أذكركم بالتاريخ.. أذكركم برد الفعل العربي على قيام طائرات بريطانية مقلعة من مطار (الحبانية) في العراق, بتقديم خدماتها لقصف بور سعيد في مصر إبان العدوان الثلاثي, 1956 لقد اعتبر ذلك أكبر فحش سياسي استعماري يمارس في المنطقة, وكثيراً ما نبه العرب إلى خطورة وجود قوات بريطانية في العراق في القواعد أو خارجها .. لأن هذا الوجود الاحتلالي يعتبر مشروع عدوان مستمراً.. وعندما أتت الفرصة.. أو الحاجة.. قامت هذه القوات بالعدوان دون حساب لقيم المنطقة وترابط شعوبها أو لأي صك أو نص يحكم وجودها.. هذا العمل اللا شرعي.. هذا الفحش.. هذا العدوان الذي وقع في عام 1956 .. لاقى رفضاً عربياً.. لم ينسه الغرب -على ما اعتقد - وأدى إلى المساهمة الأكيدة القوية في رسم نهاية نوري السعيد والحكم الهاشمي في العراق في حينه.. وإلى تعاظم الصوت العربي وراء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. لماذا ننسى التاريخ..?! لا شك أن ثمة متغيرات في الحياة تنتج آثارها على أي فعل أو رد فعل بأي حجم كان.. وربما يعكس الواقع الملموس المقروء على سطح الحياة اليومية العربية, أنه لم يعد في الأمة من حياة كي يكون لها رد فعل ينذر.. لا أنكر المبررات المنطقية لمثل هذا الكلام في الواقع الراهن.. أيضاً لا أنكر خطورة اطلاقه على عواهنه.. خطورته على مطلقيه!! التجاوز على العروبة والأخوة العربية وحقوق الجوار وحرمة دم الأخ, هو تجاوز لتاريخ المنطقة ووجودها ولا نرجح أن يتم دون عواقب. أعود إلى الحديث عن التاريخ.. العدوان الأميركي على البوكمال.. هل قَبِلَه العرب?! هل قَبِلَته المنطقة?! الذين يقرؤون الحقائق من خلال القصور وبيوتات الوزارات لعلهم يستهينون برد الفعل العربي.. لكن.. الذين يقرؤون الحقائق من الشارع العربي.. من الشعب العربي يعرفون جيداً الرفض الكلي الغاضب للعدوان. إذا كانت القوى العالمية تعوّل على موقف القصور وبيوتات الوزارات .. نحن نسأل: أنتم لا تثقون بصحة تمثيلهم لشيء أو لأحد.. فماذا يعني أن تصدقوا هذه..! نحن نصدق الشارع العربي... الشعب العربي.. نصدق العروبة ونؤمن بها ونعوّل عليها.. ولن نخسر.. ألا ترون أننا لم نخسر حتى اليوم..?! |
|