تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل نتعلّم من قيم وعادات غيرنا؟

مجتمع
الأحد 10-1-2010
غانم محمد

سألوا قبّرة: لماذا تبنين عشك في الأرض والشجر من حولك في كل مكان؟ فأجابت: لا أحب النظر إلى الأشياء من فوق فأخطىء في تقديري لها ولا تكون معرفتي بها دقيقة، ثم ماذا لو أن بني البشر أتوا على كل الأشجار؟

ويحكى أن غراباً قرر الرحيل بحثاً عن سبب يقنع به نفسه بأنه نذير شؤم فحلّق في فضاء سواده وابتعد عن المكان الذي اعتاد العيش فيه وبدأت ذاكرته تخف شيئاً فشيئاً لكنه استطاع أن يتذكر الخراب الذي انطلق منه ففرح كثيراً وأراد العودة مزهواً بالتهمة المنسوبة إليه وأقسم بأنه لن يفكر بهذا الأمر بعد الآن!‏

ما زالت أمنيات السنة الجديدة خضراء، وما زال قلب الإنسان مترعاً بأمنيات الخير له ولغيره من البشر، لكن ماهي إلا أيام قليلة ويعود كل شيء إلى ما كان عليه...‏

كنت في جنازة ( أبعد الله عنكم كل مصاب) وقد شدّني إحساس المشاركين بها، كلهم يتحدثون عن حتمية الموت وعدالته وعن ضرورة أن يتزود الانسان من دنياه إلى آخرته وإن الدنيا فانية وقصيرة وسعيد الحظ فيها من يستطيع فعل المزيد من الخير...‏

ودّعنا ذلك الميت إلى مثواه، الأخير، وفي طريق العودة من المقبرة تغيّر الحديث كلياً واختلفت نبرته، ومن كان يلقي المواعظ والحكم تحوّل إلى ثرثار، يعلّق حتى على لباس أهل الفقيد وعلى صمتهم وعلى طريقة حديثهم!‏

في الأعراس، وحيث يخرج الجميع تقريباً عن وقارهم فيغنون ويرقصون... الخ ..يتبارى المدعوون في بذل التهنئة والمدح بالعروسين وفي المبالغة بالتعبير عن سعادتهم، وعندما تنتهي الحفلة تبدأ التعليقات على كل شيء.. من دخول العروسين إلى قاعة الاحتفال إلى جلوسهما في« الكوشة» إلى ثوب العرس ونوع التسريحة ونوعية المأكولات والمشروبات..الخ‏

يأتيك جار لتقديم التهنئة لك بتفوق ابنك في المدرسة،ومنذ أن يدخل بيتك وحتى يخرج منه لا ينقطع عن الحديث عن مزايا ابنك وسلوكه الراقي وذكائه الخارق، وما أن يغادر بيتك حتى يقول لزوجته أو لمن معه: لولا الواسطة والدروس الخصوصية لما كان الأول على صفّه!‏

كل هذه الأمور تعكّر مناسباتنا السعيدة معظم الأحيان وتزيد في قسوة مناسباتنا الحزينة، وعمى ألوان المواقف والمشاعر يحضر بطريقة تبكينا أولاً وتذكرنا بألوان الطيف السبعة ثانياً وضرورة الاعتراف بها وحدها ونبذ كل الألوان المستحدثة في مجال التفكير على الأقل....‏

هل يبقى الغراب غراباً إذا ما تخلى عن لونه الأسود؟‏

وهل تبقى القبّرة قبّرة لو بنت عشها أعلى شجرة عالية وهي التي اعتادت الطيران قريباً من سطح الأرض؟‏

لنتعلم قليلاً من عالم النمل وهاكم حكايته الخاصة...‏

يبقىمعشر النمل مجتهداً طوال فصل الصيف والخريف في البحث عن مؤونةالشتاء وهذه ميزة معروفة ومشهورة في عالم النمل ولكن السؤال هو: عندما تخرج نملة باحثة عن حبة قمح وتجد وكر نمل آخر وعلى جانبيه الكثير من القمح هل تسرق حبة قمح من جني غيرها؟‏

الجواب لا، ومن النمل إلى معشر البشر الذين يحلل بعضهم سرقة تعب وجهد غيرهم...‏

نكتة جديدة: سقط كلب من بناء شاهق ففقد ذاكرته، وعندما أراد أن يعبّر عن ألمه سأل نفسه: أأقول (عو) أم( نيو)؟‏

أتمنى ألا نفقد ذاكرتنا البشرية وألا ننسى أن الموت ينتظرنا في آخر الطريق‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية