تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حرب بالإرهاب أم على الإرهاب ؟

إضاءات
الاثنين 18-8-2014
د. خلف علي المفتاح

النجاحات الباهرة والاستراتيجية التي حققتها قواتنا المسلحة والدفاع الشعبي في منطقة المليحة وما حولها هي انحازات ذات طابع استراتيجي تضاف الى سلسلة نجاحات حققتها خلال حربها مع العصابات الارهابية المسلحة طوال السنوات الماضية ،

تلك الحرب التي واجهنا فيها عدوانا غير مسبوق من قوى عالمية سخرت عشرات المليارات من الدولارات ومئات الفضائيات وعشرات الآلاف من الارهابيين مدعمين بغطاء سياسي وتمويل ودعم لوجستي وسياسي من قوى كبرى دولية واقليمية .‏

ان الانتصارات التي يحققها افراد قواتنا المسلحة الباسلة هي شرف كبير لها ولشعبنا وقيادتنا السياسية ولكل مقاوم وشريف في هذه المنطقة فهذه النجاحات توضع في خانة حماية وأمن واستقرار سورية وكامل دول المنطقة وشعوبها لأن الارهاب التكفيري يشكل خطرا وجوديا على الجميع ودونما استثتاء لأحد ايا كان انتماؤه الوطني او الديني او العرقي والمذهبي وهو ما اثبتته الاحداث التي مرت بها كل من سورية والعراق و لبنان وغيرها من دول المنطقة .‏

ان الفهم المتأخر للأحداث التي تشهدها المنطقة وعدم وضعها في اطارها الصحيح وابعادها الحقيقية هو خطأ كبير واستراتيجي يدفع ثمنه الباهظ ابناء المنطقة وربما شعوب العالم خاصة حال التغطية او التعتيم عليها او محاولة الادعاء بعدم فهمها ، من هنا تأتي اهمية ومصداقية ما حذرنا منه شعوب وقادة المنطقة في بداية الاحداث في سورية من ان الهدف مما يجري هو ادخال الجميع في صراعات مذهبية وطائفية وجعلها ساحة ارهاب لا يستفيد من نتائجه سوى العدو الصهيوني والقوى الاستعمارية المتحالفة معه وهو ما ثبت صحته ومصداقيته من هنا تأتي اهمية الاعتراف بالرؤية السورية بعيدا عن اي عصاب سياسي او ايديولوجي وضرورة الانخراط في جبهة موحدة لمواجهة هذا الخطر الارهابي الداهم الذي بدأ يوحد مرتسماته على الارض متجاوزا كل الحدود وعلى مرأى ومسمع دول العالم وشعوبه .‏

ان ازدواجية المعايير ومحاولة التوظيف السياسي للإرهاب لم ولن يعود تجارة رابحة لمن راهن على الاستثمار فيه‏

فها هو السحر ينقلب على الساحر كما كان عليه الشأن في افغانستان وغيرها من دول اعتقد مستثمرو الارهاب حينها انه سيبقى تحت السيطرة فإذا به يرتد على مصنعيه ومصدريه ويضرب في وسط الدار غير آبه بكل التحذيرات والتهديدات بكشف الاوراق والافصاح عن مكان الولادة والرعاية والاحتضان وهو ما افصحت عنه الصحافة الغربية وبعض الساسة الأمريكيين في كتاباتهم ومذكراتهم. :‏

إن الارهاب والقاعدة والتطرف ليست تنظيما محددا بقدر ما هو فكر وطريقةً تفكير وذهنية ثقافية يمكن ان تنشأ حيث يتوفر المناخ الفكري والثقافي والتربوي والاعلامي من هنا تأتي اهمية ان يدرك الجميع ان المعالجة والمواجهة للارهاب يجب ان تنبع من اتباع استراتيجية عالمية واضحة ومحددة لمكافحته وتجفيف منابعه وتعقب تنظيماته وتشكيلاته المسلحة حيثما كانت وتواجدت لانها محكومة باستراتيجية الحركة من مكان الى آخر وحيث تستدعي الحاجة والمصلحة لمشغليهم ومستثمريهم على ساحة الصراع الدولي وهو ما يلاحظه كل متابع للارهاب العابر للحدود .‏

والحال : ان العالم أمام ظاهرة ارهابية خطيرة وتمدد غير مسبوق لها باتت تهدد المجتمعات الانسانية و تحاول رسم خرائط صراع لم تكن قائمة في اكثر مناطق العالم حساسية واهمية اقتصادية وجيوسياسية ما يعني اننا امام خطر وجودي غير مسبوق يستدعي مواجهة حقيقية ولا نمطية في اساليبها وصيغها وطبيعتها العسكرية التي يجب ان تتجاوز كل ما هو قائم او حاصل من حسابات سياسية او تحالفات اقليمية وغيرها؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية