تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أضغاث على شكل وعي

آراء
الأثنين 25-5-2009م
هفاف ميهوب

محاولة أولى... محاولة ثانية.. ثالثة.. رابعة.. كم من الأوراق انتهكت محاولاتي وأنا أحاول البحث عن جدوى انتمائي.. لتصدني الأفكار بانتظار مؤجل يراودني على شكل أمنية.

إذاً، لتعذرني الصفحات على حماقتي.. أتجرأ وأنا الممزقة بآلاف الحقائق أن أمزق ذاكرة أوراقي وأرميها في حرائق منفى يراقص الظنون بفنونٍ تعربد مفتونة بالعصيان.‏

أيتها الأوراق.. أأنتِ مضطرة لتحمّل منغصات أفكاري تدنس بياضك بويل من الكلمات التي تحاول تجنب الزوايا المخصصة لمهنة مراقبة منصة أحلامك المحاطة بالتحذيرات الشائكة؟.‏

ولكن، هل أنا مجبرة على الاعتذار من أوراقٍ أعلنت حروب هزيمتي عليها خوفاً من أعداد الكلمات القتيلة وجعاً يئن بالهذيان؟! أأنا ملزمة أن أعترف بخيبتي.. الاستثنائية السواد في حضرة بياض استثنائي البلاهة، أمام تفوق المكيدة السافرة، تعانق الصفحات كثنائي مُبهم أتقن فن (الوشوشة المنكرة)؟.‏

لستُ مجبرة لكني كالباحث عن زمن القداسة وزمن النبل والطمأنينة، يعيد تشكيلنا على هيئة مستحبة ترمم الوجدان والإنسان والأزمان.‏

ها أنا، في أرضٍ تُشهر صمت الموت مع صمت الغربة، بعيون تخشى انعدام الرؤية إن تمادت بذرف المزيد من الأحاسيس في ليلٍ تسلل سراً على أطراف أوقاتٍ تهذي بحلمٍٍٍٍٍٍ قديم يشبه الأمل الطويل لوجودنا المعلق جهراً ورمزاً على أنه مفتاح خيبتنا العلنية.‏

السؤال يسنّ أسنان لهفته لابتلاع الاستفهام فيسقط في فراغ الجواب العبثي وغير الكافي لإشباع جوعنا القديم ودهشتنا الصائمة تضامناً مع الصمت الكوني الكسيح.. ولاجدوى.. هانحن، كلاعبي سيرك، يهرولون من أقصى يسار الحلبة إلى أقصى يمينها، وبالعكس.‏

إنها مصارعة الفوز الخائبة إذاً، فلتذهب ثيران الموت الهائجة إلى حلبة الجحيم.‏

هكذا أصبحنا بقانونٍ شيطاني مؤتمن على حياتنا، قانون أرغمنا أن نتنفس برئةٍ واحدة وأن نتكلم بنصف لسان ونصف وعي وعقل وإدراك.‏

هكذا أُرغمنا، أن نراوح في مساحة مهددة بالتلاشي، وبفلسفة الانتظار العرقوبية تحت طائلة الحرمان من حق المنطق الشامل.‏

إنه الزمن الأخير للمنتظرين فرج الآزمنة الآتية زحفاً على غضب الزمن، المدوّن في آواخر فهارس أشكالنا الوهمية الغائبة عن الرؤية.. بل المغيبة عن الحلم.‏

إنه زمن السقوط في حكايا من خبايا تعثرت مفرداتها فارتعشت وهي تعبرنا سراً لتجلد نكهتنا الفاسدة والمعلبة بمعاملٍ مخصصة للجور والقهر.. الزمن الأعرج يقتفي بريق اللاوعي فيصاب بتمزقٍ وارتجاج في اعتراف اللهفة.‏

إنه زمن الكفر المزركش بآلافٍ من اللعنات التي تقذف أسلحة فسادها حيث تأتى لها المكر.. لتفجر الحضارة بالمظاهر والتكاثر.. لنصبح كآلاتٍ جاحدة إلا في فجيعتها الراقدة قصداً على أرق الوعي..‏

لاعجب، وسأكتفي لألوذ في الفضول بعزلةٍ جريئة الرهبة ،تبوح بالأماني الطائرة كما لو أنها أسرابنا الحبلى بالأجواء الساحرة سأتكور على حدودي وأصلي في محراب أضغاثي.. ارتعاشات روحي بعيداً عن الصخب.‏

سأغفو على وسادة الليت.. علني أحرر الأمنيات من أغلال المستحيل لأصحو رغم أنف الأرق فإذ بي أنثى على شكل أمنية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية