|
سينما ومن هذا المنطلق ينبغي الحديث عنه دون تداعيات ومواقف مسبقة على أنه نص مسرحي تحول إلى فيلم سينمائي، بحكم الظروف والمناخات التي أنتج فيها وفي هذه المرحلة من حديث طويل ومتشعب عن حكاية السلطة والناس والمثقف ودوره، والحرية، والظلم والعدالة والجوع، وإسقاطات أخرى اجتماعية وسياسية الخ....
«سيلينا» على يد المخرج حاتم علي تضعنا في أجواء البنية الدرامية المحكمة والمتينة عبر استعراض غنائي وفني راقص، يمنحنا القدرة على طرح السؤال والإشكالية القائمة في الراهن المعاش، والواقع المرئي والمحسوس والملموس وعبر كل جنبات وزوايا التعامل وبعلاقات متوازنة أو غير مقبولة سواء مابين رجالات السلطة، أم مابين هؤلاء الناس. لذلك كانت قصة سيلينا أو حكايتها ليست حكاية هالة الفقيرة البائعة لأقنعة ووجوه، بقدر ماهي حكاية كل مدينة وكل شعب وفي أي زمان ومكان حيث استفادت المعالجة الدرامية من التناول المتعدد الجوانب للمواقف والشخصيات من مفارقة زرع الوهم أن «هالة» هي أميرة قدمت من بعيد، وإن «الملك» يريد الاقتران بها بنصائح واستشارات من مدير الشرطة والعراف والمستشار....الخ، لتحويل المملكة إلى حالة عامة تنعم بالاستقرار والرفاه والسعادة، لكن «هالة» ليست أميرة وليس «هب الريح» أميراً وملكاً هو مجرد أب فقير، سكير يجول بين المدن والقرى مع ابنته ليبيع الوجوه والأقنعة وتقع الصدمة حين ترفض «هالة» الكذب أنها أميرة وتتمسك بواقعها. هي حكاية ممتعة لكن الأمتع والأكثر ديناميكية، وحيوية لدى المشاهد، مايبرز في مواقف الشخصيات من الملك «جورج خباز» إلى الشحاد «دريد لحام» إلى العراف «أنطوان كرباج» إلى مدير الشرطة «أيمن رضا» إلى المستشار «حسام تحسين بك» وإلى بقية قطاعات الشعب، حيث يتمكن الشاب الفقير المعارض «باسل خياط» من الاقتراب والتودد إلى «هالة» ميريام فارس وتكاد تقترب من المطالبين بلقمة الخبز والعدالة والحق في مواجهة قوانين وممارسات السلطة بكل درجاتها. من الحارس إلى أعلى قمة الهرم أي «الملك» هناك إشارات ووخزات تضعنا أمام فن حقيقي جاد وموضوعي، وفي عرض أخاذ يشد الأبصار ويعج بالمتعة والفائدة. ومايطرح من مضامين ورؤى للحياة ومواقف ولقد كان لمساهمة فرقة «إنانا» دور هام في الاستعراض الفني والغنائي الدرامي، حيث استطاع المخرج توظيف هذه القدرات والامكانات بشكل رائع معطياً في ذلك الصوت الذي تتحلى به ميريام فارس كل آفاقه ومداه واتساعه وحنانه. «سيلينا» فيلم متميز ويستحق المشاهدة لأنه يتبوأ درجة امتياز في عروض وصناعة السينما العربية حين تتوجه إلى كل الناس بأطيافهم وأذواقهم وانتماءاتهم. |
|