|
ثقافة هذا ما أعادت طرحه الدورة الثانية والستون لمهرجان كان السينمائي الذي افتتح في 13 أيار الحالي، ففي طليعة الأفلام التي تندرج تحت هذا العنوان فيلم «الأعشاب البرية» للمخرج آلان رينيه والذي اقتبسه من رواية «الحادث» للكاتب كريستيان غيليه، وكان ذلك مناسبة لفتح ملف العلاقات بين الأدب والسينما خاصة بعد أن تضاعف عدد اقتباسات الأعمال الأدبية في الشاشة وحركت هذه الأعمال المؤلفين والناشرين والمنتجين السينمائيين. السؤال الذي يطرح نفسه هو لمن الغلبة للكلمة أم للصورة؟ عندما ولدت السينما لم يكن السؤال مطروحاً بالرغم من معارضة أنصار الفن السابع الذين كانوا يعتقدون أن هذا الفن قادر على ابتكار لغته الخاصة به، لكن ما تم التوصل إليه أنه لا توجد صورة من دون كلمة وما من فيلم دون كتابة وليس هناك ملاحم بصرية دون الارتكاز على رواية قيمة. إن موجة العداء التي جابهتها السينما عند ولادتها كانت في جزء كبير منها نتيجة هذا الخوف من الأدب وبدت حينذاك أنها تريد مهاجمة الأدب في موقعه، ما يفسر بشكل أو بآخر التوجه الكثيف لاستوديوهات التصوير نحو قصص الماضي والنصوص التي كان لها شهرة واسعة لدى الجمهور وقد حاولت بعض الأفلام التكتم على المواضيع المقتبسة. حول هذا الموضوع يقول أحد مديري الإنتاج فرانسيس ميوماندر: إن الرواية المسبوكة بشكل جيد ماهي إلا فيلم مكتمل، وجميع العاملين في الإنتاج السينمائي متفقون على هذا الرأي ما أدى بهم إلى الإعلان صراحة عن مصادر أفلامهم التي تناولت روايات كبار الكتاب من القرن الذي سبق السينما، من هؤلاء فيكتور هيغو وإميل زولا وايجين سو وغيرهم. يقول شارل باتيه صاحب أهم مؤسسة إنتاج سينمائي: إن السينما نتاج تابع للكتاب لذا علينا أن نشجع التعاون ما بين الكتاب الأدباء والسينمائيين وعلى الروائيين تقع مهمة خلق المخرجين الكبار كما كانت الحال مع جان كوكتو ومارسيل بانيول وأخيراً وليس بآخر مارغورتين دوراس وبيتر هاندكي الخ.. كما علينا أن نعود إلى بدايات الستينيات من القرن الماضي لنرى كيف تمكن جيل الشباب من السينمائيين من الاستيلاء على أعمال الروائيين الكبار من هؤلاء نذكر الإخوة روهمي وروفيت وتروفو وغودار... ونعلم كيف انفتحت في تلك الحقبة أمام هؤلاء الشباب السينمائيين المتنورين مساحات مختلفة وخلاقة عن الروايات وتم الاقتباس منها دون خيال لأن أي رواية مشهورة ستولد بالضرورة فيلماً ناجحاً.. وفي هذا المجال هناك شخصيتان تجسدان هذه الطريقة تماماً باقتباس الأدب إلى الشاشة هما ستيفن كينغ الذي انكب على أعمال بريدجيه جانص وهاري بوتر في قصصهم البوليسية مع التعديل بالحبكة والتغيير بالعناوين. واوريك روهمر الذي كان وفياً للأدب بأسلوبه الثقافي وقد بدا ذلك جلياً في عدة أعمال منها «الماركيزة» و «دير بارما» لـ استندال أيضاً «في قلب الظلام» لـ جوزيف كون راد وأخيراً وليس بآخر «القيامة الآن» لـ«فرانسيس فورت كوبولا». |
|