|
طب
وتقف كل صباح في موعد يومي مع المرآة تتأمل تأثير هذا المرهم، وربما سارعت إلى الإعراض عنه وأحلت مكانه منتجاً طبياً جديداً أو مستحضراً آخر أكثر فاعلية، فهي تريد على الدوام وجهاً نضراً لأن الوجه موطن الأنوثة الأول في تكوين المرأة. ومن الأمراض الجلدية التي تخشى المرأة الوقوع في شركها النمش، الذي تراه حواء ضيفاً مزعجاً يكدر عليها صفو العيش، لذلك تراها تلتمس الوسائل المختلفة للتخلص منه. وهنا قبل أن نتحدث عن النمش، نسوق قصة طريفة. هام أحد الشعراء بفتاة حسناء جاد عليها الله بقسط وافر من الأنوثة والسحر، لكنها كانت تعاني وجود النمش في وجهها الجميل، ولم يحل هذا الضيف الثقيل دون تعلق قلب الشاعر بها، وعندما لامه أهله على ذلك ونصحوه بالبحث عن فتاة ذات وجه خال من النمش قال: أيها العائبون وجهاً مليحاً نثر الحسن فيه بعض خدوش أي أفق بها بغير نجوم أي ثوب زها بغير نقوش؟! والنمش أكثر إصابات الجلد عناداً واستعصاء على العلاج، وإزالته تتطلب مثابرة طويلة، وإذا كانت معالجته بالغة الصعوبة، فهناك وسائل متعددة لتخفيفه وللوقاية منه. والنمش يصيب ذوات الشعر الأشقر أو الأحمر والجلد الرقيق، ويظهر عادة في الوجه والرقبة واليدين والكفين، ولكن قد يشمل أيضاً أنحاء أخرى من الجسم كالكتفين والعضدين والصدر والفخذين، وسببه في الدرجة الأولى استعداد خلقي في الشخص المصاب، ثم التعرض الطويل لأشعة الشمس دون وقاية الجلد الحساس من تأثيرها. وفي الجلد خضاب أسمر يكونه الكبد من بقايا كريات الدم الحمراء، ويوزعه الدم على خلايا البشرة عند تعرضها لأشعة الشمس لوقايتها من تأثيراتها. وإذا تعرض الجلد فجأة لمدة طويلة إلى أشعة الشمس، عجز الكبد عن مماشاة هذه السرعة بتكوين الخضاب الأسمر وتوزيعه على سائر أنحاء الجلد المعرض لأشعة الشمس، ويوضع الخضاب بشكل بقع غير متساوية بالكثافة بشعة المنظر وتكون منها (النمش) ومن المعروف أن النمش يبهت وتخف كثافته في فصل الشتاء وفي مطلع الربيع، ليعود إلى شدته في مطلع الصيف. ولتخفيف وطأته يعرض الجلد منذ بداية الربيع على أشعة الشمس الصناعية المنزلية لتهيئته تدريجياً لاستقبال أشعة الشمس الطبيعية في مطلع الصيف، كما تستعمل لوقاية الجلد من أشعة الشمس أدوية واقية تحتوي على (الكينا) التي تصد الأشعة إلى حد بعيد، وتحول دون وصولها إلى داخل الأنسجة. فإذا كانت بقع النمش سطحية وباهتة اللون أمكن إزالتها إلى حد كبير بالأدوية المقشرة لسطح الجلد أو بقصر (تبييض) البقع بالأدوية القاصرة بدلكها مثلاً بعصير الليمون الحامض، أو بمحلول (الأوكسجين بنسبة 1/0) الذي يباع في الصيدليات. والبقع المنفردة من النمش يمكن إزالتها بالكوي (بحامض الكاربول) ولكن هذا يتطلب يد خبير متمرن، وبعد الكوي الذي لا يجب أن يصل إلى الأجزاء السليمة من النمش يمسح الجلد بقطعة قطن مشبعة بالكحول، لإزالة الفائض من حامض الكاربول عنه. وإذا لم يفد الدلك بعصير الليمون الحامض لإزالة أو لقصر بقع النمش وجب قشر الجلد بالأدوية، وهذا يتم باستعمال مراهم خاصة يصفها الطبيب، تقشر سطح الجلد وتجدده في مدة عشرة أيام، يكون الجلد أثناءها مشوه المنظر بشع، لدرجة تلزم المصاب البقاء في المنزل بعيداً عن الأنظار، ولمن لا يستطيع ذلك بسبب أعماله ومهنته يستعمل أدوية أخرى تقشر الجلد في مدة ستة أسابيع، ولإخفاء معالم التقشير أثناءها يطلى الجلد في النهار بالكريم المدهن، ثم يمسح بفوطة نظيفة جافة. وأما استعمال المساحيق (البودرة) في هذه الحالات فإنه يزيد في إبراز القشور الجلدية، ولا يجوز استعمالها. وقد يستلزم إزالة بقع النمش تكرار عملية التقشير بضع مرات، وقد تبقى بعد ذلك بقع محدودة تعالج في معاهد التجميل بآلات حافرة خاصة، كالتي يستعملها أطباء الأسنان في حفر الأسنان المسوسة. كما تستعمل لإزالة هذه البقع أيضاً آلات التكميد الكهربائي (دياترمي) والكي بثلج حامض الفحم. وفي الحالات التي لا يفيد فيها تقشير الجلد وعملية القصر يعود فيها سبب الفشل إلى وجود تمدد في الأوعية الشعرية في البشرة، يجب معالجته وإزالته بالكمدات الرطبة المتعاقبة - بارد - حار - بارد - حار.. وهكذا. مع إضافات في الماء الساخن من أعشاب الناعمة المخزنية أو زهرة العطاس أو إكليل الجبل إذا أمكن. فإذا ما استعملت هذه الوسائل بانتظام في أيام الربيع والشتاء، وعمد في مطلع الربيع إلى المعالجة بأشعة الشمس الصناعية مع استعمال الأدوية الواقية، أمكن توزيع الخضاب بصورة متساوية على سائر أنحاء الجلد بدلاً من توزيعه على تبقعات. ويلاحظ أن الألوان الأصفر والأحمر والأسمر تقي من أشعة الشمس إذا استعملت مظلة (شمسية) واقية، قماشها ملون بأحد هذه الألوان. وفي الأحوال كلها فعلى المرأة ألا تبدي ذلك الكم الكبير من القلق إذا شاهدت النمش على وجهها، ولتكن على ثقة أن هذه البقع قد تكون عاملاً إضافياً في زيادة أنوثتها وسحرها فهي أولاً وأخيراً حواء الجميلة. |
|