|
شباب وكلها تعمل على مبدأ التنافس مع الكتاب دون قصد مباشر، أولها شبكة المعلومات «الانترنت» واستخدام الحاسوب في ثورة المعلوماتية الهائلة ومواقع التواصل الاجتماعي.
ومع كل العادات التي أرسيت بعيداً عن القراءة، أصبح التوجه للقراءة نادراً وليس مشجعاً، ولا ينطوي على الكثير من التشويق والمتعة ولم يحافظ على عادات المطالعة والقراءة إلا المثقفون الذين ليست لديهم متعة غير القراءة والمعرفة، أما الجيل الجديد فليس له أي اهتمام واضح بالثقافة والقراءة إلا ما ندر، ولهذا أصبح الكثير منهم يشكون إفلاساً واضحاً نحو الثقافة بكل اتجاهاتها وتفرعاتها. فما هي أهم التوجهات والأسباب التي سلبت الشباب من الكتاب إلى وسائل التكنولوجيا المعلوماتية وخاصة منها الحاسب المحمول «اللاب توب»؟. الطالبة الجامعية رنا الزبيدي تقول: إن هناك حالة من الفراق القاسي بين الشباب والكتاب واستبدالهم له بصورة جائرة بالانترنت، وإدمانهم الخطير في قضاء أوقات طويلة في متابعة المواقع الالكترونية المختلفة وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك مثلاً، وهذا يؤثر سلباً على ثقافتهم ووعيهم بحضارتهم وتاريخهم إذ إنهم بعيدون كل البعد عن الكتاب الذي يمثل أهم مصادر المعرفة على الإطلاق، كما تضيف رنا إن الانترنت والتكنولوجيا الحديثة بشكل عام أسهمت في إبعاد الشباب العربي عن الكتاب لأسباب كثيرة منها غلاء أسعار الكتب في العالم العربي الذي قلل من نسب اقتناء الكتب، ما جعل الانترنت وسيلة رخيصة وسريعة للحصول على المعلومة المختصرة والسهلة للفهم والاستغناء بها عن الكتاب الذي يحتاج وقتا طويلاً للقراءة ومالاً كثيراً.
المهندس بهاء الطيبي يقول إن التوجه للقراءة في أيامنا يعاني من أزمة شديدة، حيث بالكاد نجد من يفكر بشراء كتاب أو قراءته، وهذا يحدث في وقت ترتفع فيه مبيعات أجهزة الكمبيوتر المحمول يومياً بنسب مرتفعة جداً، وفي المقابل ينقص عدد القراء والراغبين بالقراءة من خلال الكتب. ويضيف بهاء إن هذه الحالة لم تأت من عدم فهنالك أسباب عدة لها، وأهمها هو ظهور منافس قوي لها وهو وسائل التكنولوجيا الحديثة والمواضيع التي تناقشها وتهتم بها. أما طالب التمريض يوسف العتوم فيرى أن المرحلة الجامعية التي يمر بها أغلب الشباب أصبحت لا تتناسب مع الواقع الذي يعيش فيه الشباب، بالرغم من أنها أهم المراحل في تنشئة الشباب وبناء شخصيتهم حيث أصبحوا بعيدين نوعاً ما عن الإبداع والتميز والثقافة، مضيفاً انه عند الحديث عن الكتاب والمطالعة فإننا نتحدث عن أهم مصدر للثقافة والمعرفة ولكن للأسف أصبح الكثير يعاني البعد عنهما وهجرهما، ربما بسبب التطور التكنولوجي الكبير الذي أصبح متوفراً لدى الأغلبية فهو يزود بالمعلومات بطريقة أسهل وبتكلفة أقل بمقابل ارتفاع أسعار الكتب لعدم توفر الدعم الكافي لها وغياب بعض الكتب التي تتناول الموضوعات المعاصرة التي يهتم بها الشباب وقلة وجود الأماكن العامة للمطالعة التي تمكن الشباب من الالتقاء والمطالعة الجماعية والحوار والنقاش، بما في ذلك من تحفيز وتشجيع لهم. الطالبة الجامعية روان ملكاوي تقول "لا أدري أين يكمن السر في هذا الموضوع، ولكني رغم أنني كنت من عشاق الكتاب وأحب قراءة القصص والروايات لكنني ومع وجود التكنولوجيا في منزلي أصبحت لا أحتمل القراءة أو الجلوس مع الكتاب والتسامر معه كسابق عهدي، ربما هناك عدة أسباب منها أنني أستمتع بالجلوس أمام شاشة جهاز الحاسوب ورؤية المواضيع التي أستطيع قراءتها في أي كتاب على شبكة الانترنت بالمؤثرات والألوان والأشكال التي أحبها وأستمتع بها"، وتضيف روان "أعترف بقرارة نفسي أن هناك نوعاً من الإدمان أصبح عندي على تلك التكنولوجيا، صحيح أنني أشعر بالراحة أحياناً لسهولة الوصول إلى ما أريد من كتب ومعلومات، ولكنني في نفس الوقت أشتاق إلى الجلوس مع كتبي والورق والحبر". الطالب الجامعي محمود عنبر يقول: إنه في ظل التقنية العالية التي يشهدها العالم بأسره اليوم، ووسط التغيرات المتتالية وعصر السرعة، تجاهل العالم الكتاب واتجه إلى الإنترنت باعتباره وسيلة تختصر المسافات والأزمنة، وتوفر كل ما يحتاجه المرء، من هنا برزت المعادلة الصعبة بين الإنترنت والكتاب. كما أشار محمود أنه في هذا العصر ارتبطت المعلومات بالكمبيوتر والانترنت وتخلت عن الكتاب، فالإنترنت يقدم المعلومات ولكن الكتاب يعلم فن القراءة، حيث لا يمكن إغفال ما حققته التكنولوجيا بهذا المجال وما يقدمه العصر الحديث من خدمات وتسهيلات جعلت من الحصول على المعلومات المختلفة أمراً سهلاً للغاية ومتاحاً للجميع شريطة أن يكتسب الأفراد القدرة على التعامل مع هذه التكنولوجيا المتقدمة. من جهته قال الأستاذ الجامعي أيمن علاوي إن ما يشغل الشباب عن القراءة في حقيقة الأمر ليس الوسائل الحديثة ولا "اللاب توب" كما يدعي البعض، ولن تحل المشكلة بتقليص عدد الأجهزة فالمشكلة الحقيقية تكمن في عدم تقدير القارئ والمثقف، وذلك يعد عاملاً هداماً للقراءة والثقافة، إضافة لذلك فمن الملاحظ أن معظم الشباب يعاني من حالة من النفور من القراءة بوصفه شكلاً من أشكال الحالة العامة المسيطرة عليهم وهي حالة فقدان الدافعية بشكل عام، تسببت بها الظروف الاجتماعية السائدة من فقر وبطالة، وهذا أدى إلى انتشار فكرة سائدة بأن الكتاب والقراءة والثقافة والمعرفة لا جدوى منها. ويضيف الأستاذ أيمن لقد أصبحت مسيرة التكنولوجيا الآن ومنذ نصف القرن الأخير من القرن العشرين سريعة ومتنوعة، فظهور الكمبيوتر أو الحاسبات خلال الثلاثين سنة الماضية كان بداية لعصر جديد، وهو ما أطلق عليه "عصر الإنفوميديا"، فبمجرد نقرة على الشبكة العنكبوتية ينتقل القارئ من موقع إلى موقع أينما أراد على وجه الأرض، الأمر الذي يؤكد مقولة "ثقافة بلا حدود" ذلك ما يجعل القارئ والباحث يستسيغ عملية اكتساب المعرفة عن طريق الانترنت وهذا ما يجعله أيضاً يفضل تلك الوسيلة على الجلوس لساعات طويلة يبحث فيها بين طيات الكتب من أجل استخلاص المعلومة التي يريدها. كما أشار علاوي إلى أن التكنولوجيا أصبحت عدواً للشباب فبدل أن يستغلها في المطالعة والقراءة والوصول إلى منابع العلم، أصبحت تستغل في الوصول إلى مواقع تعمل على هدم روح المثابرة والإصرار لديهم، ولا يخفى على البعض أن عشرات الكتب يمكنها أن تخزن على اسطوانة واحدة حتى أن الموسوعة البريطانية قد حصرت كتبها الكبيرة في عدد قليل من الاسطوانات تلك الكتب التي كانت تملأ جدران المكتبات الكبيرة في السابق الأمر الذي يعد تسهيلاً لحفظ المعلومات وسهولة تداولها وسرعة انتشارها. |
|