|
خارج السرب الواقع ان المرسوم الجديد قد سبقه قانون الدين العام الذي صدر في الخمسينيات من القرن الماضي والذي لم تطبق احكامه الخاصة بالسندات الحكومية لاسباب عديدة اهمها غياب الية للتطبيق وتردد الحكومات المتعاقبة في اللجوء اليه والاستعاضة عنه لتمويل حاجات الخزينة لتمويل عجوزات الموازنة بالاستدانة مباشرة من المصرف المركزي او اموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية او الاستدانة مباشرة من القطاع المصرفي وكلها عمليات لها محاذيرها الاقتصادية. الاوراق المالية الحكومية التي اعاد المرسوم تنظيم عملية اصدارها لها فوائد متعددة فهي اولا الطريقة الافضل لتمويل العجز في الموازنة العامة وهي اداة للسياسة النقدية تستخدمها في عمليات السوق المفتوحة التي يتم بوساطتها تنفيذ توجهات السياسة النقدية وهي اداة لمكافحة التضخم المالي عبر التحكم في حجم الكتلة النقدية وكذلك اداة للدفاع عن سعر صرف العملية الوطنية عندما تستخدم ما يسمى بعمليات التعقيم متدخلة في سوق القطع بتمويل شراء القطع الاجنبي وبيعه عن طريق الزيادة او تخفيض الكتلة النقدية المتداولة للتأثير على سعر صرف الليرة السورية. يحتوي النص التشريعي على عدد من المزايا فهو وضع آلية للسوق وحدد أسس التعاون بين الاطراف المعنية وهي وزارة المالية ومصرف سورية المركزي ووضع لجنة تشارك فيها الاطراف الاساسية وهي وزارة المالية ومصرف سورية المركزي وهيئة الاوراق والاسواق المالية. ستشكل الاوراق المالية الحكومية كذلك فرصة للقطاع المالي لمعرفة مؤشر لمعدل الفائدة وهي تلك الخالية من المخاطر وستوفر للمصارف وسيلة لإدارة سيولتها. وكذلك نص المرسوم على سقف واضح لحجم الدين العام في سابقة هامة ونص المرسوم ايضا على امكانية طرح ادوات دين عام اسلامية وهو تطور هام. يشكل تطبيق المرسوم ضمن اهدافه احد اهم انجازات عملية الاصلاح الاقتصادي وهو سيدل على الرغبة الواضحة في المضي قدما في بناء القطاع المالي على اسس فنية. في المقابل فان الاوراق الحكومية قد تشكل مشكلة للاقتصاد الوطني اذا استخدمت خارج الحدود التي قضى بها المرسوم ودون ان يتم عملية ضبط للإنفاق العام كما ستؤدي الى سحب السيولة من القطاع المصرفي وستجعل الخزينة العامة تنافس القطاع الخاص على الموارد المالية مما يؤدي الى ارتفاع كلفة الاقتراض بالنسبة للقطاع الخاص. يشكل التأخر في عملية اصلاح مؤسسات القطاع العام الخاسرة التي تتحمل الخزينة العامة عبء تمويل خسائرها والتضخم في الانفاق الحكومي من الناتج عن عدم البدء باجراءات حقيقية وسريعة ضمن برنامج للإصلاح الاداري ,احد اهم المعوقات التي قد تؤدي الى استمرارية بل تزايد العجز في الموازنة العامة للدولة وبالتالي الى صعوبة تطبيق المرسوم ضمن الاهداف الاستراتيجية التي يرمي اليها. *خبير مالي ومصرفي |
|