تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حــــب المقـــاوم

معاً على الطريق
الأثنين 9-2-2009م
مصطفى المقداد

هل يحب المقاتلون؟ وكيف يستطيع الذين امتهنوا لعبة الحرب ممارسة فعل الحب؟ وهل يمتلكون وقتا للبوح عما يكابدون من مرارات الفقد والبعاد..

المقاتلون الذين يمضون الليالي يحرسون الحدود الغالية, ويطوقونها بدمائهم وجهدهم,‏

قد يكونون أكثر الناس قدرة على اختزان مفاهيم الحب ومعانيه.. فهم الفرسان الساهرون, فيما يخلد غيرهم إلى الراحة, وهم الجنود المستعدون للتضحية دوما, في وقت يتثاءب فيه إخوانهم, وهم يقارعون السهر واللهو ويتمتعون باستنشاق عبير الزهور, في الصالات الفارهة المكيفة..‏

يتعبون بمحبة ليحظى أبناء جلدتهم بالراحة والهناء في المدن والارياف على السواء..‏

استمعت إليها بإمعان وهي تزيد فوق هذا العرض الطويل وتردف مؤكدة أن حلمها وحبها وأملها بطل حقيقي يقضي معظم أوقاته هناك على جبهة المقاومة يرقب بعينيه أرض بلاده. ويحفظ في قلبه حبها الأكيد.‏

كانت فتاة, وليست خيالا, تتحدث بعفوية وانفعال يعكسان صدقا داخليا لا يساور أحد شك في صدق نبرات قائلتها..‏

وفوق هذا زادت قولها ايضاحا.. فهي كفتاة في هذه البقعة المقدسة من العالم, لا ترتضي لنفسها إلا عاشقا يحسن كيف يكون بطلا في زمن ضاعت فيه حدود الحق والباطل..‏

وهي أيضا لن ترتضي لذاتها إلا اختيارا لبطل حقيقي يشبه أهلها وجيرانها, ويحملها بين عينيه وهو يذود في خطوط النار عن أحلامها وأحلام قريناتها اللاتي يحلمن بفرسان من طينة وجلدة وطبيعة فارس أحلامها..‏

أعادتني تلك الصبية المتصالحة مع ذاتها إلى أيام قديمة كانت تباعد ما بين العمل والممارسة والنضال المقاوم من جهة, وبين المشاعر والعواطف والأحلام من جهة ثانية..‏

ففي بداية التجارب تترك المعتقدات تأثيراتها في نفوس معتقديها بشكل غريب, قد يبتعد عن المطالب الذاتية, لكن اكتمال التجربة ينضج المشاعر, ويجعل المرء أكثر تصالحا مع نفسه, في ظل المعرفة الحقيقية بالاحتياجات الفعلية.‏

وبالعودة إلى فتاتي اراني أوافقها معترفا بأن اللاحقين غالبا ما يكونون أكثر حكمة ومعرفة, وغالبا ما يظلم المتقدمون بعضا من شركائهم وأصدقائهم فيما يكونون في الواقع في موقع متقدم زمنيا, لكن ذلك لا يدرك إلا متأخرا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية