|
على الملأ أي قبل أن تندمج مع شركة اللحوم وشركة الخزن، وتنشأ مؤسسة الخزن والتبريد، التي اتحدت مؤخراً مع المؤسسة العامة الاستهلاكية، لتظهر على الساحة السورية تلك المؤسسة العملاقة (السورية للتجارة). كانت الشركة العامة للخضار والفواكه - ولاسيما في بداياتها - تؤدّي خدماتٍ كبيرة للناس من خلال تأمين العديد من السلع والمواد، فضلاً عن تشكيلة واسعة من الخضار والفواكه بأسعار كاسرة للسوق وتعمل على توازنه، كما كانت هذه الشركة تخدم الفلاحين عبر مساهمتها بتسويق إنتاجهم. والمعروف أنّ من يحظى بعقد عملٍ سنوي يصير وكأنه مُعيّن تعييناً دائماً، فالعقد يتجدد في كل عام تلقائياً، ويحظى المتعاقد بحقوق العاملين الدائمين من تعويضات وخدمات وإجازات، إلاّ صديقنا هذا، فقد ضاقت به شركة الخضار والفواكه ذرعاً، وقتما استلم إحدى صالاتها، يستلم موادّاً ويبيع أخرى، وبحسب نظام عمل الشركة كان هناك إمكانية للسماح لمثل صديقنا أن يتلف نسبة محدّدة وصغيرة من هذه المواد لأنها بالفعل مُعرّضة للتلف، ولكن نسبة التلف هذه بمقدار ما كانت موضوعية، وتُشكّل مرونة في الصالات، فإنها بالمقابل كانت لعنة على الشركة من خلال كونها ثغرة استطاع الفاسدون استثمارها، فعلى الرغم من تعرّض السلع والمواد للتلف فعلاً، ففي كثير من الأحيان لا يتلف منها شيء، وبالتالي من المفترض أن تُسجّل بالكامل دون تلف أي شيء منها، ولكن الذين قبلوا لأنفسهم الفساد لم يكونوا يمرّرون أي مادّة دون أن يخصموا نسبة التلف، فيبيعونها لحسابهم، إلا صديقنا الغالي، فما كان ليرضى بذلك، حيث رفض أن يتلف أي كمية من أي سلعة إن لم تكن تالفة بالفعل، فضيّع على نفسه - حسب فلسفة الفاسدين - وعلى غيره أموالاً طائلة، وهو يعرف جيداً أنه بذلك أفاد الشركة بأموال طائلة.. وأفاد الدولة، ولم يكن لينتظر جزاءً ولا شكوراً، غير أنهم في نهاية العام قدّموا له الشكر على طريقتهم، حيث سرّحوه ولم يجدّدوا العقد له..!! ومنذ ذلك الحين وهو يقاسي الأمرّين في البحث عن عمل يقوده نحو الاستقرار.. ولكن بلا فائدة، جرّب العمل في القطاع الخاص، ولكنه لم يرَ استقراراً بأي عمل، لا بل خرج هنا بضربةٍ أخرى قاصمة، لم يدع مجالاً يمكن أن يزجّ نفسه فيه إلاّ وفعل، قدّم العديد من الدراسات والاقتراحات لجهات مختلفة دون فائدة، رغم أن مقترحاته كانت مجدية، بدليل أنّ بعضها صار أمراً واقعاً وناجحاً.. ومنها المطعم العائم في البحر اليوم. ما نريد قوله أن هذا الرجل النبيل، وأمثاله الآلاف من أبناء هذا الوطن، هل هي معجزة بالفعل أن تكون هناك هيئة معيّنة تستطيع أن تستقطبهم وتستقبلهم، ويستطيعون أن يركنوا إليها لتساعدهم وتدعمهم وتأخذ بيدهم، فيعلّقون بها، ويجدون لأنفسهم عملاً شريفاً يستقرون إليه..؟! المسألة أكثر من بسيطة، ويمكن لهذه الهيئة أن تكون شريكة لهم، فيعملون لأجلهم وأجلها معاً.. ويمرّوا. |
|