|
ثقافة سكنت ثنايا النفس والبنيان لتصبح الجزء التوءم للروح، هكذا تدفقت ذكريات امرأة عبر عرض /سنديانة/ انطلقت من موروث مؤلم يحوف الحجر والبشر، الوطن والإنسان فهي انطلقت من موروث وطن، فتلك المرأة مسكونة بهجوم تبدأ ولا تنتهي جنباً إلى جنب، تمسكها بانتمائها وهاهي تستذكر معنا في عرضها الماضي والحاضر، الحاضر الذي ينبش تراكمات ألمه فوق معاناة سحيقة أصلاً، أما الأشياء في حاضرها فتفقد معناها، فالمرأة - المدرسة تشهد بأم عينها كيف تراجعت مكانة العلم والمعرفة وكيف تاهت الأصالة وها هو القتل مفردة ملازمة لتاريخ أمتها يسكن سجلاتها منذ بداياتها الأولى منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل إلى صبرا وشاتيلا، فلسطين والعراق والمجازر التي تقترف بحق ناسها، مأساة تقتفي سابقتها، وأحداث تنقل إلى الذاكرة مرارة في كل المساحات إذ تسكن الآلام في الأعماق على الدوام. إنه موروث عتيق مفعم بالقهر وحاضر لايقل عنه سوداوية وظلماً، فكيف تردم تلك الحفر التي تتسع أكثر فأكثر وتخطر إنساننا وحضارتنا وثقافتنا؟ وإلى أين ستهرب تلك الذواكر، بل كيف سيكون حاملها..؟ فدعوة تلك المرأة ونبشها للذاكرة المثخنة بالجراح وثقافتها بالحاضر وإن تتشارك مع متلقيها في الحالة الشعورية إلا أنها تنثر تساؤلات كثيرة لا تدور في إطار الرثاءات الكثيرة والحزينة بل تساؤلات تحريضية تخص وجودنا، استحضرتها الممثلة بقوة مأساة /امرأة/ تتجاوز همها الفردي إلى الجماعي وتنطق عبر مسرحة الأفكار بأحداث وطنية جسام إذ تتداخل المعاني بكثير من التكثيف والبلاغة وتتشابك الآلام الشخصية والوطنية والحضارية جسدتها فنانة مسرحية متمرسة ببلاغة منقطعة النظير ومفردات مسرحية شديدة الغنى والدلالة وتمكنت الممثلة عبر /مونودراماها/ أن تنسج أمام أعيننا تجليات واقع عربي معجون بالألم والقتامة على كافة المستويات، ولم تبتعد تحذيرات العرض عن ملمات واقع حاضر تدونه مجازر غزة لتنضم كسابقاتها إلى جروح تغور في الذواكر العربية، حيث يصعب التجاوز لشفاعة تلك / السنديانة/ الممتدة إلى السماء والراسخة الجذور في الأرض، وإن لوحت بالأمل إلا أن آلام أهل غزة لن تمحى على مر الأجيال. /سنديانة/ - مونودراما - من تأليف وإخراج وتمثيل زهيرة بن عمار. |
|