|
شؤون سياسية وفوق ذلك ليس بإمكان أي جهة مهما بلغت من القوة والجبروت أن تفرض حلا في سورية ما لم تكن أطراف الأزمة متوافقة على ضرورة التوصل لحل، إذ يكفي وجود طرف واحد لا يؤمن بالحوار كي يعرقل أي إمكانية للتوصل إلى حل كما هو حال من يطلقون على أنفسهم معارضة الخارج أو ما يسمى “ائتلاف الدوحة” الذين سارعوا لرفض مشروع الحل الوطني الذي عرضه السيد الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير إمعانا في عمالتهم للغرب وعدائهم لوطنهم ومتاجرتهم بدماء أبنائه. القريبون من نبض الشارع السوري يدركون جيدا مدى تعطش السوريين لحل يستعيد ما فقدوه من أمن واستقرار ويوقف شلال الدم الجاري من إخوتنا وأبنائنا في الجيش والقوات المسلحة ومن المدنيين الأبرياء على يد الإرهابيين والمرتزقة، ويؤسس لمرحلة من المصالحة والإصلاح والحوار تنتقل بسورية من حال إلى حال أفضل، وهذا بالضبط ما عكسه خطاب السيد الرئيس الذي لامس الوجع ووضع اليد على الجرح، فيما كان الآخرون أقرب إلى نبض القوى الاستعمارية الغربية الطامعة والقوى والأدوات الإقليمية المتآمرة حين أصرّوا على الاستمرار في عمالتهم والوقوف خلف الإرهابيين ظناً منهم أن المشروع المدمر الذي يقوده الغرب وينفذه الإرهابيون يمكن أن يحملهم إلى السلطة ويحقق لهم أحلامهم وأطماعهم المريضة. في التجارب القريبة إلى الذاكرة السورية تحارب اللبنانيون فيما بينهم بتواطؤ ودعم دولي وعربي ما يقرب من 15 عشر عاما وفي نهاية المطاف ذهب أطراف النزاع والحرب إلى الحوار للخروج من محنتهم، فكان اتفاق الطائف الذي أوقف الحرب الأهلية ووضع حدا لمعاناتهم المريرة، ولولا سورية وتضحيات الجيش العربي السوري في لبنان لما خرج اللبنانيون من محنتهم ولما توقفت حربهم الأهلية حتى اليوم ولما كان لهم دولة، في المقابل سقطت الدولة الصومالية وانهارت عام 1991 وما زال الصوماليون يتقاتلون حتى اليوم ولم تقم لهم دولة بعد ذلك التاريخ لأن القوى الاستعمارية والإقليمية غذّت النزاع بين الصوماليين وصدرت لهم تنظيم القاعدة وسهلت وصول الإرهابيين بدل أن تساعدهم على الخروج من محنتهم. وكما يبدو فإن غاية المؤامرة والعدوان الذي يستهدف سورية هو محاولة جر السوريين إلى صراع مستمر ومرير وصولا إلى حرب أهلية تستنزف إمكانات دولتهم وتضعفها لصالح قوى التطرف والإرهاب التي لا تملك مشاريع سياسية يمكن أن تبني دولة قادرة على النهوض والمواجهة، ولهذا تنخرط الدول الغربية الاستعمارية والعثمانيون الجدد والمستعربون في مشروع تدمير الدولة الوطنية في سورية عن طريق دعم وتسليح العناصر المتطرفة وتسهيل وصول المرتزقة والإرهابيين التكفيريين إليها تحت عناوين وتسميات مختلفة على أمل التخلص من العقبة الكأداء في وجه مشاريعهم التوسعية وأطماعهم الاستعمارية، إذ ليس هناك ما يفسر محاولات الإرهابيين ضرب المؤسسات الاقتصادية والمدنية واغتيال الكوادر العلمية والكفاءات في مختلف الاختصاصات والإساءة إلى سمعة الجيش العربي السوري المؤسسة التي تجمع وتوحد السوريين ومحاولة النيل منها سوى وجود مثل هذه النوايا الخبيثة لدى هذه الأدوات القذرة ومن يقف خلفها ويدعمها. ولأن السوريين شعب عمره سبعة آلاف عام من المدنية والحضارة والتعايش فإنهم سيلتمسون طريق الخلاص وسيسارعون إلى حل أزمتهم بشكل أسرع مما يظنه الآخرون، وسينفضون عنهم غبار الإرهاب الطارئ لأنه غريب عن قيمهم وأخلاقهم ودينهم، وهذا ما تثبته الوقائع يوما بعد يوم، فبرنامج الحل السياسي وضع على السكة الصحيحة، والحكومة باشرت اتصالاتها للإعداد للحوار الوطني الشامل الذي يلبي تطلعات معظم شرائح المجتمع السوري، وأبناء الجيش العربي السوري يواصلون مهمتهم الوطنية المقدسة في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين بدك أوكار الإرهاب وملاحقة فلول الإرهابيين والمخربين واستعادة الأمن والاستقرار، وهذا يعني أن الحل يجب أن يكون سوريا وبإرادة السوريين لا بإرادة وإملاء أعدائهم. السوريون اليوم أحوج ما يكونون للتعلم من تجارب غيرهم من شعوب العالم، هم ليسوا بحاجة لتكرار التجارب المريرة التي مر بها الآخرون والانتظار لسنوات طويلة لكي يشعروا بأهمية الحوار، يكفينا ما ألم بنا خلال سنتين من عمر الأزمة، إذ قلما يوجد سوري واحد لم يتأثر أو يتأذ من هذه الأزمة باستثناء أولئك الذي رهنوا أنفسهم للتآمر على بلدهم وباعوه لصالح أجندات الآخرين، إننا نملك من الوعي والإرادة والتصميم ما يجعلنا اقدر على حل مشكلاتنا والتخطيط لمستقبل أفضل فمتى نبدأ..؟! |
|