تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من يوقظنا من غفلتنا؟

آراء
الخميس 24-1-2013
  هنادة الحصري

ثمة شعور لدي عصي على الفهم، لم يعد يعنيني الزمن في شيء، حيث يمر الحاضر مثقلاً بلا أدنى ايقاع جميل، وغصة ومرارة تستوطن داخلي فأشعر أنني بلا روح،

تعارفنا في سهرة عائلية عرفت أنها ألمانية تعمل في مخزن لبيع الملابس الجاهزة وهي في إجازة، عرفتها عن نفسي أنني سورية، وللأسف ما إن تفوهت بكلمة عربية حتى قالت: نحن نربط اسم العرب والمسلمين بالإرهاب والتخلف.‏

حاولت جاهدة خلال هذه الساعة من الزمن أن أوضح الصورة الحقيقية للعرب بعيداً عن كل تجن، تحدثت عن تاريخنا العربي الحافل بكل جميل، فنحن الذين حملنا لواء النهضة فكان أن أسسنا لأكبر امبراطورية امتدت من حدود الصين حتى فرنسا عبر بلاد الرافدين والشام حيث كان إسلامنا بتعاليمه الجميلة المؤرخ.‏

أتحدث عن ذلك قائلاً: كان العالم الإسلامي حتى نهاية القرن الحادي عشر صورة رائعة لمجتمع متعدد الديانات، حيث يسيطر الإسلام سياسياً ويسود في الوقت نفسه تعايشاً قل وجوده في مجتمعات أخرى، وتطرقت إلى أن ملك فرنسا هنري الرابع حاول تقليد الأنموذج الإسلامي بعد انتهاء الحروب الدينية في القرن السادس عشر فمنح البروتستانت في مملكته بموجب مرسوم نانت‏

Iedit nante بعض الحقوق ولكن ما لبث أن ألغاها لويس الرابع عشر بعد قرن من الزمن فعاد الاضطهاد الديني إلى ما كان عليه وبقي حتى قيام الثورة الفرنسية، وتابعت: أي إن هذا التطور الاجتماعي الذي طبقه المسلمون لم تطبقه أوروبا إلا بعد المسلمين بألف عام، فأي تخلف؟‏

كانت منصتة بشكل حضاري تهمهم كل فترة بكلمتي (جميل رائع)، أكملت :إن تغلغل حضارتنا العربية الإسلامية وعلومها في تصميم حياة الغرب يبدو واضحاً في الكم الكبير من الكلمات العربية التي دخلت لغات العالم وذلك في البيع والشراء، في العلوم والفنون والصناعات والمأكل والملبس والمسكن، وهذا في حد ذاته تكذيب لمن قال: إن العرب ترجموا كتب الغرب فقط بل هم الذين أعادوا الترجمة وأدخلوا عليها أشياء كثيرة نقلها علماء الغرب عنهم فيما بعد، مثال ذلك في العلوم والفلسفة والأدب والشعر.‏

عدت لأرتكز على القيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام من حق وعدل وصدق ومحبة وتسامح واحترام للآخر ونبذ للإرهاب وأن هذا الإرهاب ليس قاعدة نعممها على كل العرب، فالمجتمع الغربي مليء بحالات تطبق فيها ثقافة العنف أيضاً وأنا لست مع التعميم كما يقول النقاد «التعميم لغة الحمقى».‏

قاطعتني بأدب جم قائلة: دعيني أطرح سؤالاً : تتباهين بروح التسامح والتعايش منذ فجر التاريخ ولكني مازلت حتى الساعة أقرأ أن الزواج ممنوع بين أبناء الأديان المختلفة عندكم، ولكن السؤال الأهم : طالما أن دينكم وأخلاقكم الإسلامية رائعة إلى هذه الدرجة وأنتم أمة مبدعة تركت بصمتها في الحضارة العالمية فلماذا أنتم متخلفون وتابعون؟‏

أسقط في يدي لشدة ما يوجعني أننا نحن العرب مقصرون في توضيح صورتنا، بل الأنكى أننا نترك الآخر يدرس لغتنا ويحلل ثقافتنا وفق آراء وتوجيهات مسبقة وبهذا فنحن نسهم في ترسيخ تخلفنا.‏

أسئلة أضعها بين أيديكم أعزائي القراء، وأنا أردد مقولة أحدهم: حياتنا مشرشحة !! من يوقظنا من غفلتنا ؟!‏

hunada@ housri.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية