تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مهرجان (أفلام خارج السرب الهوليوودي)..(وراء الشمس).. البحث عـن الحياة وسـط المـوت

ثقافة
الخميس 29-1-2015
فؤاد مسعد

شكّل مهرجان (أفلام خارج السرب الهوليوودي) الذي أقامته المؤسسة العامة للسينما في كندي دمشق فرصة غنية لمتابعة أفلام قلما تعرفنا عليها وعلى عوالمها وهمومها ولغتها السينمائية،

فهي تعطي في مجملها أعمالاً تغرد خارج السرب العام لتمنح الجمهور اقتراحاً آخر للمُشاهدة، وجاءت الأفلام المعروضة في المهرجان منتقاة بعناية، ومنها الفيلم البرازيلي (وراء الشمس) إخراج والتر سيلز المستوحى عن رواية البانية لاسماعيل قادراي بعنوان (ابريل المكسور)، جسد شخصياته كل من: جوسيه دومونت، روريجو سانتورو، ريتا اسيماني، رافي راموس، لويز كارلوس، فليفيا ماركو انتونيو، ايفيرالدو بونتيس.. وقد رشح الفيلم لجائزة الجولدن جلوب لأفضل فيلم ناطق بلغة اجنبية وجائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام لأفضل فيلم أجنبي، في حين أنه نال جائزة أفضل مخرج في مهرجان هافانا وجائزة ذهبية في مهرجان فينيس.‏‏

حكاية فيها الكثير من الترقب والانتظار فالحذر سيد الموقف في عالم تُرك للأخذ بالثأر، هي عائلة (بريفيز) التي تنتمي إلى عالم المهمشين في الحياة، حتى أن ابنها الأصغر لا اسم له ويدعى (الفتى) أما أخوه الأكبر فلا يعرفون القراءة أو الكتابة، وتعمل العائلة في عصر قصب السكر لاستخراج السكر منه ويعيشون في منطقة يُطلق عليها اسم (جدول الأرواح) ولكن كما يقول الفتى فقد جفّت الجداول فيها وبقيت الأرواح !.. تنطلق الأحداث من عند (الفتى) الذي يعرفنا على اسمه الجديد (باكور) ليروي قصته مع أخيه طوني والقميص في الريح، إنه القميص الذي يدل على الثأر فكلما قُتل أحدهم يترك قميصه معلقاً في العراء حتى تجف الدماء ويتحول لونها للأصفر وعندها يحين الموعد وفق الهدنة المتفق عليها، وهذا ما حدث مع طوني الذي حان موعد أخذه بثأر أخيه الأكبر، وبالفعل قام بالمهمة على أكمل وجه وقتل من العائلة المقابلة شاباً كما أوصاه والده (وجهاً لوجه كرجل) لينتقل الدور إليه ويصبح هو المطلوب، ويبدو أنها سلسلة من الدماء التي لن تتوقف أو تجف بين عائلتين حفرت بينهما العداوة عميقاً، ويأخذ طوني مهلة هدنة حتى اكتمال القمر وبعدها يصبح دمه مهدوراً ويمكن قتله في أي لحظة، وبالتالي ليس أمامه سوى عدد محدد من الأيام ليودع الحياة، إلا أن والده يراها مهلة كافية لينجز ما يمكن انجازه من مهام في البيت والمزرعة، لكنه خلال هذه الفترة يتعرف على شابة تعمل في السيرك فيتسلل الحب إلى قلبه دون أن يدري، في حين أن صديق الفتاة يحذرها منه فالشارة السوداء التي يربطها على ذراعه تُنبئ بقرب أجله بسبب عداوة عائلية وفقاً للعادات والتقاليد في المنطقة، ورغم ذلك تقبل بأن يرافق طوني السيرك إلى مدينة أخرى وهناك يقترب منها أكثر فأكثر، ولكنه لا يطيل غيابه عن أهله ولا يلبث أن يعود لأن هربه يصيب شرف العائلة في الصميم كما يؤكد الأب القاسي المتعصب، وفي الأيام الأخيرة لطوني يتقرب منه أخوه الأصغر بشكل أكبر وتعود إليه الفتاة التي أحبها فتمضي معه ليلة وتذهب في الوقت الذي حان فيه موعد الأخذ بالثأر، ولكن في غفلة منه وأثناء نومه وبينما الجو تعصف به الأمطار غاضبة يأخذ أخوه الأصغر منه الشريطة السوداء ويلفها على ذراعه ويخرج بها ليكون الهدف أمام رصاصة عدوه وينقذ أخاه ويجعله يعيش الحب، ويكون له ما أراد، ما يدفع الأب لأن يطلب من ابنه بأخذ ثأره، إلا أن طوني يتركه غاضباً ويسير خارجاً من البيت دون عودة باحثاً عن الحياة.‏‏

ربما هي حكاية مطرقة في محورها العام عشرات المرات، تبعاً لعادات كل منطقة، إلا أن المخرج هنا حاول مرافقة العائلة في رحلة الشهر الأخير قبل موعد قتل ابنها ليؤكد أن الحياة فيها الكثير الذي يستحق أن نعيش من أجله في إدانة واضحة لفكرة القتل والتأكيد على أهمية حل المشكلات بعيداً عن التعصب، الأمر الذي بدا أشد وضوحاً في مشهد النهاية حيث النور الآتي من البحر، فعوضاً من أن يكونوا أبناء الظلمة والموت فليكونوا أبناء النور والحياة.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية