تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غارثون آش: سجال في أميركا..موضوع العراق انتهى.. ولم يبدأ بعد!!

لوس أنجلوس تايمز
ترجمة
الاربعاء 31/10/2007
ترجمة حكمت فاكه

يتحدث تيموثي غارثون آش أستاذ الدراسات الأوروبية بجامعة أوكسفورد, وزميل مؤسسة هوفر التابعة لجامعة ستانفورد, في مقال نشرته صحيفة لوس انجلوس تايمز الأميركية عن غزو العراق ومخاطر التداعيات القادمة والوضع الكارثي المترتب عن هذا الغزو. وفيما يلي ما جاء في ذلك المقال:

موضوعان رئيسان تم استنتاجهما من السجال الدائر في الولايات المتحدة حول العراق هذه الأيام وهما: موضوع العراق انتهى, وموضوع العراق لم يبدأ بعد, فالعراق انتهى من حيث أن الشعب الأميركي يرى أنه غدا من الضروري سحب أغلب القوات الأميركية. وفي هذا الإطار, يشير استطلاع للرأي قامت به مؤسسة غالوب, إلى أن 71 بالمئة من المستجوبين يؤيدون ويدعمون سحب جميع القوات الأميركية من العراق قبل بداية نيسان المقبل .‏

وبما أن الولايات المتحدة كانت دولة ديمقراطية, فإن الممثلين المنتخبين يتبعون ما يرغبه الشعب. وبالرغم من أن الديمقراطيين لم يحققوا النتائج التي كانوا يطمحون إليها في الجلسة الماراثونية الأخيرة بمجلس الشيوخ, فلا أحد يشك بأن ذاك هو الاتجاه الذي تهب فيه الرياح. صحيح أنه لا يزال انقسام كبير بين الحزبين الرئيسيين لكن عدداً من الزعماء الجمهوريين بدؤوا منذ فترة ينشقون عن الموقف الرسمي للحزب ويطرحون مخططاتهم بخصوص خفض عدد القوات في العراق.‏

لكن الرئيس بوش يقول إنه عازم على إعطاء قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بيتريوس العدد الذي يطلبه من القوات عندما يقدم تقريره في أيلول القادم. وإذا كان المتسابقون الجمهوريون على الرئاسة القادمة لا يزالون يتبنون لغة قوية وحادة بشأن العراق, فإن جون ماكين الذي يعد الشخصية الأقوى المؤيدة للبقاء في العراق حتى يتحقق النصر, كان شاهداً على تراجع حملته. علاوة على ذلك وحتى في حال مجيء رئيس للولايات المتحدة من الجمهوريين المتشددين في الانتخابات القادمة, فإن الأجواء الحالية المشحونة في واشنطن مرشحة للتفاقم أكثر إذا لم يتم تخفيض عدد القوات الأميركية في العراق بسرعة.‏

إضافة إلى ذلك, يُعد رأي الأميركيين حول جوانب الإخفاق الأخرى في العراق واضحاً وجلياً بشكل لافت. فوفقاً لاستطلاع للرأي أجرته قناة سي إن إن. قال 54 بالمئة من المستجوبين إن أفعال الولايات المتحدة في العراق لم تكن مبررة أخلاقياً. وفي استطلاع آخر لقناة سي بي إس أكد 51 بالمئة التقييم القائل بأن التدخل الأميركي في العراق يخلق الكثير من الإرهابيين المناوئين للولايات المتحدة, بدل أن يحد منهم. وبناء على ذلك, إذا كان الأميركيون عمياناً في الماضي, فيستطيعون اليوم أن يروا.‏

صحيح أن موضوع العراق قد انتهى, لكنه من منظور آخر لم يبدأ بعد! فهو لم يبدأ من حيث العواقب الوخيمة المحتملة بالنسبة للعراق والمنطقة وسياسة الولايات المتحدة وسمعتها الخارجية. فهناك مليونا عراقي فروا إلى الخارج, بينما يفوق عدد النازحين في الداخل المليونين أيضاً.‏

ثمة دراسة مثيرة للقلق أيضاً قامت بها مؤسسة بروكينجز تقول بأن ما يسميه معدو الدراسة التقسيم الناعم Sofx Partition ويقصدون به النقل السلمي والطوعي لما يتراوح بين مليونين وخمسة ملايين عراقي إلى المناطق الكردية والسنية والشيعية, تحت إشراف عسكري أميركي, وهذا برأيهم يمثل أخف الضررين, على افتراض أن تسير الأمور كما خطط لها وأن يكون الأميركيون على استعداد للسماح لقواتهم بالبقاء. لكن الضرر الأعظم هو المرجح.‏

وفيما يتعلق بالولايات المتحدة, أصبح العالم اليوم مكاناً أكثر خطورة بفعل حرب العراق. وإذا كان ما يطلق عليه أحيانا مركز القاعدة في أفغانستان قد دمر في نهاية عام ,2002 ولم يكن للقاعدة وجود في العراق وقتها. فإنه يوجد تنظيم للقاعدة في بلاد الرافدين ويسعى بعض أعضاء القاعدة الأم للعودة إلى أفغانستان وهناك انتشار متزايد لمن يحاولون التشبه بالقاعدة في كل مكان وخاصة في أوروبا.‏

من الممكن أن الولايات المتحدة لم تنتبه بشكل كامل بعد للحقيقة المرعبة المتمثلة في أنها تواجه فيتنام جديدة اليوم, وذلك بعد فترة طويلة كان شعار الجيش الأميركي فيها هو (لا تحارب على شاكلة فيتنام بعد اليوم) صحيح أن ثمة اختلافات مهمة كثيرة, لكن النتيجة الأساسية واحدة في كلتا الحالتين, وتتمثل في فشل أقوى جيش في العالم في تحقيق أهدافه الاستراتيجية, وانهزامه سياسياً على أيدي خصم أقل قوة من الناحيتين الاقتصادية والتكنولوجية. ورغم عدم وجود مشاهد لطائرات هليوكوبتر تقوم بإجلاء الأميركيين من فوق أسطح السفارة الأميركية ببغداد, فمن المؤكد أنه ستكون ثمة صور رمزية للذل والمهانة اللذين أصابا الولايات المتحدة في وقت تكافح فيه من أجل اخراج قواتها من العراق. وستقنع هزيمة أميركا في العراق الكثير من الناس عبر العالم بأنها ليست بالقوة التي يتصورونها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية