تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في حدث...مساحة حرة ولكن!

آراء
الاربعاء 31/10/2007
اسكندر لوقا

غالباً ما نسمع في إحدى المحطات الإذاعية دعوة لطرح قضية ما أو مناقشتها تحت عنوان (مساحة حرة) وغالباً ما تكون العبارة على النحو التالي: القضايا التي تودون طرحها أو مناقشتها.

إن دعوة كهذه الدعوة تستحق بالفعل التوقف عندها وذلك لعدة اعتبارات بينها, على سبيل المثال, التعرف على آراء المستمعين الى القضية المطروحة للمناقشة, وهم كثر ولا يمكن أن يحصي أحد عددهم لانتشارهم على المدى الأوسع على سطح الكرة الأرضية, وأيضاً لأن بين هؤلاء محللين سياسيين ومفكرين من ذوي الاختصاصات المتعددة, وأيضاً لأن بينهم العلماء والأدباء والفنانين ولكل منهم, كما يُفهم من خلال مداخلته باع طويل في مجال اختصاصه.‏

الغاية من وراء هذه الدعوة لا غبار عليها من حيث المبدأ. الغبار عادة يأتي من الناحية الانتقائية, أي من سلوك المشرف على هذا الركن الإذاعي, وذلك حين يحاول توجيه الحوار بالاتجاه الذي يراه مناسباً أو متطابقاً مع خطة إدارته تجاه القضية المطروحة للنقاش في ظرف معين.‏

فالمشكلة هنا بذلك لا تنتهي عند الرأي والرأي الآخر, بل عند ضرورة ابقاء الرأي الأكثر واقعية ماثلاً في ذاكرة المستمع, من خلال رأي موضوعي ومحايد لمحلل سياسي أو اقتصادي صاحب خبرة طويلة في هذا المجال او ذاك, وبالتالي للإفادة من وجهة نظر قد تكون الأقرب الى الصحيح منها الى الغلط. أقول ذلك لأن كثيرين من مستمعي الإذاعات والمحطات الفضائية, يقفون حائرين أحياناً أمام معادلة أين هو الصحيح وأين هو الغلط, وقد يلجؤون الى استخلاص الحكم على القضية المختارة والمطروحة على النقاش بوحي من ثقافتهم المحدودة أو من تجربتهم المحدودة, أو من خلال ارتباطهم بثقافة بيئتهم الخاصة.‏

من هنا واجب اختتام حلقات النقاش بين المتحاورين برأي موضوعي ومحايد وإن يكن هذا الرأي مخالفاً لقناعة المستمع أو المشاهد بدلا عن تركه في وضعية الواقف أمام مفترق طريق لم يسبق أن رآه من قبل.‏

ربما كانت الرؤية لهذه المسألة مغايرة لقناعة صاحب فكرة طرح قضية ما وعرضها على المناقشة عبر الأثير حيث يعلو الصراخ أحياناً لتنتهي الحلقة عند حد السؤال: أين هو الصحيح وأين هو الغلط? ومع هذا الرؤية ذاتها تبقى مطروحة أمام القارئ بحثا عن مبرر مؤيد أو معارض.‏

في هذا السياق لابد من الاشارة أيضاً الى أن الرأي الموضوعي عندما يصدر عن اختصاصي في القضية سياسية كانت أم اقتصادية وسوى ذلك, لابد أن تلعب دوراً مفيدا من حيث اضافة معلومة مستمدة من ثقافته وتجربته الى مخزون المستمع المعرفي, وبذلك تكون المشاركة نافعة وايجابية بغض النظر عن حالة الاقناع أو عدمه أيضاً لاعتبارات تتصل بثقافة المتلقي وخبرته في الحياة, ولأن الناس ليسوا جميعا نسخة طبق الأصل بعضهم عن بعض.‏

في الحقيقة مفيدة هي الدعوة الى مساحة حرة, ولكن تبقى المحصلة هي الأهم منها, كذلك تبقى تبعات المناقشة وتأثيرها هي الأهم. وفي التعبير السياسي أو الأدبي, كثيراً ما نردد أن ثمة بونا شاسعاً بين النظرية والتطبيق. كذلك هو الحال في قراءة العباراة القائلة بالمساحة الحرة, لأن الأهم من النظرية ما يتعلق بإمكانية تطبيق ما ينتهي اليه الحوار ولكن عندما تكون نهايته Dr-louka@maktoob.com‏

">واضحة.‏

Dr-louka@maktoob.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية