|
شؤون ثقا فية وكيف اصبحت? ماشروطها? وماحاجاتنا اليها اسئلة توجهنا بها الى المبدعين في هذا المجال د. نذير العظمة: إبداع نص من نص * الترجمة هي إبداع نص من نص, المترجم سيستجيب فيها إلى مقدرته الحرفية ومعرفته باللغات وروح الإبداع فيها فهو حر ولكن بالوقت نفسه هذه الحرية مقيدة بالنص الأصلي يتجاوزه إلى إبداع نصٍ موازٍ إذا صح التعبير. فالترجمة هي جسر حضاري ما بين الثقافات رغم المآخذ التي احتسبت عليها لا سيما في مجال إبداع الشعر وغيره من الاجناس الأدبية. ومع أن هناك من أطلق المأثورة الشهيرة: الترجمة خيانة للنص الأصلي ولكن في الشعر أنا اشجع على الخيانة لأن تقيدنا بالحرفية يفقد الترجمة وظيفتها الإبداعية أما في ترجمة الوثائق على كافة مستوياتها فلابد من الأمانة فالمترجم إذاً: ( زوج أمين في مجال وخائن في مجال آخرً. وعلى سبيل المثال لا الحصر إن ترجمة أحمد رامي والشاعر الانكليزي فيزجيرالد لرباعيات الخيام شهرتهما أكثر من كونهما شاعرين والسر في ذلك أنهما عاشا معاناة الخيام و ابتكرا بديلا لغويا بلاغياً جماليا في لغتيهما( العربية والانكليزية) أدت التجربة الخيامية بشكل جمالي وبنفس الوقت هناك صافي النجفي الذي ترجم رباعيات الخيام لكنه حافظ على الحرفية. وفي الفلسفة مثلاً تقتضي بعض الكتب مثل محاورات افلاطون وهكذا تكلم زرادشت الأمانة وهنا يحتاج المترجم أن يعود لكل الظروف التي أحاطت بالمؤلف * اختيار الكتاب المترجم لأني مترجم غير محترف وشاعر فالحافز الأساسي هو محبة النص فالترجمة عندي هي فعل محبة وهذا يساعد على انزلاق النص من أصله إلى بديله المترجم, فقد ترجمت ايتل عدنان من الفرنسية إلى العربية ولولا محبتي لا يتل ونصه الشعري كما فعل كذلك وليم بليك الشاعر الرومانسي الصوفي ورغم أني متمرد على الرومانسية لكن حوافز الصوفية لا زالت مضيئة في داخلي. فمحبتي للنصوص هي الشرارة التي دفعتني لنقل القصيدة من جسد إلى جسد آخر أما عندما تفرض عليك الترجمة قد تحل المنفعة المادية محل المحبة وخاصة في الترجمة التجارية ومثال أنني عندما كنت في الولايات المتحدة عرضت علي ترجمة وثيقة من 100 صفحة كتبها عدة مهندسين يعملون في شركة تخطيط عمراين وهذه الوثيقة هي ( تخطيط مدينة الدمام) وكان الأجر المادي مجزياً ومع ذلك وبرغم بعد النص عن اهتماماتي لكنني ترجمته. أما تلفيق النصوص لأسباب تجارية فهذه مسألة يرفضها جهابذة المترجمين. ومع ذلك علينا ألا نصادر فعاليات الترجمة لكن علينا توخي الحذر وبالتالي الحرص على الابداع والأمانة في إطارهما وأن نحذر التلفيق السريع لكسب الهين. د. سلمى حداد : لابد من التخصص في كافة الاختصاصات ثمة أسئلة خالدة بجدليتها ولربما يكون عنصر الجدلية الذي يغلف هذا النوع من الأسئلة القوة الكامنة وراء إثراء التراث الإنساني بنظريات مختلفة وتوجهات متنوعة - إن لم نقل متناقضة في كثير من الأحيان . ويعتبر السؤال ماإذا كانت الترجمة فعلاً إبداعياً أم نقلاً حرفياً واحداً من هذه الأسئلة العريقة بجدليتها التي تعود إلى قرون خلت حيث ارتبط الإبداع- بشكل مباشر حيناً وغير مباشر أحياناً - بالترجمة الحرة واللاإبداع بالترجمة الحرفية وكان لكل نهج مؤيدوه الذين يسعون جاهدين لتسليط الضوء علي مزايا هذا النهج وعلى عيوب النهج الآخر . فمؤيدو الترجمة الحرفية يأخذون على مؤيدي الترجمة الحرة الإخلال بأمانة النقل للنص الأصلي فيما يأخذ مؤيدو الترجمة الحرة على مناصري الترجمة الحرفية الطاعة العمياء للنص الأصلي التي تؤدي بالضرورة من وجهة نظرهم إلى انتفاء سمة الإبداع عن الترجمة وقد لعبت نظرة المجتمع عبر التاريخ لعمل المترجم دوراً هاماً في هذا المجال ففي الفترات التي كان فيها عمل المترجم مهمشاً كانت الترجمة الحرفية النهج الأقوى وفي الفترات التي شهدت احتراماً كبيراً لطاقات المترجم الإبداعية سادت الترجمة الحرة ومع مرور الزمن لم تقتصر المعادلة على ترجمة حرة وأخرى حرفية وإنما دخل على السلم أنواع ترجمة أخرى منها الأقرب إلى الحرفية ومنها الأقرب إلى الحرة . إنني أعتقد جازمة أن الجواب على هذا السؤال يستلزم تعريفاً دقيقاً لمفهومي الإبداع والأمانة ?إذ أنني أنظر إلى الترجمة على أنها مزيج من الفن الذي يترافق مع الإبداع والعلم الذي يترافق مع الأمانة . والإبداع من وجهة نظري لايقترن بمدى خروج المترجم عن النص الأصلي بنفس الدرجة التي لايختل فيها ميزان الأمانة بسبب هذا الخروج إن الإبداع يكمن في قدرة المترجم على تحديد الهدف من وراء ترجمته ومعرفته التامة بنوعية المتلقي للنص المترجم وتوقعات هذا المتلقي . كما يكمن الإبداع بمعرفة المترجم بأعراف اللغة المنقول منها واللغة المنقول إليها . وعندما أقول أعراف هنا فإنني لاأعني تلك المتعلق منها بالمفردات والقواعدفحسب وإنما الأعراف التي تحكم طريقة انتاج النصوص وتؤدي بالضرورة إلى وجود نوعيات نصوص مختلفة في كل لغة فالطريقة التي يصاغ فيها التقرير الإخباري على سبيل المثال تختلف عن تلك التي يصاغ فيها الإعلان أو القصة القصيرة أو القصيدة إلخ . وعندما يتمكن المترجم من كل هذه الأمور دون إغفال أي منها في اللغتين المنقول منها والمنقول إليها فإنه يستطيع أن يحدد المساحة التي يمكن أن يتحرك ضمن إطارها فيما يتعلق بتبنيه ترجمة حرة أو حرفية ويبدأ بنقل النص إلى اللغة الهدف وفقاً لماتتطلبه أعراف هذه اللغة لا أعراف اللغة المنقول منها وهنا يكمن كل من الإبداع وأمانة النقل على حد سواء . وبشكل عام يمكننا القول أن الأدب بأشكاله كافة يمنح المترجم مساحة للتحرك باتجاه الترجمة الأقرب للحرة أكبر من تلك المساحة التي تمنحها أنواع النصوص الأخرى . ويمكننا أيضاً القول أنه كلما ازداد النص المنقول منه التصاقاً بالثقافة المنقول منها كلما استلزم الأمر الابتعاد عن الترجمة الحرفية. أما اختيار المترجم للكتاب خارج إطار حاجة المجتمع ضرب من الترف غير المبرر ولاأخفيك سراً حين أقول أن سوق البيع هو الذي يحكم اختيارات المترجم من الناحيتين المادية والنفسية . فالمترجم الذي يسهر ليال طوال على ترجمة كتاب بكل مايتطلب هذا الأمر من استنزاف فكري وجسدي يتمنى أن يحصل على المردود المادي الذي يليق بهذا العمل الشاق كما يتمنى أن ينتشر هذا العمل وينتشر معه اسمه كمترجم يجني المردود النفسي في نهاية المطاف . بيد أن خضوع المترجم لحاجة المجتمع ولسوق البيع في هذا المجتمع لايعني على الإطلاق اختياره لكتاب لايتماشى مع رغباته واهتماماته الشخصية . فالمترجم الناجح هو المترجم الذي يحرص على انتقاء كتاب يستمتع هو به كقارئ بالدرجة الأولى قبل أن يصبح مترجماً له إننا نعيش اليوم في عالم يحترف التخصص في كافة المجالات العملية منها والنظرية فلماذا لايكون المترجم جزءاً من هذا التوجه التخصصي العالمي الذي يؤدي به في النهاية إلى تحديد مجالات اهتماماته الترجمية لتصبح القسمة عادلة بين حاجة المجتمع وسوق البيع ورغبة المترجم.? عدنان جاموس: إبداعي بامتياز يتطلب الأمر تحديد نوع العمل المترجم هل ينتمي إلى المؤلفات العلمية? أم إلى الأعمال الأدبية? فترجمة النص العلمي ( سواء كان موضوعه ينتمي إلى فئة العلوم البحتة أو إلى فئة العلوم التطبيقية) تتطلب من المترجم إلى جانب اتقان اللغتين, أن يكون محيطاً بالعلم الذي ينتمي إليه النص ومتعمقاً في معرفة مضمون المصطلحات في لغة المصدر وقادراً على اختيار المصطلحات المقابلة لها في لغة الهدف, كما عليه الالتزام بنقل النص بأمانة وموضوعية تقتربان من درجة الحرفية مع توخي بلوغ الدرجة القصوى من وضوح المعنى, أما إذا كان النص ينتمي إلى فئة العلوم الاجتماعية والانسانية, فإن الترجمة تقتضي علاوة على الشروط المذكورة, حسن الأسلوب ومتانة السبك وجودة الصياغة وانتقاء المفردات المعبرة عن المعنى بدقة والمنسجمة مع السياق بسلاسة, إذاً فالترجمة تتطلب المعرفة والدربة والدقة والمهارة. أما إذا كان النص ينتمي إلى الأعمال الأدبية, فإن الترجمة تغدو عندئذ ضرباً من ضروب الإبداع , إذ تكمن في نسيج العمل الأدبي مكونات عديدة على المترجم أن يستوعبها ويتمثلها ثم يعيد نسجها بلغة الهدف (اللغة المترجم إليها) دون نقص أو زيادة ليأتي النسيج الجديد مكافئاً إلى أقصى حد ممكن للأصل. وقد أشار الاستاذ جاموس إلى أن صهر النص الأصلي وصياغته من جديد يجريان في مخبر المترجم الذهني ومن هنا فإن الناتج هو ثمرة فهمه وتأويله كل عنصر من عناصر النص وتقديره قيمة هذا العنصر التكوينية وغني عن القول في هذا الصدد أن (القالب) اللغوي الذي يصب فيه المترجم (الصهير) الإبداعي يجب أن يكون مصنوعاً وفق خواص المادة الخام التي صنع فيها مع كل ما تتيحه هذه الخواص من إمكانات تسخّر لتقديم الصياغات الجديدة المبتكرة, ومما لاشك فيه أن المترجم يملك حق التصرف ولكن ضمن حدود معينة لاتحرفه عن نهج الوصول إلى الاسلوب المكافىء لأسلوب الأصل. أو ليست الترجمة التي تفي بكل هذه الشروط وبكثير سواها عملاً ابداعياً بامتياز?! وحبذا لو كان اختيار المترجم للكتاب الذي يريد ترجمته مشروطاً بالعوامل الثلاثة جميعاً ولكن تحقيق ذلك يتطلب قبل كل شيء وجود خطة عامة تعتمد على دراسة شاملة تحدد حاجة المجتمع إلى الأعمال والمؤلفات التي تتطلبها عملية التطوير والتنمية في كل مجالات الحياة ولابد لهذه الخطة أن تتضمن ترجمة الأعمال الثقافية البارزة ولكن غياب مثل هذه الخطة الشاملة إما إلى انفراد كل جهة بوضع خطة خاصة بها أو إلى شيوع الفوضى والارتجال في مجال الترجمة . ولم يبق للمترجم سوى الخضوع لرغبات الجهة التي تتولى طبع الكتاب وإصداره إنه قادر بالطبع على رفض تكليفه بترجمة عمل لايتفق مع رغباته ولكنه في الوقت نفسه لايجرؤ على الاقدام على ترجمة كتاب يتفق مع رغباته قبل أن يضمن قبول جهة ما إصداره ومن البديهي أن الجهة الناشرة لاتقبل الترجمة إلا اذا كانت تلبي مصلحتها ولذا يجد المترجم نفسه أسير رغبات الجهات الناشرة سواء كانت عامة أم خاصة وتبقى الحالة المثلى في هذا الصدد هو التطابق أو التقارب قدر الامكان بين مصلحة الناشر وقناعات المترجم. شحادة الخوري: حاجة أساسية ودائمة الترجمة حاجة أساسية ودائمة فالبشر يحتاجون الى التواصل والتفاهم لتستقيم حياتهم والترجمة هي أداة هذا التواصل والتفاهم. لقد اتبع المترجمون في البداية الترجمة الحرفية أو النقل الحرفي حيث ينظر المترجم لكل مفردة في النص المراد ترجمته ثم يأتي بلفظة عربية ترادفها ولكن عندما استحكمت الترجمة انتقل المترجمون الى طريقة ثانية وهي ان ينظر الناقل الى الجملة المراد ترجمتها فيفهم معناها ثم يعبر عنها بجملة عربية تؤدي معناها سواء أساوتها في الالفاظ أم خالفتها وفي العصر الحديث لم يعد ثمة نقل حرفي ولكن الترجمة متفاوتة تفاوتاً كبيراً من حيث أداء المعاني واختيار الالفاظ وصوغ التراكيب. إن الترجمة الجيدة تخضع لشروط عدة أهمها الأمانة في النقل والدقة في اختيار اللفظ ووضع المصطلح الصحيح في موضعه مع الايضاح في التعبير والايضاح في اللغة ومن شروط المترجم ان يكون متقنا اللغة العربية المنقول اليها, كذلك متقناً اللغة الاجنبية المنقول منها اتقاناً مقبولاً, أضف الى ذلك ان يكون المترجم مختصا بالموضوع أو ملماً به فلا يتصدى لترجمة الطب إلا الطبيب ولا يتصدى لترجمة الادب إلا الاديب ولكن هذه الشروط لا تتوافر دوماً فقد يتولى الترجمة أناس غير مؤهلين لها بدافع الكسب او تحصيل الشهرة فيكون سر الترجمة غالباً على خيرها وتسيء الى المترجم والقارئ معاً. أما المترجم الذي يملك الشروط السابقة ويندفع برغبة صادقة واخلاص للثقافة وايمان بنفع هذه التواصل فإنه قادر على الايتان بترجمة سليمة ناصعة تقارب الاصل المنقول بل تضاهيه فلغة الضاد هي اغنى اللغات واحسنها بياناً وهنا من حقنا ان نقول إن هذه الترجمة فعل ابداعي أي ابداع نص عربي يجمع بين المعنى السليم والأداء الجميل. -اساس اختيار الكتاب المترجم إن اختيار الكتاب المرجم هو الحجر الاساسي في عملية الترجمة وهذا الاختيار يتم في كثير من الاحيان من قبل المترجم الذي اطلع عليه او طالعه ويكون عادة ذا صلة باختصاصاته او هواياته إن هذا الاختيار مقبول مبدئياً وان كان يمثل رغبة شخصية ولا سيما اذا اقترنت بحاجة المجتمع الى هذا الكتاب لدواع معرفية او علمية او دراسية هذا وقد يكون الاختيار من قبل الناشر اعتماداً على شهرة الكتاب او سمعةا لمؤلف او استناداً الى خبر بلغه قارئ يطالع الانتاج العلمي او الادبي باللغة الاجنبية وفي هذه الحال يتوقع الناشر ان يكون لهذا الكتاب رواج وتداول واسع فيعمل الى تكليف مترجم يعتقد انه قادر على ترجمة الكتاب الى اللغة العربية. ولكن سوق البيع لا يكون صنوفاً للاختيارين السابقين إذ ان اسباباً اخرى عديدة تؤثر في اقبال القراء على اقتناء هذا الكتاب او ذاك . د. ابراهيم استنبولي : تقريب بين الثقافات تعتبر الترجمة حلقة وصل بين الحضارات . والترجمة قديمة قدم الكلام والكتابة . ومنذ القدم ثمة اتجاهان بشأن الترجمة : واحد ينادي بالإخلاص للنص الأصل , والثاني يدعو إلى بعض الحرية في التعامل مع النص في اللغة التي يترجم إليها ... فقد دعا شيشرون إلى ترجمة المعنى بمعنى ... على الأرجح هذا ما كانت تفرضه طبيعة النصوص المترجمة في ذلك الحين .. حيث إقتصرت الترجمة على الكتب الدينية والشعر. أما اليوم فأعتقد أنه يجب التمييز بين الترجمة الأدبية وبين ترجمة النصوص العلمية والتقنية.. فإذا كانت الثانية تسمح , وربما تفترض , ترجمة حرفية للنص العلمي - في حقل الطب أو الهندسة أو علوم الذرة مثلاً - فإن الأولى , أي ترجمة النصوص الأدبية تتطلب من المترجم جهداً إبداعياً لافتاً يشترط امتلاك أدوات معينة ليس أقلها الاطلاع الكافي على عادات وتقاليد وثقافة الشعوب , التي يجري الترجمة عن لغتها .. مهما يكن , فإن الترجمة وهي تحاول التقريب بين لغتين , إنما تشبه عمل هرقل وهو يحاول التقريب بين ضفتي البحر - تشكل فعلاً إبداعياً راقياً بامتياز . ومن هنا نجد أن النص المترجم قد يتفوق على النص الأصل أو يضاهيه على الأقل . فمن يقرأ عمر الخيام باللغة الروسية سيشعر كما لو أنه كتب أساساً باللغة الروسية إذ تمت المحافظة على القافية واللحن وبكل أمانة .فأختيار الكتاب المترجم يتم على أساس أن الترجمة وسيلة أساسية للتعريف بمنجزات العلوم والتكنولوجيا وبالنشاطات الإبداعية في الفلسفة والأدب . كما إن الترجمة تغني اللغة بالمصطلحات وبالمفاهيم , التي ينتهجها العقل البشري في مختلف مجالات السياسة والاقتصاد والأعمال والإدارة وغير ذلك , وهي تجعل الشعوب على احتكاك مباشر مع إبداعات وثقافات مختلف الشعوب والبلدان الأخرى , وتقوم بدور ثوري في المجتمع ... إذ أن مراكمة المعلومات ضرورية للقيام بتحويل جذري في هذا الحقل المعرفي أو ذاك مع الزمن .... ويجمع المتابعون على أن حركة الترجمة في البلدان العربية تسير ببطء شديد وفي اتجاه واحد في واقع الأمر .. لذلك فإنني أعتقد أن المكتبة العربية بحاجة ماسة للآلاف من الكتب التي تصدر سنوياً في مختلف اللغات ... وبالتالي فإن الدافع إلى اختيار هذا الكتاب أو ذاك سيختلف من مترجم إلى آخر .. فالترجمة تحولت بالنسبة للبعض إلى حرفة أو مهنة تشكل مصدر رزقهم الرئيسي , و هناك من يمارس الترجمة إلى جانب مهنته الأساسية ... وأنا من هذه المجموعة . والترجمة بالنسبة لي مطلب روحي في الدرجة الأولى والثانية والأخيرة , وبالتالي فإن الدافع وراء اختياري لهذا الكتاب أو ذاك هو معنوي أصلاً .. ولكن هذا لايعني أنني أقوم بترجمة نصوص أو أعمال لاتستهوي القارىء أو أنني لا أكترث بحاجة المجتمع .. بل إنني سأشعر بالسعادة العارمة في حال كان اختياري للكتاب المترجم موفقاً وبالتالي أن يلقى الكتاب رواجاً ... كما هو الحال مع كتاب تعاليم المتصوفين لحضرة عنايات خان ... إذ نفدت الألف نسخة من الطبعة الأولى خلال سنة ...ومع ذلك لم ينعكس هذا علي بمردود مادي كما يفترض أن يكون ... وهذه قضية أخرى يعاني منها المترجمون في البلدان العربية وغالباً ما يتم تداولها من قبل الكتاب في مختلف المواقع الإلكترونية .. سواء في الجمعية الدولية للمترجمين العرب أو اتحاد كتاب الانترنت العرب .. ولكن دون جدوى . باختصار , لم يكن هدفي يوماً ولن يكون من اختيار كتاب للترجمة هو المنفعة المادية بحد ذاتها .. وإنما يتوقف اختياري لهذا الكتاب أو ذاك على أهمية الموضوع الذي يناقشه بالنسبة للقارىء العربي ... ولكن إذا تقاطعت الرغبة الشخصية للمترجم مع حاجة المجتمع للكتاب وبالتالي مع نفاد الكتاب من الأسواق - فسوف يكون هذا هو الوضع الأمثل ... وهذا ما يرجوه كل مترجم . و بالطبع كل ناشر . |
|