|
معاً على الطريق بحيث تتماهى علامات الاستفهام الملوثة بدم الأبرياء التي تنتظر الجواب المكتوم منذ خمس سنوات وأكثر، أي منذ تحركت المؤامرات الأميركية الصهيونية الممنهجة تحت بنود السيطرة على منافذ البحار وإخضاع الشعوب التي ظنوها مستضعفة ونهب ثروات النفط والغاز توصلاً إلى احكام السيطرة الاقتصادية المالية على العالم، إنسجاماً مع القطبية الأحادية التي تنعمت بها الإدارة الأميركية لفترة من الزمن بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. لم تكن الحسابات والرهانات على إخضاع الشعوب بدءاً من أفغانستان والعراق وتونس ومصر والسودان وليبيا ومصر ولبنان السابح على خطوط التماس بين فريقين أحدهما يؤيد القضية الفلسطينية وعروبة سورية وصمودها وآخرون يؤيدون من هم على اتصال وتوافق ودعم للعصابات الإرهابية التي نشرتها أميركا بمساعدة حلفائها من بعض الحكام في قطر والسعودية وتركيا والأردن، في العراق ومصر وسورية الصمود والتصدي وقلعة المقاومة التي ما زالت واقفة على فوهات بنادق فرسانها الأشداء دفاعا عن الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه ودفاعا عن الإنسانية جمعاء، بحيث رفعت مبدأ القضاء على الإرهاب المدعوم والممول بثروات الشعب العربي ولقمة عيشه والمواقف السياسية المعطوفة على أسلحة الغدر الأميركية والأوروبية. لم يكن مفاجئاً أن يدق الإرهاب أبواب العاصمة الفرنسية باريس، هذه العاصمة الحضارية التي منها انطلقت مقاومة ديغول ضد الفاشية والنازية وكل أشكال العنصرية والإرهاب وأشكال الموت المجاني، باريس التي أرست بثورتها الأولى المذكورة في كتب التاريخ شعارات: الحرية والإخاء والمساواة، هذه الباريس التي منيت برئيس حاقد غضوب أبى أن يقف وقفة تاريخية مشرفة تدحض العصابات الإرهابية التكفيرية التي أقامت دولة التدمير والقتل والذبح دون هوادة باسم الإسلام على الأرض السورية والعراقية وحتى بلده فرنسا وقبلها نيويورك واسبانيا وهلم جرا. أظنهم تعمدوا نسيان ما دعا إليه الرئيس بشار الأسد مراراً وتكراراً من أجل المساهمة والمشاركة في محاربة الإرهاب، لقد ظنوه متمسكا بكرسي رئاسة لا تعنيه بقدر ما يعنيه وطنه الذي تعرض لأقصى وأصعب المؤامرات التي جعلت 85 دولة أوروبية وعربية وأميركية وحتى الكيان الصهيوني تحاربه مجتمعة بواسطة عصابات إرهابية تم تنظيمها وتمويلها بغاية القضاء على آخر معاقل الصمود والمقاومة ضد إسرائيل في العالم العربي. لم يأخذ أحد منهم تحذيرات الرئيس بشار الأسد على مأخذ الجد، وهم العالمون بصحة كلامه وتطلعاته التي أنتجت معاندتها ما حدث في باريس البارحة، وقبلها في صحيفة شارل إيبدو، وقبلها في أسبانيا وقبلها حادثة البرجين في 11أيلول في نيويورك هنا يكبر السؤال: هل تراهم أغبياء أم هم يعرفون ويتغاضون تنفيذا لمآربهم المحكومة بالمد الصهيوني المستحكم بمساراتهم المرسومة بالحبر الصهيوني العالمي؟ بعد فاجعة باريس وكل فواجع التفجيرات وما يتبعها من دمار وقتل في كل من سورية والعراق ومصر واليمن ولبنان، هل آن الاوان لوقفة مراجعة تاريخية تعيد حسابات الربح والخسارة من جديد، من أجل الاعتراف بخطر الإرهاب على الجميع؟ خصوصا أن ظاهرة العنف الإرهابي المتصاعد، التي طالت الشعب الفرنسي في الملعب الرياضي وفي مسرح «الباتاكلان» وفي مطعم «بيل إكيب» في الدائرة العاشرة وفي مطعم «بيتيت كومبودج» إضافة إلى ثلاثة مواقع أخرى جرى فيها حصد الناس الأبرياء من بنادق الإرهابيين الصارخين بكلمة: الله أكبر.. والله في الشرع الإسلامي يحذر من القتل بالقول: «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، وأيضا يأمر عباده بالقول: «وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا»، سيتبعها حتماً تصعيدات وتفجيرات إرهابية في أماكن أوروبية أخرى وأيضا وليس مستبعدا في الولايات المتحدة الأميركية. هذه الأحداث الإرهابية الثلاثة التي تتالت من مصر إلى لبنان حتى فرنسا، عنوانها: ان الإرهاب لا يعرف مكانا ولا زمانا، وأن عملية القضاء على هذه العصابات لا يمكن أن يتم ما لم يتخذ القرار العالمي بدعم سورية وروسيا في حربهم لاجتثاث الإرهاب قبل فيينا وتوابعها الساقطة حتما، وما جرى دليل قاطع على أن ما تقوم به روسيا بنجاح بالتعاون مع الجيش السوري لاجتثاث الإرهاب والتقدم المستمر على كل الجبهات هو دون شك أحد الأسباب الرئيسية التي أسهمت في هذه الفواجع المتنقلة والتي حدثت بفترات متقاربة جداً. لهذا لا بد من الانتباه إلى أن النصر حليف شرفاء الأمة في سورية وعلى درب فلسطين مهما استشاطوا غضبا وتلاعبوا بعقول شعوبهم عبر وسائل إعلامهم التي تضخ الأكاذيب وتحور الحقائق وتجعل الحرب على الإرهاب في سورية مرتبطة برحيل الرئيس بشار الأسد، الذي كلما تعالت الرماح ارتفاعا قبالته، كلما ازداد صموداً وثباتاً من أجل كبح جماح شراستهم وإجرامهم مهما سقط في الميدان من شهداء دفاعاً عن الحق، لأن شعب المقاومة في لبنان وسورية ما زال مؤمنا بشعار: هيهات منا الذلة، وقدرنا الشهادة من أجل كرامتنا وكرامة الأمة التي إليها ننتمي، مهما أكثروا من رسائلهم الإرهابية المفخخة القاتلة. لقد ظنوا أن جماعة المقاومة في لبنان، وأنصارهم الذين يتزايدون يوماً بعد يوم، أنهم إلى انكفاء وأفول حين تزداد زنانيرهم الإرهابية التفجيرية، كما ظنهم أن صمود سورية في الميدان على مدى خمس ضد حرب شعارها الإرهاب بكل مندرجاته وتسمياته وأفعاله وموبقاته، أنها إلى انحلال وانقسام وتشرذم وخنوع وخضوع لشروط «باول الوزير الأميركي» ومن أرسله، كم كانوا على خطأ حين زادت رهاناتهم وحساباتهم جمهور المقاومة في سورية ولبنان وكل أحرار الأمة اصرارا على مواصلة التصدي للإرهاب الذي نظموه ومولوه ودربوا مرتزقته الذين تم جمعهم من السجون العالمية. لهذا ظنوا زمنا أنهم الأعلون، وأن بني صهيون شعب الله المختار الذي على العالم كله الخضوع لمشيئته القائمة على الحقد والضغينة وعدم قبول الآخر والقتل واغتصاب الحقوق والتعدي على الشعوب العربية وأيضا العالمية تحت مسميات مختلفة ومنها الاقتصاد الحر. لهذا اخترعوا عنوان: صدام الحضارات، لأنهم دعاة فرز وتفرقة وتقسيم وتشتيت وعداوة، علما أن مفهوم الحضارات يتضمن ثقافة الشعوب بمختلف أبعادها وهوياتها ومفاهيمها دون أي إسقاط للآخر الممتلك حضارته الخاصة المختلفة في الشكل، المنسجمة في المعنى والمبنى مع إنسانية الإنسان، الذي منحه الله عقلا فعالا تميز به عن باقي المخلوقات التي تدب على الأرض بقدرة قادر واحد أحد. يحضرني هذا الكلام وأنا أرى بالأمس في ضاحية بيروت الجنوبية - برج البراجنة- عملية تفجير مروع وفي باريس أيضا، مطعمة بالحقد وإلإجرام والضغينة والكفر والعار الذي يلحق الدين الإسلامي الذي إليه يلجأ هؤلاء الدعاة الكفرة، الذين لن يفهموا مطلقا معنى الشهادة، ولن يستوعبوا أن خصومتهم وكراهيتهم لشعوب أمة العرب وللإنسانية جمعاء وقادتها الأنقياء سترتد سلباً عليهم إن عاجلاً أم آجلاً، وأن الصراع المادي والهمجي الذي أرادوه تحطيما للإرادة العربية المتمثلة بحماة الديار والمقاومين الشرفاء لن تستجلب لهم سوى العار حين سيسجل التاريخ في صحائفه المستقبلية اسوداد ضمائرهم وقوة أطماعهم وقسوة قلوبهم التي لا تهتز لمنظر الأطفال والنساء المذعورات والأشلاء المتناثرة المسطرة تحت عناوينهم الإرهابية القائمة على صراع الحضارات، التي ما زالوا يترجمونها إصرارا على رسم الجبهات المتنقلة والتحديات العفنة والثقافات المتعالية، التي سلبت ريتشارد قلب الأسد حلمه الكبير أمام الفارس البطل السوري صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين في فلسطين. صحيح أن التاريخ يحمل في طياته الماضي بكل مشهدياته إلا أنه لا يتعب من فتح سجلاته للحاضر والمستقبل، لهذا ستبقى الشهادة في سجلاتنا الماضية والحاضرة زوادة المستقبل الأتي بألف نصر ونصر، رغم كل أفعالهم الشنيعة التي ألبسوها سواد ضمائرهم، التي أبت أن تحمل الإيمان قوة فعل وصمود، كما يحمله هؤلاء الطيبون الصامدون في أرضهم وبيوتهم وحاراتهم الشعبية، الحاملون أرواحهم أيقونة طهر وقربان إيمان يهدى إلى الوطن. |
|