|
إضاءات وكذلك الأمر هل كان لازماً أن يعاني الفرنسيون واللبنانيون وغيرهم من مرارة الإرهاب كما عانى منه ويعانيه الشعب السوري منذ أكثر من خمس سنوات؟. بعد اعتداءات باريس المدانة انبرى العديد من المسؤولين الفرنسيين للقول: إن هدف الاعتداءات الإرهابية التي ضربت باريس هو القيم الحضارية الفرنسية والحرية التي يتمتع بها الشعب الفرنسي، ونضيف عليها نحن: أمن واستقرار فرنسا الذي تلاعبت به الحكومة الفرنسية الحالية بالقيادة «الأولاندية» والتي عملت طوال السنوات الخمس الماضية على دعم التنظيمات الإرهابية في سورية وتصويرها للشعب الفرنسي على أنها طلاب حرية وديمقراطية وحياة كريمة. بالمطلق من يتحمل اعتداءات باريس هي إدارة وحكومة الرئيس الفرنسي هولاند، والدماء الغزيرة القانية والخالية من ملوثات «البترودولار» التي سالت في باريس ومن قبل في بيروت وسورية والعراق وغيرها من البلدان تستوجب معاقبة داعمي التنظيمات الإرهابية عليها وعدم السكوت والضياع في متاهات الحديث عن القيم لتبرير المجرمين الحقيقيين. لا يكفي أن نشرّع الكلام للحديث عن الثقافة الفرنسية وأجواء التسامح والحرية، وننسى المجرمين القابعين في «باريس ولندن والولايات المتحدة وأنقرة والرياض والدوحة» وغيرها الذين عملوا على نشر الإرهاب والتطرّف في المنطقة والعالم، وسارعوا نزولاً عند أطماعهم وشراهتهم لسفك دماء الأبرياء إلى تصوير الإرهابيين الذين كانوا عماد «الربيع العربي المزعوم» على أنهم طلاب حرية وديمقراطية، ووفروا لهم إمكانية زعزعة الاستقرار في المنطقة وتوفير بيئات خصبة لتفريخ أخطر أنواع المتطرّفين والإرهابيين. إن أول من تجب إحالتهم للمحاكمة بجرائم باريس وبيروت ومدن سورية والعراق وغيرها هم مفرِّخو وداعمو الإرهاب في المنطقة، وفي مقدمتهم ملوك وأمراء الخليج والرئيسان الأميركي والفرنسي والحكومتان التركية والبريطانية، وإذا لم يطالب الشعب الفرنسي بذلك يكون حديثه عن الحرية والديمقراطية مجرّد كلام لا طائل منه، وتبرير لجرائم داعمي الإرهاب ومستثمريه. كثير من الفرنسيين انتقد عدم اهتمام رئيسهم الذي كان في أحد الملاعب الرياضية بعد علمه بالاعتداءات بإنقاذ آلاف المواطنين الموجودين في الملعب نفسه وتركيزه فقط على كيفية الهروب بأقصى سرعة لحماية نفسه، الأمر الذي يجعل حديثه عن الإجراءات الأمنية لا قيمة له بعد العدد الكبير من الضحايا. لقد سمعنا الكثير من الكلام المعسول من الرئيس الأميركي باراك أوباما وأدواته وأُجرائه في المنطقة لمحاربة الإرهاب، بينما الحقيقة تقول عكس ذلك، حيث تقوم المروحيات الأميركية بشريط فيديو موثّق بالصوت والصورة بحماية أرتال «داعش» المتحركة بين سورية والعراق وبالاتجاهين. إن مكافحة الارهاب لا تكون بعد وقوع الاعتداءات الإرهابية وإنما قبلها، وتستوجب نَسف وَكْر الفكر الإرهابي في مضارب أسرة آل سعود وبيئات إنتاج هذه الكائنات الإجرامية، وهو ما لا يفعله العديد من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. إن تفادي وقوع التفجيرات الإرهابية لا يمكن أن يتم بإطلاق العنان لتصريحات ليس لها أي مردود على الأرض، وهذا من شأنه تمكين الإرهابيين من تنفيذ اعتداءات جديدة، وهنا تكمن أهمية محاسبة كل من وجد في التنظيمات الإرهابية سبيلاً لتحقيق غرائزه السياسية على حساب أمن واستقرار شعبه أولاً والعالم عموماً. |
|