|
الصفحة الاولى وقد تكون تلك الاعتداءات أيقظت المخاوف لدى تلك الدول، لكن من غير المؤكد أنها ستعيد النظر في سياساتها الداعمة للإرهاب، طالما هي مصرة على توظيفه واستثماره في أكثر من بقعة في العالم. من المفترض أن تكبح اعتداءات باريس - التي خيمت تداعياتها على اجتماع فيينا الثاني حول سورية - جماح أصحاب الرؤوس الحامية في أميركا وأدواتها، الساعين لتعويم الإرهاب عبر تقديم بعض تنظيماته على أنها «معارضة معتدلة»، ولكن جميع المؤشرات حتى الآن تخالف ذاك الظن، حيث المناورة الأميركية واضحة من خلال عمليات الفرز لتحديد ماهية المعارضة المعتدلة، ومن خلال القفز على أسماء المجموعات الإرهابية ، التي تصر عليها روسيا وإيران كمقدمة للعملية السياسية، على اعتبار أن محاربة الإرهاب بكل أشكاله وتسمياته يبقى هو الأولوية. اتفاق الأطراف المشاركة في اجتماع فيينا الثاني على إطلاق العملية السياسية على أساس بيان جنيف، والحديث عن توافق مشترك على قوائم الجماعات الإرهابية التي يجب محاربتها، لا يعني أن المنظومة العدوانية ستكف عن المناورة والتأويل والتفسير، وعمليات المد والجزر خلال الاجتماع الدولي لغربلة «المعارضات المعتدلة»، والمماطلة بتحديد المجموعات الإرهابية، لا تخرج عن إطار النيات الأميركية والتركية والسعودية في تعويم العصابات الإرهابية، بعد تفكيكها شكليا، وإعادة تركيبها بلبوس «المعارضة»، وإعطائها تسمية جديدة، كبطاقة مرور للمشاركة في الحوار السوري . أولوية مكافحة الإرهاب ، هي التي ستقود في النهاية إلى حل الأزمة في سورية، وتزيح عن باقي الدول خطر الإرهاب المرتد، والاستنفار الأمني الأوروبي بعد هجمات باريس لن يكون كافيا ولن يفيد بمنع وقوع المزيد من الهجمات الإرهابية المحتملة في عدد من العواصم الأوروبية ولاسيما أن الإرهابيين العائدين تمرسوا على عمليات القتل في سورية ، بفضل الخبرات الإجرامية التي اكتسبوها من ضباط أوروبيين وأميركيين وأتراك، أشرفوا على تدريبهم، ولقنوهم أساليب الإرهاب، وزرعوا في نفوسهم الحقد والكراهية لكل ما يمت للإنسانية بصلة. |
|