|
بث مباشر
نعم «حبر وحضارة».. البرنامج الذي نشعر وكلّما تابعناه على «الإخبارية السورية» بأنَّ معدِّه الإعلامي «تفيد أبو الخير» أراد أن يصفع بحبرِ ضيوفهِ من أهلِ الثقافة والفكرِ والآدابِ والعلومِ والفنون، أبناء الجهل والعقول الظلامية.. أن يصفعهم أيضاً، بحضاراتٍ وأوابد وآثار تماهتْ مع الحبرِ الذي دوّنها، إلى أن صارت وإيَّاهُ تروي ثقافة وأخلاق مبدعها. هذا مايفعله «أبو الخير» ونتابعه عبر حلقاتٍ استضافت مؤخراً، المؤلف والملحن الموسيقي الفلسطيني «حسين نازك» المعروف ومنذ انطلاقته بحمله لقضايا الإنسان والإبداع ولاسيما في وطنه الفلسطيني. الوطن الذي استمدَّ من عشقه وحنينه لهُ، ما جعله يتفرّد في تقديم المميز من موسيقا وألحان وأناشيدٍ مثلما خُلِّدت في ذاكرة أبنائه وأطفاله، خُلِّدت أيضاً في ذاكرة أبناءِ وأطفالِ، كل الوطن العربي. تفرّد بتأليف وتلحين وتوزيع، أناشيد غنائية وأعمال موسيقية لا يشغلها إلا وطنه ومقاومته لمحتلّه.. تفرّد في استدعاء تراثه، وكل ما يرتقي بالإبداع الذي اعتبرهُ سبيله لإيصال رسالته وتحقيق أهدافه.. إنه ماجعل البرنامج، وككلِّ حلقة تحمل رسالة حضارية-إنسانية-تنويرية، يُعرِّف سريعاً بالضيف، تاركاً له مجال الحديث عن نفسه، وسرد ما يشاءَ من سيرته التي تبدأ بحكايا الطفولة وما يحيطُ بها من ظروفٍ ومعاناة حياتية. هكذا بدأ «حسين نازك» الذي استدعى حكايا طفولته وأمكنتها ومعاناتها ودراستها وماتلاها من مراحل تطورت فيها طموحاته الموسيقية. تطورت رغم ترحاله وانتقاله مابين بلدٍ عربيٍّ وآخر، وقسوة ظروفه الحياتية.. هكذا بدأ، مستدعياً ما في ذاكرته العريقة، وعن قصة «مقدسي رحلَ عن أرضه ووطنه، لكنه احتفظ بإنسانيته وترك قلبه في تلك الدار العتيقة». لاشكَّ أنها حكايا من وجعٍ سببهُ مااقترفه المحتل بحقِّ أبناء شعبٍ، وإن هُجِّرَ إلى المجهولٍ إلا أن معاناته، لم تمنع من تحقيق طموحاته. الطموحات التي أفرزت مبدعين كـ «حسين نازك» الذي أبى، وبعد أن تلقى أولى علومه الموسيقية في مسقط قلبه «القدس» وانتقل بعدها إلى «عمان» ليُكمل طموحه. أبى، إلا البحث عن مدينةٍ تلبّي هذا الطموح وتحاكي روحه. إنها دمشق التي غادر إليها، والتي وجدّ بأن اختلاطه مع الجيلِ الموسيقي المؤسِّس فيها، هو ما لبى طموحه وحاكى روحه. يسرد ويسرد ثمَّ يتوقف، تواكبُ حكاياه لقطات لأعماله وموسيقاه التي هي بالغة العمقِ والشغف.. عمق رسالته النضالية، وشغفه بأن تبقى أعماله التي واكبت ماتجاوز النصف قرن من مسيرته، تتنوعُ بإيقاعاتها وأوجهها الإبداعية. تتنوَّع، بتقديم ألحانٍ وموسيقا لأشهر الأعمال الدرامية والسينمائية والوثائقية والمسرحية العربية.. بتقديم أعمال وأناشيد وألحان قومية ووطنية. باختصار.. هي حكايا لأنها خالصة لوجه الإنسان والوطن والفنِّ والإبداع، فإنها رائعة روعة «حبر وحضارة» في تقديمه لما جعل رسالته كرسالة ضيفه، تحاكي العقل بوعيٍّ ومهارة. لاشك أنها رسالة إنسانية وأخلاقية.. مهنية وفضائية وإبداعية.. الأهم، حضارية وبالغة العمق، في دعوتها إلى التمسك بكلِّ القيم النضالية- الوطنية.. |
|