تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل ستنتهي أزمات الشرق الأوسط?

عن موقع gulfnews
ترجمة
الأربعاء 21/3/2007
ترجمة ليندا سكوتي

منذ أسبوعين بدا الشرق الأوسط وكأنه على شفير الهاوية ,إذ أخذت حاملات الطائرات الأميركية تجوب مياه الخليج في الوقت

الذي يصرح به نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني بأن الخيارات كافة ستكون مطروحة في حال عدم استجابة طهران لطلب التوقف عن تخصيب اليورانيوم. وبدأ المحافظون في واشنطن بتحضير الأسباب والمبررات في جريدتهم ( ويكي ستاندرد) داعين لحرب مع ايران.‏

بشكل مفاجئ تبددت الغيوم وبدأ الوضع أفضل حالاً من خلال التحرك الذي قامت به الدبلوماسية السعودية بنشاط في اتجاهات متعددة, حيث عمدت إلى تجاوز ما يمكن أن يحصل جراء استياء واشنطن, وبدأت بحوار مكثف مع ايران عبر محادثات جرت بين الأمير بندر بن سلطان وعلي لاريجاني المسؤولين عن الأمن القومي كل في بلده) ومن ثم عقد لقاء القمة الذي حصل مؤخراً بين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الذي أملته المصالح المشتركة لكلا الطرفين والتي يمكن إيجازها بالآتي :1- حجب العنف الطائفي في العراق والحؤول دون سريانه في المنطقة.‏

2- العمل على تهدئة النزعات القائمة في كل من فلسطين ولبنان.‏

3- العمل على منع وقوع الحرب بين ايران والولايات المتحدة الأميركية لأنها ستشكل كارثة لمنطقة الشرق الأوسط يكتوي بنارها دول الخليج.‏

لقد أعطى الحوار الايراني -السعودي مؤشراً واضحاً على أن هذين البلدين الرائدين مصممان على اتخاذ القرارات بنفسيهما دون أي تدخل من القوى الخارجية,وبذلك فإن هذا اللقاء ونتائجه يشكل رسالة واضحة إلى واشنطن ( التي تشهد انحساراً لنفوذها في المنطقة) بالتوقف عما تزمع القيام به بعدما شهدته من نتائج مفجعة جراء حربها في العراق كما ويبدو أن هذا التوجه يشكل تحضيراً للقمة العربية الهامة التي ستعقد في الرياض بتاريخ 28-29 آذار.‏

إلى الأمس القريب, كان يقال بعدم جدوى مؤتمرات القمة العربية لأنها دأبت على إصدار مقررات لم تأخذ سبيلها إلى التنفيذ لكن الآن يسود الاعتقاد بضرورة عقد هذا المؤتمر.‏

تشير التوقعات إلى أن قمة الرياض ستشكل انطلاقة جديدة لمبادرة السلام العربية ( التي سبق وأن اقترحها الملك عبد الله عندما كان ولياً للعهد) واقترنت بتأييد الدول العربية كافة في مؤتمر بيروت المنعقد في شهر آذار 2004 والتي عارضتها اسرائيل في ذلك الحين ,لكنه يبدو بأن الزمن قد تغير حيث تعلو الأصوات لديها مطالبة بضرورة اعتبار تلك المبادرة قاعدة للبدء بمفاوضات جادة.‏

لاشك أن الصعوبات الجمة التي تواجه أميركا في العراق ومباشرتها الحوار مع سورية وايران وانسحاب قواتها الحتمي و النهائي وفشل اسرائيل في تدمير قوة حزب الله في حربها مع لبنان والتي استمرت 34 يوماً, ومحاولتها القضاء على منظمة حماس باستخدام الضربات العسكرية المتتالية ,والمقاطعة المالية, وعودة الولايات المتحدة إلى دورها في عملية السلام الفلسطينية -الاسرائيلية ,ويقظة الاتحاد الأوروبي التي بدت من خلال جولة ممثل الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في الأسبوع الماضي ونهاية عزلة سورية, كل تلك الأمور دعت بعض الاسرائيليين إلى الإيمان بأن الوقت قد حان للقبول بأمور لم يقبلوها من قبل.‏

تأثر الرأي العام الاسرائيلي بما يتداول حول السمعة السيئة لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت ووزير دفاعه قائد اتحاد العمال السابق عمير بيرتس, حيث أكدت استطلاعات الرأي على تدني نسبة المؤيدين لهما, وربما يبعدان عن موقعيهما عندما يقوم القاضي المتقاعد الياهو وينوغراد بنشر تقريره المتعلق بالأحداث التي قادت إلى حرب ال34 يوماً , وحتى يحين اعلان هذا التقرير يلاحظ أن أولمرت يتعرض في كل مناسبة للسؤال عما يحصل في البلاد من فساد.‏

إن اختفاء أولمرت من المشهد السياسي ربما يعطي فرصة لتسيبي ليفني بقيادة حزب كاديما, أما سقوط بيرتس فسيشكل فرصة لعودة رئيس الحكومة السابق ايهود باراك للظهور مجدداً على الساحة السياسية, ويبدو أن كلاً من باراك وليفني قد توصلا إلى نتيجة مفادها أن البيئة الاستراتيجية لإسرائيل قد تغيرت للأسوأ وأن الوقت قد حان لسلام شامل مع العرب.‏

أما المتشددون الإسرائيليون أمثال بنيامين نتنياهو فإنهم يحلمون بعودة الليكود في حال انهيار كاديما.‏

يبدو في الأفق أن إدارة بوش أخذت بإعادة النظر بأهدافها في الشرق الأوسط بتغيير دبلوماسيتها واتباع نمط جديد بعيد عن الفردية التي اعتمدتها في السنوات الأخيرة بلجوئها إلى الحرب الاستباقية, وازدرائها للمنظمات الدولية. ويبرز هذا التغيير من خلال ماستقوم به وزيرة الخارجية الأميركية كوندا ليزا رايس بجولة في منطقة الشرق الأوسط بتاريخ 24 آذار والاجتماع مع أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, ومن ثم لقائها ممثلين عن السعودية ومصر والأردن والإمارات فضلاً عن ممثلي الرباعية الدولية (الولايات المتحدة ,روسيا, الاتحاد الأوروبي, الأمم المتحدة) على الرغم من أن زيارتها السابقة لم تحقق نتائج ملموسة. ومع ذلك فإنها تستحق الثناء على مثابرتها ومتابعتها العمل في هذا المضمار.‏

ربما ستحضر رايس الاجتماع الذي سيعقد في اسطنبول في الشهر القادم لمتابعة أعمال مؤتمر بغداد الذي عقد بتاريخ 10 آذار والذي ضم ممثلي 17 دولة ومنظمة لهدف البحث في أمور تتعلق باستقرار العراق, وهذا الاجتماع سيشكل للولايات المتحدة فرصة لإجراء محادثات مع إيران وسورية.‏

ثمة محادثات سرية تجري بين الدول الرئيسية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تهدف إلى رفع المقاطعة عن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تشكل حماس أحد أركانها وهذا الأمر سيشكل اختباراً لرايس فيما إذا ستعمد إلى الاستجابة لهذا المطلب الهام أم أنها ستستمر في الابتعاد عن الحكومة الفلسطينية إرضاء للرغبات الإسرائيلية, وبذلك فإن معركة السلام لن تأخذ مسارها لأن المتشددين الداعمين لإسرائيل في الإدارة الأميركية يشغلون مواقع هامة في هذه الإدارة أمثال اليوت ابرامز في مجلس الأمن القومي وستيوارت ليفي وكيل وزارة في الخزانة الأميركية.‏

بشكل مفاجىء رشحت رايس اليوت كوهين( وهو من قادة المحافظين الجدد الذين قادوا الحملة على العراق) لمركز مستشار وزيرة الخارجية, ومن المنتظر أن يقترن هذا الترشيح بالموافقة خلال الشهر المقبل. وهذا الأمر سيشكل مفارقة بين التوجه الجديد للدبلوماسية الأميركية والقرارات المناقضة له.‏

لكن هذا الأمر يفسره البعض في واشنطن بأنه يهدف إلى الضغط على إسرائيل للتفاوض مع الفلسطينيين لأن رايس بحاجة إلى وقوف بعض المحافظين الجدد إلى جانبها لحمايتها من الصقور القابعين داخل وخارج تلك الإدارة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية