تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيف تعاملت المصارف السورية مع الأزمة الحالية؟..مصرفيون: تغطية السحوبات طمأنت المواطن وعززت ثقته

دمشق
مصارف
الأحد 19-5-2013
مازن جلال خيربك

لعل المصارف وقروضها وخدماتها من ابرز الأحاديث التي تدور بين المواطنين والاقتصاديين على حد سواء، بالنظر الى الدور الايجابي المميز الذي لعبته خلال أشهر من الازمة على مدى يتجاوز السنتين في ظل حصار اقتصادي جائر

مفروض على الشعب السوري وحظر اقتصادي على القطاع المصرفي السوري تحديدا، مما جعل خدماتها تتأثر سلبا لدرجة معينة دون ان يتسع نطاق هذا التأثر ليصل الى بنية الخدمات الاساسية التي تقدمها او ان ينال من سمعتها، او ثقة المواطن فيها، بالنظر الى ان 26 شهراً من الازمة لم تتمكن من مصرف محلي واحد بما فيها تلك التي كانت تعاني صعوبات جمة تتعلق بعملها في فترة ما قبل الازمة.‏‏

‏‏

قطاع مصرفي متين‏‏

مصادر مصرفية أشارت للثورة إلى أن المصارف العاملة في سورية من القطاعين العام والخاص على حد سواء اثبتت متانة القطاع المصرفي السوري، لجهة استمرار هذه المصارف في عملها، واستمرارها بتأدية الرواتب للعاملين في الدولة من متقاعدين وموظفين ممن هم على رأس عملهم في مواعيدها، اضافة الى تغطيتها كافة السحوبات التي حصلت خلال الفترة الماضية، منوهة الى ان هذه السحوبات غطيت رغم كثافتها في بدايات الازمة كنتيجة طبيعية لهواجس المواطن السوري حول الاوضاع العامة واحتمال ان تتعرض الليرة السورية لهزات في قيمتها وقدرتها الشرائية، مشيرة الى انها هواجس عززتها الاشاعات والاخبار المفبركة والكاذبة التي بثتها الكثير من الوسائل الاعلامية الشريكة في سفك دم السوريين، وما روج له بعض المستفيدين والشركاء في المؤامرة من ان الازمة ستحرق الاخضر واليابس، فكان تعامل المصارف مع ظروف الازمة وهواجس المواطنين تعامل متزن طمأن المواطنين وازال عنهم هواجسهم.‏‏

صلة وصل استثمارية‏‏

المحلل المالي الدكتور وائل حبش وفي تصريح خاص للثورة وتعليقا على ذلك أوضح رؤيته بان المصارف ليست ادارة استثمارية بقدر ما هي صلة وصل في العجلة الاستثمارية، بالنظر الى الدورة الانتاجية التي يتضمنها العمل الاقتصادي فتكون المصارف هي الرابط بين الاداة الانتاجية والجهة التي تقدم القروض بشكل رئيسي، مع الاخذ بعين الاعتبار ارتباط خدمات المصارف واتساع نطاقها بالظروف العامة ومدى استقرارها والضغط السياسي الذي تمارسه الجهات المتآمرة على سورية، ومدى تأثير ذلك على الوضع الداخلي (في اشارة غير مباشرة للحصار الاقتصادي والحظر المفروض على المصارف)، مضيفا ان الفترة القريبة القادمة ستشهد تغيرا ولو جزئيا في عمل المصارف بالنظر الى الانفراج السياسي الذي بانت بوادره مؤخرا، بما ينعكس على ثقة المستثمرين في البنوك، مشيرا الى ان الغالبية الاهم من الشركات المدرجة في سوق الاوراق المالية والبورصة هي المصارف ومؤسساتها، والتي تلقى أسهمها ارتفاعاً ملحوظاً بما يعني توجهاً حالياً لحيازة أسهم المصارف من قبل المستثمرين والمتعاملين مع البورصة، وبالتالي فان هذا الواقع يعكس ثقة جيدة جدا قياسا بالظروف الحالية بالقطاع المصرفي السوري.‏‏

تقييد العملية الاقراضية‏‏

حبش اضاف في حديثه للثورة بان الخدمات التي تقدمها المصارف تتعلق باوضاع هذه المصارف بشكل عام، محددا القروض لجهة ان اي بلد في العالم يمرّ في ظروف مثل التي تمر بها سورية لن يبادر الى توسعة عملية الاقراض لديه لانها غير مجدية اقتصاديا مهما كانت الضمانات العقارية التي يقدمها طالب الاقتراض، مؤكدا ان المصارف تنظر لهذه العملية على انها عملية خاسرة مئة بالمئة، بما يجعل التريث هو الخيار الوحيد المتاح امام المصرف، مع الاخذ بعين الاعتبار ان هذه الاستراتيجية قامت بها المصارف الخاصة بداية، مؤكدا - كذلك - ان من الاجحاف تحميل المصارف الخاصة مسؤولية عن ذلك وبالاخص في ظل الظروف غير المستقرة التي تعيشها سورية حاليا، لان المصارف الخاصة ورغم كل ما مر بقيت صامدة ولم نسمع بخبر افلاس مصرف خاص في سورية او اقترابه من شفير الافلاس، معتبرا في الوقت نفسه ان كل هذه العوامل تعبر بشكل حقيقي عن صورة ايجابية ترسمها متانة القطاع المصرفي السوري وقدرته على الاستمرار والصمود، بالرغم من ان هذه الظروف لو مرت على اكبر بلدان العالم لانهارت مصارفها بنسبة مهمة.‏‏

سياسة مصرفية منتجة‏‏

وحول عوامل متانة وصمود القطاع المصرفي السوري بعد 26 شهراً من الازمة وعدم اقتراب اي من المصارف العاملة في سورية عامة كانت أم خاصة من الافلاس قال المحلل المالي الدكتور وائل حبش ان اهم عوامل صمود المصارف السورية يتركز في ان السياسة المصرفية للبنوك السورية كانت محافظة في فترة ما قبل الازمة، وابتعادها عن المغامرات الاستثمارية التي كان من الممكن لو خاضت غمارها ان تدفع ثمنها في الظروف غير المستقرة حاليا، لجهة ان السياسة المحافظة للمصارف في الاقراض، وتشكيل مؤونة جيدة خلال سنوات نشاطها قبل الازمة، جعل معدلات المخاطر المحتملة منخفضة جدا، مما جعلها قادرة على تحمل الظروف الحالية والاستمرار، ناهيك عن ان مؤونة القطع الاجنبي الجيدة التي كانت موجودة لديها مع بداية الازمة جعلتها تتحوط لمخاطر تقلبات سعر الصرف، وبالتالي تحافظ على احتياطي جيد من القطع الاجنبي يقيها هذه التقلبات، معتبرا هذه الاستراتيجية استراتيجية دفاعية خففت المخاطر المحتملة الى الحد الادنى.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية