|
مراسلون
من وجهة نظري لا أعتقد أن هناك جديداً,ولا المؤشرات الرقمية على الأرض تؤدي الى تغيير هذه المعادلة.. الجديد هو الموسم الجديد,والقديم لا زال قديماً بما فيه كافة الملاحظات والمقترحات والبرامج المطروحة لتطوير هذا القطاع...! فمن المعلوم للجميع أن محافظة درعا من المحافظات التي تمتلك كماً كبيراً من المعالم الأثرية والمواقع السياحية على حد سواء وقلما يجتمع الإثنان في مكان واحد وبقعة واحدة من الأرض ومحافظة درعا تتميز بأن شرقها أوابد أثرية وغربها مواقع اصطيافية وسياحية وما بينهما يجمع الاثنين معاً. وبالمقابل تفتقر هذه الرقعة من الأرض لأبسط المرافق السياحية وأبسط البنى التحتية لانجاز صناعة سياحية رغم امتلاكها لأعظم المواقع والمناطق السياحية. فليس بالبحر ومده يحيا الإنسان وتكون هناك سياحة,الى المناطق الغربية بمحافظة درعا بدءا من منطقة المزيريب مروراً بتل شهاب وزيزون والعجمي وانتهاء بإطلالة وادي اليرموك الرائعة جميعها من المناطق الخصبة لإنتاج مشاريع سياحية رائجة ورابحة ومع ذلك نجد أن المنطقة ما زالت تعاني من أبسط الخدمات الأولية لتشجيع السياحة وليس لصناعتها,أي أن زائر المنطقة لايجد ملاذاً يلجأ إليه أثناء رحلته سواء في المناطق السياحية أو الأثرية فهو يحتار في قضاء يومه الواحد فكيف إن كان في نيته الإقامة والاستجمام على ضفاف وادي اليرموك الساحر والتمتع بالمناظر الخلابة والبديعة التي صنعتها الطبيعة ولم يستطع الإنسان أن يوظفها لما خلقها الله له. أو الإبحار في عالم الأمس والانسياب وراء الخيال المبدع الذي ترك أوابد أثرية هائلة منذ آلاف السنين ليعيش أجمل لحظات حياته ويعود بالمخيلة من خلال المعالم الأثرية الهامة للوراء يستنبط كيف تمكن الإنسان من الوصول الى إنجاز هذه الصروح العظيمة وهي تعد بالعشرات ولا يمكن لزائر أن يتعرف عليها في يوم واحد,كما لا يمكن لزائر أن يمضي أكثر من نهار في هذه المناطق لأنه لا سبيل له سوى العودة من حيث أتى فلا مكان للإقامة أو الاستراحة أو المبيت. فكيف لنا أن نصنع سياحة? سؤال لا نريد له جواباً,لأن المنطق يفرض نفسه إن نحن أردنا فعلاً تفعيل وتنشيط الواجهة السياحية السورية من خلال وضع رؤية ومنهجية واضحة تتبعها الدولة أولاً ويسير وراءها ركب الاستثمار,وعندما بدأت الدولة منذ عدة سنوات فشلت لأنها لم تكمل المشوار ففي درعا بدأت مشروع فندق سياحي منذ مطلع الثمانينيات وبقي المشروع هيكلاً قائماً خسرت الدولة فيه ما خسرت بسبب عدم الانجاز في حينه وتضاعفت التكاليف عدة أضعاف حالياً وهي طرحته للاستثمار عشرات المرات وفشلت وهي الآن بصدد تسليمه لمستثمر جديد لعل وعسى أن تستقيم الأمور كما يجب. مشروع آخر كان فاشلاً هو مشروع مطعم ومقصف زيزون هذا المشروع أنجزته وزارة السياحة واستثمرته لمدة عام واحد مطلع التسعينات ثم فشل الاستثمار وأغلق المطعم وأصبحت محتوياته (أثرا بعد عين),علماً أن المطعم يقع في أجمل مناطق الدنيا على حافة وادي اليرموك السحيق ويطل على تضاريس لا تشبه تضاريس الأرض بشيء,وأنه موقع متميز بكل المقاييس,اختارت وزارة السياحة المكان والزمان وأوجدت مكاناً للاستراحة فيه لتناول الطعام والاستمتاع بالمشاهد الخلابة إلا أن المشروع لم ينجح,لماذا? لا نعرف ولا أحد يعرف,وعشرات المستثمرين عرضوا على وزارة السياحة استثمار المكان من جديد إلا أن الشروط التي تضعها الوزارة لا تناسب أي مستثمر عاقل,لذلك بقي المكان خراباً لسنوات طويلة يحتاج إعادة تأهيله لمبالغ طائلة. ومع ذلك لا بد وأن تستعجل وزارة السياحة في إعادة تأهيل المكان واستثماره ليكون ملجأ للزوار من حرارة الشمس ومكاناً يجدون فيه المتعة والراحة والطعام والشراب فهو خصص لهذه الغاية, إلا أن الهدف لم يكتمل وبقيت المنطقة بلا خدمات من هذا النوع,علماً أن أيام العطل الرسمية آلاف الرحلات العائلية والمدرسية تجتاح هذه المنطقة وتملأها ليصل عدد زوار المنطقة في يوم واحد أكثر من 50 ألفاً وهذا الرقم قد يعني الكثير بالنسبة لوزارة السياحة. وقس على ذلك حال كافة المناطق السياحية القريبة وخاصة المزيريب ومحيطها الذي يحتاج أيضاً للكثير ويكتب عنه الكثير لكن آذاناً صاغية غير موجودة وقولنا كمن ينفخ في قربة (مخزوقة)..! أما فيما يتعلق بالمناطق الأثرية فحدث ولا حرج,فالسياحة غير متواجدة كأرضية ومرافق وخدمات,ولا يوجد في مدينة بصرى مكتب استعلامات سياحي فقط (تنفيعية)لعدد من العاملين في وزارة السياحة لشرب الشاي والقهوة,بينما الأطفال هم من يقومون بالترويج السياحي بشكل غبي واستغلالي من خلال تجمهرهم حول السائحين لعرض بضاعتهم ? بمخططات وصور للمواقع الأثرية في بصرى مقابل مبالغ عالية يفترض أن توزع مجاناً وبكل احترام من قبل العاملين في السياحة والاستعلام السياحي,أيضاً على هذا الصعيد لا يوجد في المناطق الأثرية خاصة بصرى أي مرافق تخديمية للسائحين خاصة الفنادق والمطاعم والسائحون يستضيفهم أبناء المدينة في منازلهم, وحبذا لو فكرت السياحة بالتعاون مع الثقافة ومديرية الآثار باستثمار المنازل المستملكة لصالح الآثار لتأهيل هذه المنازل وتأجيرها بعد تجهيزها للسائحين للإقامة فيها طيلة وجودهم بالمدينة مقابل أجور تحددها الجهة المستثمرة وهذا الأمر يحقق مجموعة أهداف سياحية وتسويقية ومادية ومعنوية ويجعل من هذه المساكن قبلة للزائرين الذين يرغبون في التمثيل بحياة الإنسان القديم يجلسون في مجلسه ويقيمون في الأبنية التي عاش عمره وفناه في سبيل انجازه وترك هذا المعلم الأثري الهام. والخلاصة أن السياحة في محافظة درعا بشقيها الاصطيافي والاطلاعي بحاجة ماسة لمراجعة في الترتيبات المؤهلة لإقلاعة سياحية جديدة تنطلق من خلال توفير المكونات اللازمة للتأهيل اللازم للمواقع والمناطق ووضعها بخدمة الزائرين وتحقيق راحتهم وسلامتهم ونجاح مشروعهم السياحي القادمين لأجله من أماكن بعيدة. خاصة وأن درعا بوابة البلد الجنوبية ويفترض أن تستقطب أعداداً كبيرة من غير أبنائها للاطلاع على ما تحتويه من كنوز أثرية وسياحية لا أن تراوح بالمكان نتيجة عدم الاهتمام وعدم الاكتراث بما تحتويه من كنوز منسية ومهملة الى أقصى الحدود..! |
|