|
إضاءات من تناقضات وصراعات لها أسبابها ودوافعها في ظل إحجام دولي عن تعريف الإرهاب لجهة مواجهته تحت مظلة شرعية يمكن أن تكون نواة لاستراتيجية دولية لمكافحته والقضاء عليه . إن التلاعب بمفهوم الإرهاب والتهرب من تعريفه وتوصيفه يعطي الفرصة للعديد من التنظيمات الإرهابية كي تمارس كل أعمالها الإجرامية ما دام ثمة فراغ قانوني في ضبط المفهوم وتعريفه كفعل إجرامي وجريمة موصوفة وغياب معايير واضحة ومحددة له وهنا يجب أن يتذكر الجميع سعي سورية منذ عدة عقود لعقد مؤتمر دولي هدفه الاتفاق على تعريف له تلتزم به دول العالم كي لا يبقى المفهوم عائما ما يفسح المجال واسعا للتملص من أي مسؤولية دولية في ظل غياب معايير لضبط المصطلح ما يتركه عرضة للأهواء السياسية وغيرها . وأمام غياب هكذا مفاهيم واضحة يطلق العنان لتعريفات وطنية للإرهاب بحيث يتداخل الفعل الإرهابي مع غيره من مصطلحات كالمقاومة والمعارضة المسلحة وغيرها مما تتحفنا به مراكز الأبحاث والدراسات ومطابخ الإعلام الغربي وغرفه السوداء ناهيك عن محاولات بعض القوى الدولية النافذة احتكار التعريف والسعي لتعويمه دوليا انطلاقا من حسابات سياسية اكثر منها اعتبارات موضوعية تتعلق بالفعل الإرهابي نفسه وهنا تستحضر الذاكرة كيف تحول مقاتلو القاعدة في أفغانستان من (جهاديين) إبان المواجهة الأميركية السوفييتية والحرب الباردة إلى (إرهابيين) بعد خروج السوفييت وانقلاب السحر على الساحر بعد انتهاء صلاحيته . إن الخطوة الأولى عند الحديث عن استراتيجية دولية لمكافحة الإرهاب مترافقة مع حسن نوايا يفترض أن تنطلق من تعريف العمل الإرهابي كفعل وجريمة دولية بغض النطر عن الهوية السياسية للفاعل حتى لا يقع أحد في مطب ازدواجية المعايير كما هو حاصل راهنا في الساحة السورية والعراقية وادعاء بعض القوى محاربة الإرهاب في الوقت الذي تنخرط فيه بشكل كامل في دعم أو التستر على تنظيمات إرهابية أشارت اليها بالاسم بعض القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ولاسيما جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في بلاد الشام والعراق والتي تسعى أميركا وبعض القوى الدولية والإقليمية إلى تسويقها معارضة معتدلة عبر عملية تهجين وشرعنه للمنخرطين فيها من جنسيات مختلفة بهدف إبقائها ذراعا عسكرية لها في سعيها لإضعاف الدولة السورية وابتزازها سياسيا في اطار الحديث عن حل سياسي مزعوم للازمة التي تعصف بالمنطقة وارتداداتها العالمية. إن اتباع سياسات مترددة وانتهازية في اطار الحديث عن مخاطر الإرهاب والحرب المزعومة عليه والتي تنتهجها بعض القوى الدولية والإقليمية ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها الأوربيين والإقليميين هي التي تفسح المجال للتنظيمات الإرهابية وتعطيها الفرصة المناسبة لتضرب في أكثر من مكان وتتفلت من العقاب وتنتقل من مكان إلى آخر لتقوم بدور وظيفي جديد يصب في خدمة القوى التي تستثمر في إجرامها وتحقق لها مصالح ضيقة على حساب أمن واستقرار المجتمع الإنساني. |
|