كلمة أولى الصديقة القاتلة
ملحق ثقافي الثلاثاء20 /12/2005 حسين عبد الكريم بدلال، ومن غير دلال.. الكتابة صديقة مزمنة وقاتله.. شقيةٌ ونبيّةٌ .. كئيبة وشغوفة بضمائر الغائبن والحاضرين و قاتله..
وهي أكثر ما تكونُ قتلاً، حين تتلاقى مع وجع يواظب على تكوين حضوره، في جملة الروح المفيده، وحساسية الكائن المقبل على هواجسه، بكل الشغف والمحبة النبيله. ومن أين وكيف لنا أن نفرَّ من كلِّ حنيننا وضميرنا المتحفِّز للخوف، والحريه، والقلق المثقَّف، والعفوي، تجاه ما تلاقيه حياتنا الإنسانية، من كوارث وراءَها وأمامَها، ويميَنها وشمالها قوى كونيه، تقودها رغبة التدمير؟! الكتابة- في هذا الوقت- تزداد قتلاً،لأنها تزداد التصاقاً وحضوراً وتزداد نقمة وغيظاً، لتكون قادرة على التعبير عن الواقع ومتغيّراته. لسنا نجيد الشفاء من شغفنا .. إذاً لسنا نجيد النأي عن الكتابة، المنشغلة بأحوال الكآبة، قبل أحوال السرور، لأن الكآبة هي المرض، وتحتاج الرؤى الممتلئة عافية!؟ والشغف بهذا المعنى، ليس ترفاً جمالياً، أو سياحة واصطيافاً، في ممالك الحس، وفي مراتع الأحلام اللاهيه.. الشغف هذا، هو كونٌ متكامل، تبدأ حدوده من أول الأعصاب، والهمزات، ولاتنتهي إلا بالغياب، الذي يتلوه حضورٌ آخر، لايقلُّ شأناً-ربما!! جاهزيةٌ الكتابة من جاهزية الموهبة والتواصل المؤكّد، بين تكوينات النفس، والقناعات، وبين الوطن بكل ملامحه، وغيومه وأحزانه، وتمتماته، وصوته المرتفع، وبكل جراحه، وأناسه الذين يشبهونه أولاً وأولاً وأولاً. ولاأخيراً أو مؤجلاً في علاقة الكاتب هذه: المهر مدفوعٌ مسبقاً.. لاشيء في عمر الهموم، التي بهذا المستوى من الاشتعال، يبقى غير مدفوع.. الأحلام في غاية الاندفاع، والروح في غاية الروح، واليقظة المُرّة.. الكتابة حبيبةٌ في أقصى حالات الدلال، تريد كل حبيبها كبُرهان على الحب والعهود.. وهي في حالتها هذه قصيدة من نوع ممتاز..وبلاغة سياسية واجتماعية وتأمليه.. إنها الكتابةُ : الوطن المحبوب، حتى نهايات الوتر، وحتى آخر وأول نغمة، وحتى البقاء، المحروس بالقلق والكآبة والبقيّة الباقيه من الأحلام الميسوره، التي تنفق على نفسها من نفسها،حتى تُعّمرَ كالرِّيح والشجر العتيق وأصوات الجدات والينابيع. وتر واحد،وحبٌ واحد وصديقة قاتله،لانجيد إلاّها!
|