تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفنان المسرحي شامال عمر: خفت من اللعبة المسرحية طفلاً وعشقتها في الكـبر

ملحق ثقافي
الثلاثاء20 /12/2005
حوار: مصطفى علوش

يذكر الفنان والمخرج المسرحي «شامال عمر» صاحب مختبر لاليش المسرحي(فيينا) أن أول عرض مسرحي شارك فيه كان النص فيه للأديب وليد اخلاصي وحمل عنوان( سماع على ايقاع جيرك).

ويذكر أن الصوت والغناء في مفهوم المختبر لديه غايتهما ليست تعميق الفعل الدرامي ولايميلان الى المونتاج المشهدي أو ينحوان نحو التغريب المسرحي، بل يحاول المختبر تجاوز كل هذه التقنيات والأشكال القديمة والحاضرة أيضاً. أثناء فعاليات مهرجان قرطاج المسرحي الدورة 21 التقينا الفنان شامال عمر، وكان هذا الحوار: > صف لنا البيئة الاولى التي ساعدتك على حب المسرح؟ >> نشأت في عائلة ثقافية، فقد وعيت على اخوتي يعملون في الكتابة المسرحية والتمثيل ومنهم من كتب الشعر أيضاً، اضافة الى وجود مكتبة ثقافية ضمت الكثير من كتب المسرح والفلسفة، كما أنني شاهدت في طفولتي الكثير من العروض المسرحية. > هل ثمة أسباب أخرى قربتك من المسرح؟ >> سأسرد لك حادثة مزعجة وقعت لي بسبب المسرح. في بداية السبعينات من القرن الماضي وكنت طفلاً، حضرت عرضاً مسرحياً وخرجت منه لأنه لم يكن موجهاً للأطفال. ومع وصولي الى حديقة المكان. رأيت الممثل المقتول في العرض يتمشى في الحديقة. فشعرت بخوف شديد فصرخت وتجمدت في مكاني فاجتمع عدد من الممثلين والاصدقاء حولي. وهدؤوني وأقنعوني بأن التمثيل لعبة فنية. وأفهموني كيف تصير ممثلة ما امرأة حاملاً في المسرح هذا الخوف، الخوف من اللعبة بقي عندي، وعندما كبرت كنت امام سؤال كبير: المسرح واللعبة، نحن نلعب لنحقق ذواتنا، نحن لانموت على المسرح. > ومتى بدأت علاقتك الفعلية بالتمثيل والاخراج المسرحي؟ >> كانت فرقة السليمانية في العراق احدى الفرق المهمة وأعضاؤها من الفنانين أصحاب الخبرة في المسرح والعراقي. ومعظهم خريجو الدورة الاولى من معهد الفنون الجميلة في بغداد. واذكر من اسماء اعمالهم «الجمجمة» لناظم حكمت، وفي عام 1983دخلت أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد واختارني الفنان الكبير «ابراهيم جلال» طالباً عنده. وبالوقت ذاته كنت اعمل بالمسرح باشراف الاستاذ د.صلاح القصب. هذه المرحلة مرحلة الاكاديمية كانت مهمة لجيل الثمانينات لقد حصلنا على تجارب مهمة من د. عوني كرومي وشفيق المهدي، ود. عقيل المهدي، وفاضل خليل اما د.صلاح القصب فقدم لي الشيء الكثير على صعيد المسرح. > و متى كانت اول تجربة اخراجية لك في المسرح؟ >> في عام 1986أسست في مدينة السليمانية فرقة المسرح التجريبي على يد مجموعة من شباب المسرح في هذه الاثناء قمت بأول تجربة اخراجية من خلال عمل هو «القرد الكثيف الشعر» ليوجين أونيل، وبعدها اخرجت« بانتظار غودو» واعتمدت على امرأتين في تمثيل هذا العرض وقدمت هذا العرض على مسرح يضم « 60» كرسياً بدعوة من د.عوني كرومي في هذا الوقت لاأزال طالباً في معهد الفنون ببغداد لكنني في الوقت ذاته مديراً للمسرح التجريبي في السليمانية. > متى بدأ اهتمامك بالصوت باعتباره محوراً اساسياً في عملك الاخراجي؟ >> عندما بدأت بالاخراج المسرحي اهتممت بالصورة المسرحية، لكني اهتممت أيضاً بالصوت وقيمته، لدى د. صلاح العصب تعلمت قيمة الصورة في المسرح، وأثناء عملي في التمثيل وتجاربي المسرحي كنت أتابع إنشغالي بالصوت والصورة أيضاً. > لوعدنا الى تلك الحادثة المزعجة في طفولتك. ماذا بقي منها بعد أن انخرطت في العمل المسرحي؟ >> مع دخولي مجال المسرح تحول شعور الخوف الى شعور اللذة لأنني فهمت مبادىء اللعبة المسرحية ومع نهاية الثمانينات من القرن العشرين انشغلت بتعميق العملية الصوتية في المسرح كأداة للتواصل. وحاولت خوض بعض التجارب في هذا الاتجاه. رحلت عام 1991 الى فيينا في النمسا، وأريد التذكير ان هذه التجارب المسرحية التي عشتها كانت بمشاركة الفنانة نيكار حسيب (زوجتي) ومع وصولنا الى فيينا بدأنا مباشرة ببحث آخر لأننا صرنا نعيش في ثقافة اخرى. ومنذ عام 1991وحتى 1998-دخلنا غمار بحث مغاير في المسرح ينحو نحو صياغة اسئلة جديدة حول اشكالات خطاب الجسد في الزمكان وللغاية البحثية اسسنا عام 1998مختبر«لاليش» المسرحي في فيينا. > وماهي المحاور والمسائل التي انشغلتم بها في هذا المختبر؟ >> اقام مختبر لاليش مركزه الثابت الساعي الى ايجاد معرفة الصوت عبر المحتفل المراقب المشارك، المسرح كنشاط ابداعي انساني في مفهوم مختبر لاليش المسرحي هو مكان للتحول. إن تاريخ المسرح وخبراته المنجزة عبر تاريخه الطويل أوصلته الى القناعة الكاملة بأنه من الممكن أن يتخلى المسرح عن كل شيء لايحتاجه بالضرورة لتحقيق الفعل المسرحي، فيقذف به خارجاً.. عد ا الجسد، لماذا؟ لأن الجسد هو الانسان. في مختبرنا، نسمي هذه الخبرة المنجزة «عبادة الجسد» وهي في سياقاتها وأشكالها المختلفة احدى اهم الينابيع العضوية للانسان، ألا وهو الصوت. > وما طبيعة الجمهور الذي توجهون له هذا الشكل المسرحي؟ >> أوجه مسرحي لأولئك الذين يبحثون عن معنى لحياتهم. > ماهي آفاق التطور ضمن تجربتكم المسرحية هذه ؟ >> نحن نحاول ومن خلال الصوت خلق فن التواصل، من خلال الصوت نريد تجاوز حدود الثقافات نحو التواصل مع الانسانية ضمن هذا المعطى نحن لانستخدم الكلام كثيراً، إنما اعتمد على آلات موسيقية مختلفة لاسيما حين أقدم عرضاً لجمهور اوروبي، قد لايفهمون محتوى نص صغير من جلجامش مثلاً. لكن ايقاع الكلمة له تأثير كبير. لقد استفادت «نيكار» من نغمات الصوت من شعوب العالم، لإحداث التأثير المطلوب عبرها في المتلقي. > هل لديكم نية لنقل تجاربكم لأجيال الشباب في العالم العربي مثلاً؟ >> شاركنا في مهرجان القاهرة التجريبي من خلال ورشات متعددة. ولدينا مشاريع مستقبلية نحو المعاهد والاكاديميات العربية لنقل هذه التجربة. > كيف تفهمون الجديد في قضية المسرح؟ >> إن تاريخ المسرح هو تاريخ الجسد وهو تاريخ الصوت والكلمة وتاريخ الانسان، أرى أنه ليس هنا ك جديد في المسرح إنما هناك توظيف مغاير، فنحن نعمل مع أدوات المبدع القديمة الماضية، لكن بسياقات جديدة. > وكيف تفهم شعار انفتاح الذي طرحته دورة قرطاج المسرحية؟ >> الانفتاح مفهوم معقد، فهو أولاً هو انفتاح الفنان على ذاته، أي بحث الفنان عن وسائل جديدة للتعبير المسرحي، وحين ينفتح الانسان على ذاته فإنه ينفتح على العالم، والانفتاح في جوهره أخذ وعطاء وتبادل للقيم الانسانية قبل أن يكون تبادلاً للتقنيات. ثم إن الانفتاح لايخلق بين الانسان والادوات إنما يحدث بين إرادتين، رغبتين، يحدث الانفتاح عندما يوجد الانسان في علاقته مع الانسان الآخر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية