تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العنصـــــرية تحكـــم سلـــوك نتنياهـــو

شؤون سياسية
الثلاثاء 19-5-2009م
علي سواحة

ما الذي ينتظره الرئيس أوباما والعرب من نتنياهو رغم وضوح أهدافه وبرنامجه السياسي والمواقف التي يعلنها كل يوم ضد السلام العادل ؟

فلا يمر يوم منذ أن تسلم رئاسة الحكومة إلا ويعلن فيه نتنياهو أو أحد أركان حكومته عن تفاصيل المشروع الصهيوني ، وبالأمس القريب شاهد العالم أجمع الارهاب الذي قامت به قوات الاحتلال لمنع أنشطة ثقافية لاحتفالية مدينة القدس كعاصمة للثقافة العربية كعنوان للتدليل على أن حكومة نتنياهو لن تتهاون أبداً في مسألة القدس التي تعتبرها عاصمة أبدية لاسرائيل ولأن هذه الحكومة تعتبر سكان القدس بمثابة ضيوف مكروهين وثقلاء ،إذ لا يتعين عليهم سوى الخضوع المطلق لحكم اسرائيل أو الرحيل.‏

وبالطبع تريد حكومة نتنياهو من هذه المواقف إرسال رسالة للعالم أجمع ولكل من يسمع ومن لا يسمع بما فيه أًصدقاء وحلفاء اسرائيل مفادها أنه لا مساومة على القدس ولا شراكة عليها مع أحد من الفلسطينيين وأن هذه المدينة المقدسة ليس لها علاقة لا بالعروبة ولا بالثقافة العربية ولا بشيء يمت فيها للعرب بصلة .‏

وهذا هو بالطبع حال العقيدة الصهيونية التي كانت وستبقى قائمة على هذا المفهوم وعلى أن القدس هي العاصمة الأبدية للدولة اليهودية التي أكد عليها الوزير ليبرمان المتطرف وبحيث تبقى القدس وفقاً لهذا النهج مدينة مكبلة ومحاصرة وكأنها تعيش حالة موت بطيء لا دور لها ولا حياة فيها حتى تحين اللحظة الحاسمة لالتهامها كلها وإعلانها بالتالي مدينة يهودية خالصة وعلى هذا الطريق الطويل لا ترى حكومة نتنياهو حاجة لتمويه مشروعها هذا أو التستر عليه بل هي تمضي رغم أنف العالم بأسره في خطواتها الميدانية لتحقيق أغراضها دونما تردد أو خوف من أحد، مستفيدة كما يبدو من بعض الشهامة لبعض العرب بأن عليهم التروي والانتظار أو الصبر الذي يبدو أنه صبر بلا حدود .‏

حكومة نتنياهو اليوم واضحة في مشروعها كل الوضوح ، فهي التي رفضت حل الدولتين رغم مرارة هذا الحل وأيضاً ترفض المبادرة العربية للسلام وكل المقترحات الدولية والتنازلات العربية بشأنها لأن ما يهمها فعلاً هو ما يجري على أرض الواقع حيث تتسابق مع الأيام لتغير الحقائق لصالح مشروعها الهدام.‏

إن حكومة نتنياهو تؤكد اليوم برفضها حل الدولتين وعدم الدخول في مفاوضات بشأن القدس وحق عودة اللاجئين والرافضة بالعمق لكل المقترحات الدولية تقول للجميع مهما كان موقعهم إن الفلسطيني غير مرغوب به في كامل فلسطين التي يجب أن تكون دولة يهودية اليوم، وأن على الجميع أيضاً أن يرضى بهذا الواقع بغض النظر عن محادثات تجرى هنا أو هناك مع الفلسطينيين أو غيرهم طالما هي محادثات تؤجل بشكل أوتوماتيكي إلى ما لا نهاية لأن الأساس في برنامج حكومة نتنياهو هو الاستمرار في الاستيطان في القدس /500/ ألف مستوطن في الضفة والاستمرار في بناء جدار برلين العنصري رقم 2 بطول 650 كيلو متراً ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية والمؤسسات واعتقال كوادر المقاومة وإبعاد المزيد من سكان القرى الفلسطينية ومصادرة أراضيهم وتعطيل أي نشاط اقتصادي أو عمراني لهم وتفكيك وشرذمة العائلات الفلسطينية عن بعضها البعض وبالتالي تحويل القدس المحتلة إلى صحراء جدباء لا حياة فيها تمهيداً لإسقاطها نهائياً في قبضة الصهاينة.‏

هذا هو المشروع الذي جاء من أجله نتنياهو وفريقه اليميني المتطرف على نتيجة الناخب الاسرائيلي الذي برهن بذلك أنه لم يكن يوماً ما إلا في غاية التطرف والعداء للعرب .‏

إن مشروع الصهاينة على الرغم من أنه أصيب بنكسات حقيقية في صمود غزة ولبنان والعراق إلا أنه في حقيقة الأمر هو اليوم في ظل حكومة نتنياهو يسرع الخطا لتعويض خسارته تلك قبل أن تحقق المقاومة العربية مفاجآت جديدة في جولات جديدة إذ إن رياح التآمر مهما كبر حجمها على هذه الروح المقاومة فهي مصممة على أن تجعل المشروع الصهيوني الدموي يترنح مع أصحابه الوافدين من رياح الأرض الأربع، وعلى هذا يعمل الصهاينة على محور للالتفاف على تلك الروح المقاومة في الجانب العربي عبر إلهاء العرب بوعود مزيفة وحلول مقزمة تحتاج أصلاً لحلول لتفسيرها.‏

إن الأشهر القليلة القادمة كفيلة بأن تكشف حقيقة هذه المواقف وإن كانت هي مناورات تكذبها الحقائق التي مازلنا نعيشها بفصولها المأساوية منذ عام النكبة 1948 إلى اليوم فهل من متعظ.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية