لتستكمل مسيرة حياتها بكثير من الصبر والجلد للوصول إلى هدفها والحفاظ على كينونتها كأنثى وجدت نفسها فجأة مسؤولة عن أسرة مكونة من شقيق بترت قدماه إثر قذيفة أودت بحياة أمها التي كانت منبع الحنان والأمان ومصدر قوتها. وأخت تصغرها سناً تحتاج لمن يرعاها ويقدم لها العون والحنان الذي افتقدته هذه الأسرة. والجد الذي يشكل بالنسبة لهم الركيزة والأساس والمرجع للجميع.
اختارت الكاتبة في سردها الروائي صفة المتكلم لتكون روايتها أقرب ما يمكن أن تكون للواقع الحياتي الذي يحتل حيزاً كبيراً لكل شخوص الرواية ومعاناتهم من هموم ومتاعب خلفتها الحرب على معظم البشر، محاولة استحضارهم والعمل على قيادتهم لشاطئ الأمان.
وفي الوقت عينه تتعرض البطلة لخيبة أمل كبيرة عندما تفقد ثقتها بالشخص الذي أحبته ووثقت به. تفاجأ بغدره لها بعدما وثقت به، لتغلق باب قلبها وتعتقد أنها لن تعيش قصة حب بعدها، لكن سرعان ما يتسرب حب آخر لقلبها فيؤرق مضجعها ويحول عالمها إلى جنة وردية مسورة بالرومانسية والجمال وصدق المشاعر مع أستاذها الجامعي يامن، ومنذ الوهلة الأولى استطاع من خلال مسافة ليست ببعيدة أن يسيطر على مشاعرها ويبعدها عن مساحات الحزن الشاسعة وحجم الفجيعة التي خيمت على كيانها في هذه الحرب التي مازالت تدور رحاها في وطنها الجريح.
تسعى البطلة رغد لإرضاء كل من حولها وإسعادهم. تعيش لحظات السعادة مع أستاذها الذي غمرها بكل المشاعر النبيلة لتكون عاشقة الزمان والمكان ولكل ياسمينة تتعربش على جدران كل بيت دمشقي تنتشي لعبقه نفوس العاشقين..هذا الحب الذي يجعلها بعيدة عن الحقائق والوقائع. تطير كفراشة بأجنحة السعادة دون أن تدري إلى أين تطير ولكن محبة الأصدقاء لها وخاصة صديقها حسين الذي فاجأها بحقيقة أستاذها يامن تصطدم بجدار الخيبة الهش لتجد نفسها في مستنقعها.. ضاعت شماعة الأمل التي علقت عليها كل أحلامها وآمالها.
يضعها يامن بين خيارين أشدهما مر ومؤلم ويقتلها بكلامه الذي كان يخبئه تحت رداء شخصيته المصطنعة وجاذبيته التي أودت بها كقتيلة في غرامه الذي التف حول عنقها كشرنقة.
الرواية بهذا السياق الدرامي المكثف والتراكيب البنيوية وانسيابه الجمالي والشاعري الحزين يخترق القلوب المتعطشة برائحة الأمل المنبعثة من روح الكاتبة وإبداعها ضمن تراكيب متراصة متجانسة لفن الرواية النسوي، الذي ينساب كنهر دافئ تتغلغل شرايينه في مساحات روح القارئ الذواقة وتوقه لزفرات الحب بعيداً عما يشحذ المشاعر من مأساويات الحياة ومواجعها الكبرى في عصر الحروب التي سرقت منا أجمل لحظات العمر.